«أكثر من قهوة».. بيئة شبابية تتبنى رفع قيم المشاركة في المشاريع

مقهى ناطق يجذب الشباب لزيارته بشكل يومي

إعلان حملة تطوعية على الجدار الناطق في أحد المقاهي الشبابية بالرياض («الشرق الأوسط»)
TT

يوم عن يوم، تشهد المدن السعودية تطورا في المشاريع الريادية، وأصبحت المقاهي جزءا لا يتجزأ من أحياء وطرقات الرياض، حيث يتنافس مقدمو الأغذية ومالكو المطاعم على إنشاء مقاه شبابية لجذب شرائح متعددة من الشباب بشكل يومي للتمتع بأصناف متعددة من القهوة والشاي والمشروبات الباردة في الصباح وحتى الساعات المتأخرة ليلا.

وتزداد وتيرة التنافس بين المقاهي في ابتداع أفكار جديدة لاجتذاب الزبائن وما يرقى لتلبية احتياجات أكبر فئة منهم، كمقهى «أكثر من قهوة» الذي اعتمد عنوانه تبيانا لطبيعته التي انبثقت من فكرة المقهى في عرض أدوات ذات خيارات متعددة لجذب الشباب وإيقاف تذمرهم من عدم وجود مكان ممتع بمدينة الرياض، فاعتمد فكرة المشاركة كقيمة أساسية له في دعم ومشاركة الشباب في مشاريعهم الربحية وغير الربحية من خلال جدران ومساحات للكتابة مساحتها لا تتجاوز المترين، للتسويق لمنتج أو فكرة أو الإعلان عن نشاط، كإعلان عن المتاجر الإلكترونية، وإعلانات لنادي القراءة بجامعة الملك سعود، وعرض لتجارب شخصية على الجدار من صور وكتابات أو فيديو يعرض باستمرار في شاشات المقهى.

ابتكارات جديدة قدمها «أكثر من قهوة» لرواده، حيث أنشئت بداخله غرفة اجتماعات سماها ملاك المقهى بـ«الغرفة المرنة» نظرا لمرونة محتوياتها وفقا لمتطلبات الاجتماعات التي ستعقد فيها من رواد الأعمال أو ندوات الجمعيات التي تطلب المشاركة، حيث توجد فيه طاولات مرنة قد تفك ويعاد تركيبها أو تتوسع لتشمل الحضور جميعا.

وذكر محمد المطيري، المدير التنفيذي، أن المقهى استضاف جمعيات خيرية لإقامة ندوات كجمعية حركية للكبار المعاقين حركيا واستضاف شخصيات ونوادي لها تجارب جاذبة في ميادين مختلفة لإثراء الشباب بالتجارب الإنسانية، وأيضا الاستفادة من الاطلاع عن قرب على شخصيات مؤثرة في الشباب كتجربة دعم التطوع من نجيب الزامل عضو مجلس الشورى السعودي، وتجربة عبد الله الخريف في الكتابة الساخرة، فضلا عن زيارات مشاهير البرامج السعودية على موقع «يوتيوب» لعرض تجاربهم، من دون احتساب مبلغ على استضافة الجهات أو الأشخاص، وإنما فقط على ما يطلبه الحضور من مشروبات أو مأكولات خفيفة من المقهى.

وفي سبيل إرضاء جميع الفئات الزائرة أنشأ القائمون على المقهى غرفة «صامتة» جعلها القائمون عليها خاصة لجلوس شخص واحد للقراءة أو الاستذكار بهدوء، في جو يعزل الزائر عن الضوضاء الخارجية بإنارة هادئة. ولم يمنع عدم وجود فرع نسائي للمقهى من توقف العمل، حيث استقطب المقهى سيدات عاملات في مجال إنتاج وبيع الحلويات والمخبوزات، في قائمة المأكولات الخفيفة في المقهى لتتم مشاركة الأرباح معها. ويطمح المطيري إلى تفعيل هذا النشاط بشكل أوسع للاعتماد بشكل كامل على الحلويات اليومية المنتجة من خلال الأسر والسيدات العاملات في بيوتهن.

ويذكر المطيري لـ«الشرق الأوسط» أنه يعتبر «أكثر من قهوة» بيئة ذات خيارات تحفز الشباب على المشاركة، ويقول «ركزنا في الوقت الراهن على إقامة مقهى خاص بالشباب لأن القائمين عليه وضعوا نصب أعينهم احتياجات الشباب المختلفة، وربما خلال الفترة القادمة قد نستطيع تجميع الأفكار لعمل مقهى آخر يلبي احتياجات الفتيات عن طريق مجموعة تكوّن رؤيتها نحو الأفكار التي ستخدم مقهاهن الخاص مستقبلا».

وعلى خلفية نجاح فكرة المقهى والإقبال المتزايد من الزوار بشكل يومي، يشير المطيري إلى أن العوامل المحيطة بالمشروع لم تشجع على البداية فيه، كونه قائما على مجهودات طلابية بحتة في المساعدة في التمويل وتصميم المقهى وشعاره، فضلا عن إدارته بشكل كامل والتسويق له، لكن الإيمان العميق من قبل مؤسسي المشروع جعل هناك وهجا كبيرا من حوله ليقبل الشباب عليه ويصمد إلى الآن منذ إنشائه رغم العوائق الكبيرة التي واجهها المشروع وما زال يواجهها، فقد فتح أمامهم بابا لفرص عظيمة أتيحت من خلاله. ويختتم بأن المقهى لا يزال لم يؤد أكثر من 30 في المائة من تطلعات مجلس الإدارة على ما هو عليه.

واعتمد المقهى بشكل كامل على التسويق الإلكتروني لضمان وصوله لأكبر شريحة من الشباب المستخدمين للشبكات الاجتماعية على شبكة الإنترنت، بالتفاعل عن طريق أدوات الإعلام الرقمي، التي تسمح للمعلن بالتواصل بشكل مباشر مع العملاء وتقييمهم له على أساس هذا التواصل؛ مما أدى إلى زيادة الوعي حول طرق جذب العملاء وإشباع حاجات الشباب في مختلف الأعمار داخل المقهى، كإقامة المسابقات والفعاليات المختلفة، كمسابقة تصميم ملابس عاملي المقهى والتصويت لأجمل تصميم، حازته لاحقا أحد المصممات بالمنطقة الشرقية.

مازن الضراب، أحد مؤسسي مشروع «أكثر من قهوة» والقائمين على الجانب التسويقي منه، ذكر أن حساب «أكثر من قهوة» على الشبكات الاجتماعية «تويتر» و«فيس بوك» أخذ حظوة كبيرة حين اتخذوا وسيلة التواصل الفعّال مع المتابعين باستمرار من خلال تحوله إلى حساب تسويقي ناطق يحدث المتابعين عن جديده ويدعوهم بأسلوب ممتع لزيارته، وتارة يقيم فعاليات ومسابقات لجذبهم، وهو برأيه أسلوب تسويقي ناجح، كون بعض الشركات الكبرى اتبعته من خلال اتخاذها لشخصية معينة للتحدث عنها بينما اكتفى المقهى بالتعبير عن ذاته.