«هيئة السياحة» تحث المهندسين على استغلال الفرص المتاحة في التراث العمراني

في ظل ندرة المكاتب المتخصصة في مجال البناء القديم

تعمل السعودية على تأهيل الاستشاريين في مجال التراث العمراني دعما للتوجهات الشعبية للاهتمام بالتراث (تصوير: خالد الخميس)
TT

حث مركز التراث العمراني الوطني في السعودية جميع المكاتب الاستشارية بالمبادرة واستغلال الفرص المتاحة حاليا في مجال التراث العمراني، من خلال تكوين فريق هندسي واستشاري مميز ومتخصص، لتقييم عمل المكاتب الاستشارية الكبيرة والصغيرة في البلاد.

جاء ذلك خلال ورشة العمل التي نظمها مركز التراث العمراني الوطني بالهيئة العامة للسياحة والآثار تحت عنوان «تأهيل الاستشاريين في مجال التراث العمراني»، في العاصمة الرياض، حضرها عدد كبير من مسؤولي هيئة السياحة والمكاتب الاستشارية والمهندسون والمتخصصون في مجال التراث العمراني.

وأكد الدكتور مشاري النعيم المشرف على مركز التراث العمراني الوطني، أن هذه الورشة تأتي في إطار سعي الهيئة ممثلة في مركز التراث العمراني الوطني إلى تطوير العمل في مجال التراث العمراني ورفده بالكوادر المؤهلة والمتخصصة من خلال دعم الاستشاريين العاملين في هذا المجال وتأهيلهم وتفعيل دورهم في التنمية الشاملة.

وأضاف: «تهدف الهيئة إلى إشراك المجتمع المحلي في برامج التنمية السياحية المستدامة من خلال إيجاد فرص عمل مناسبة، ومنها البناء بالمواد التقليدية في القرى التراثية التي ستسهم في تشجيع الاستثمار ورفع المستوى المعيشي لفئات المجتمع، ومن بينهم الشباب إضافة إلى تطوير العمل الهندسي في مجال التراث العمراني والتخطيط داخل القرى والبلدات التراثية بما لا يؤثر على طابعها العمراني التراثي مع تفعيل دور المكاتب الاستشارية في الحفاظ على التراث العمراني، وتأهيلها للعمل في المباني التراثية.

وأوضح النعيم أن هناك عملا متسارعا ومتزايدا في مجال التراث العمراني ومشاريع مستقبلية ومميزة في هذا المجال، متمنيا عودة الحوار حول هوية العمارة بالمملكة من جديد، مشيرا إلى أن هناك نقصا شديدا في الاستشاريين والمتخصصين في مجال التراث العمراني على مستوى مناطق المملكة في ظل وجود 2000 موقع تراث عمراني بالمملكة تحتاج للتأهيل والتطوير، موضحا أن الورشة ركزت على أهمية الحوار بين المعماريين وما تحتاجه سوق العمارة في السعودية وكيفية الارتقاء بالمكاتب الهندسية وفق معايير وضوابط معينة، معتبرا المشاريع المميزة في التراث العمراني بصمة للمعماريين في العالم بجانب كونها قيمة اقتصادية وثقافية ومهنية، ولفت النعيم إلى أن مركز التراث العمراني ينفذ مشروع سجل وطني للتراث من خلال قانون سيصدر قريبا، بالإضافة إلى ما صدر من قرارات أخيرة من عدة جهات حكومية لحماية التراث.

واستعرض المهندس صالح العمرو رئيس الهيئة السعودية للمهندسين دور الهيئة في تأهيل المكاتب الهندسية في مجال التراث العمراني، وتنظيم العمل الهندسي بجانب الرقي بالمهنة والحفاظ على التراث العمراني، مشيرا إلى أن أهم القضايا في المشاريع التراثية تكمن في ندرة المكاتب الاستشارية الهندسية المتخصصة في مجال التراث العمراني، وإدارة المشاريع الميدانية في هذا المجال وعدم وجود معايير لتأهيل المكاتب الهندسية في مجال التراث العمراني بجانب الاختلاف الكبير في عطاءات المشاريع التصميمية بين المكاتب وقلة الجودة والتأخر في التنفيذ.

وحدد المهندس علي الشعيبي معايير تأهيل المكاتب الاستشارية في مجال التراث العمراني من خلال بناء القدرات المحلية، وتأهيل الأفراد والتوافق مع النظام التعليمي لتكوين مخرجات فريق فني مميز، مؤكدا على أن الأمر يحتاج لتكاتف الجهود بين الجامعات وهيئة المهندسين وهيئة السياحة. ومن جانبه تحدث الإسباني أدلفو سانتشيت ـ من مجموعة ترميم التراث العالمية ـ عن مبادئ الترميم، موضحا أن هناك تواصلا بينهم وبين هيئة السياحة لتقديم خبرتهم للمملكة ذات التاريخ التراثي العظيم، وذكر المهندس صالح قدح معايير العمل الاستشاري في القرى التراثية وأهدافها ومن أهمها الإبقاء على قيمها التاريخية والتراثية، مشيدا بالتوجه الجاد من قبل هيئة السياحة لتنفيذ مخططات تطويرية وتنفيذية تشمل بعض البلدات والقرى التراثية ومبانيها التاريخية بما يحمل ذلك من منافع اجتماعية واقتصادية وثقافية وبيئية ومنفعة للمجتمع المحلي وازدهاره وإحياء الذاكرة للموروث الثقافي والتاريخي بما يخدم الأجيال القادمة، ويجعل من هذه المواقع مواقع جذب سياحي.

وعرض المهندس فارس الشمري مشروع تطوير بلدة شقراء، موضحا أن الهدف من إعداد المخطط العام لوسط شقراء التاريخي هو المحافظة على الطابع المعماري والعمراني التاريخي للمدينة وإبراز قيمها وجمالياتها، وأيضا تقوية الاقتصاد المحلي بإحياء الوظائف التقليدية بتشجيع الاستثمار والسياحة، فيما ناقش المهندس حمد الشقاوي عضو الأمانة العامة للهيئة السعودية للمهندسين موضوع «العمارة التراثية بين الواقع والمأمول».

يذكر أن الورشة شهدت الكثير من النقاشات والمداخلات، وأبدى بعض مسؤولي المكاتب الهندسية والاستشارية الصغرى تخوفهم من سيطرة المكاتب الكبرى التي تبتلع فرصهم في هذا المجال، وأشار المهندس صالح قدح إلى أن الكثير من القرى التراثية معرضة حاليا للاندثار، مطالبا باتخاذ قرارات سريعة لحمايتها، وقد خرجت الورشة في نهاية أعمالها بعدد من التوصيات كان من أبرزها: تطوير المكاتب الاستشارية في مجال التراث العمراني وتحسين أدائها، وحصر المكاتب الاستشارية العاملة في مجال التراث العمراني، إلى جانب التعريف بمعايير العمل الاستشاري في القرى والبلدات التراثية، وتحديد نقاط القصور لدى المكاتب الاستشارية العاملة في مجال التراث العمراني.