خبراء يقترحون تبني تجارب عالمية لتحويل أسر المدن الصناعية إلى منتجين

فتيات أعمال يشتكين إلى الوزير ارتفاع إيجارات الأسواق

الأمير خالد الفيصل لدى جولته في المعرض المصاحب لمنتدى الاسر المنتجة في جدة أمس (تصوير: عبد الله بازهير)
TT

دعاء خبراء إلى تحويل سكان المدن الصناعية، البالغ عددها 15 مدينة، موزعة على المدن والمناطق السعودية، إلى أسر منتجة، تعمل في الشركات السعودية والعالمية المستثمرة في تلك المدن، لتكون شبيهة بمدن عالمية كما هو الحال في كوريا الجنوبية وتايوان والصين.

يأتي ذلك في وقت طالبت فيه عدد من سيدات الأسر المنتجة الدكتور يوسف العثيمين، وزير الشؤون الاجتماعية خلال منتدى الأسر المنتجة في مدينة جدة، بإنشاء سوق دائمة وثابتة بإيجارات رمزية، بعد أن تسبب رفع إيجارات الأسواق التجارية في تعثر أعمالهن وعدم استمرارها، خاصة أن تلك المهن أسهمت في تحويلهن من أسر تعتمد على الجمعيات الخيرية إلى أسر منتجة تدعم الاقتصاد المحلي.

وأوضح عمر أحمد باحليوة، الأمين العام للجنة التجارة الدولية لـ«الشرق الأوسط»، أن توجه الشركات وخاصة في المدن الصناعية الموجودة في السعودية نحو فتيات الأسر المنتجة لتوظيفهن في عدة مهن في مقراتهن، الأمر الذي ينعكس على توفير المصاريف الإدارية لتلك الشركات بنسب كبيرة، إضافة إلى القضاء نهائيا على البطالة، وخاصة في جانب الفتيات، مما يسهم في تقليص عدد العمالة الوافدة وتوفير رواتبهم الباهظة.

ولفت باحليوة إلى أن هذا الإجراء هو عبارة دورة تكاملية اجتماعية واقتصادية، حيث تستفيد منها الشركات والأسر والجهات الحكومية التي تخفف عليها الضغط من مواصلات ومرور وغيرها من الإجراءات المرتبطة بعمل الموظفين.

وشهد منتدى الأسر المنتجة، والذي افتتحه الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة، جدلا كبيرا بعد أن رفضت النساء العاملات في مهن مختلفة حصر توجه الجهات الحكومية فقط على الدورات والتسهيل لمنح قروض لدى الجهات البنكية، معتبرات أنهن تجاوزن تلك المرحلة، ويفكرن في التوسع التجاري، وأن المشكلة الكبرى التي تواجهن هي عدم وجود أسواق مناسبة لأعمالهن، حيث تتراوح أسعار إيجارات المحلات ما بين 60 و300 ألف ريال في حين أن رأس المال العامل لتلك الفتيات لا يتجاوز 30 ألف ريال وهو ما يسهم في تعثرهن والحيلولة دون استمرارهن.

وأشار الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين، وزير الشؤون الاجتماعية، على هامش المنتدى لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هناك دورات تدريبية للأسر المنتجة لزيادة الخبرات لديهن، لذلك أصبح الملتقى جزءا من أجندة الفعاليات المهمة التي تعقد في مدينة جدة، لإلقاء الضوء على الأسر المنتجة وما تقوم به الجهات من دعم لهذه الفئة المهمة في الدولة.

وقال الوزير العثيمين «يجب على الجميع أن يدرك أن هذه الأعمال ليست عملا خيريا وليس بازارا خيريا، فهو عمل تجاري من الدرجة الأولى بحاجة لدعم فني ونوع من دعم وتحفيز الجهات لكي يتم تطوير هذه الحرف والمهن وتأخذ مكانة جيدة في البلاد».

وحول وجود برامج حديثة ستخصص من قبل الشؤون الاجتماعية قال الوزير «نعم تم إطلاق التدريب الحرفي للنساء بنحو 65 مليون ريال تخصص لهذا البرامج، من خلال اتفاقيات تمت هذا العام من خلال الحزمة التي جاءت من قبل خادم الحرمين الشريفين وتم التعاقد كذلك مع عدد من الجمعيات الخيرية بمختلف مناطق السعودية لتدريب السيدات على مختلف الحرف، وكذلك هناك تمويل من قبل الكثير من الجهات الحكومية والأهلية كبنك التسليف والادخار الذي يقدم قروضا تصل إلى أكثر من 100 ألف ريال، وهناك مساعدات وقروض من قبلنا للجمعيات الخيرية التي تعطي قروضا صغيرة تسمى القروض (الدوارة)، حيث تم دعم مشاريع فردية على مستوى السعودية بنحو 1900 مشروع».

واعتبر الأمير خالد الفيصل، أن هذا المشروع رافد قوي للاقتصاد السعودي، وقال «لقد سرني الاهتمام بهذا الرافد القوي للاقتصاد السعودي من الجهات الحكومية ذات العلاقة»، مطالبا «ببذل المزيد من الجهد والاهتمام لتطوير هذا المشروع الاقتصادي المهم».

وتطرقت الجلسة الأولى خلال المنتدى الذي حمل عنوان «الأهمية الاستراتيجية لمفهوم الأسر المنتجة في الاقتصاديات العالمية» في موضوعها الأول للأهمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لتفعيل الأسر المنتجة في السعودية. وتحدث في بداية الجلسة عمر بن أحمد باحليوة، أمين عام التجارة الدولية، عن الاستفادة من التجارب الدولية في التكامل الاقتصادي للأسر المنتجة، وقال إن الأسر المنتجة عامل مهم للتوظيف، معرجا على أن الأسر المنتجة تحتاج إلى تنسيق متكامل بين الممول والمسوق والإنتاج.

وتحدثت الدكتورة نجاح سلامة، وكيلة كلية الاقتصاد والإدارة بجامعة الملك عبد العزيز، عن أهمية عمل المرأة وتعدد المجالات التي يمكن أن تؤديها من خلال منزلها، مشيرة إلى الأهمية الاقتصادية لتفعيل دور الأسرة وذلك من خلال تنويع مصادر الدخل في المملكة وللفئات التي ربما تجد صعوبة في الحصول على وظيفة في القطاعين الحكومي والخاص. وأشارت سلامة إلى الدور الذي يمكن للحكومة أن تضطلع به لرفع مستوى المعيشة للمواطنين من خلال البرامج الداعمة للأسر المنتجة، وهو الأمر الذي سيخفف العبء عن الحكومة في توفير الوظائف الحكومية لدى قطاعاتها المختلفة، والتي مهما وفرت من وظائف فإنها لن تستطيع كطاقة استيعابية توفيرها للجميع.

وتطرقت الدكتورة نجاح إلى أهمية تخفيض نسبة البطالة بين الإناث، وأن هذا الأمر لن يتأتى بشكل صحيح إلا من خلال دعم مشروع الأسر المنتجة، مطالبة بنشر مفهوم المهارة والكفاءة التسويقية التي يحتاجها القطاعان العام والخاص مما يعمل على تعزيز قطاع الصناعة بالمملكة.