قد يرى البعض إتقان لغة أخرى غير الإنجليزية مستهجنا في المجتمع السعودي, وربما يراه آخرون ترفا لا حاجة له، لكن لدى المتعلمين شغف نحو فتح نافذة أخرى للتواصل مع العالم من حولهم، ومن ذلك ما اتجه له الشباب في السعودية خلال الأعوام الأخيرة نحو تعلم اللغات الشرق آسيوية، لا سيما اليابانية والكورية.
ولم يكن ذلك التوجه سوى موجة ركبها الشباب من الجنسين خلال الأعوام المنصرمة، نتيجة لنشاط ترجمة الدراما الكورية والرسوم المتحركة (الإنمي) اليابانية باللغة العربية والإنجليزية، مما أدى إلى هوس بالثقافة اليابانية والكورية لوسامة تراها الفتيات في الآسيويين، وما يراه الشبان من إثارة في ألعاب الفيديو والقصص المصورة اليابانية (المانغا).
فيصل المليك، خريج لغة يابانية من جامعة الملك سعود، يرى بمنظوره أن نسبة بسيطة تشكل 2-3 في المائة فقط من متعلمي اللغات الآسيوية لديهم شغف بإكمال الدراسات العليا في اليابان أو كوريا، والنسبة المتبقية لا يتعدى تعلمهم اللغة البسيطة التي تساعدهم في فهم مصطلحات التواصل اليومي مع اليابانيين في السفر والسياحة.
ويشير المليك إلى أن تعلم اللغة اليابانية لم يكن له مردود عليه سوى في مدة ابتعاثه البسيطة بعد تخرجه في الجامعة إلى اليابان، في مجموعات التبادل الثقافي بين السعودية واليابان لمدة لا تزيد على شهرين، كونه يستخدم في عمله الحالي اللغة الإنجليزية وحدها.
وتبين مريم مجدي، منسقة الدورات بالسفارة الكورية لدى السعودية، وجود توجه من سفارة كوريا لفتح مركز ثقافي لتعليم اللغة الكورية بمدرسين مختصين، وبتمويل من دولة كوريا.
وذكرت مجدي لـ«الشرق الأوسط» أن الحماس غمر المستشار الثقافي والسفير الكوري بعد نجاح التجربة في فتح المجال للالتحاق بدروس مبادئ اللغة الكورية منذ عامين، بكادر تدريسي بسيط، يشمل زوجات الدبلوماسيين ومعلمين من مدرسة كورية في الرياض، تطوروا بعده في وضع مستويات لتعلم اللغة حتى وصلت المتعلمات للمستوى الثالث، مما مكنهن من المشاركة كمترجمات في محافل عدة، كركن كوريا الضيف في معرض التعليم الدولي، ومهرجان الجنادرية الثقافي بالرياض، وكمتطوعات للترجمة في مناسبات متعددة بالسفارة.
وتذكر ندى الجمل، طالبة الدراسات العليا وعضو هيئة التدريس بجامعة الأميرة نورة، أن تعلمها اللغة اليابانية كلغة أكاديمية بحتة كان من برامج السفارة الثقافية، كي تكون لغة ثالثة تتقنها إلى جانب العربية والإنجليزية لمتطلبات الدراسة في مرحلة الدكتوراه.
وإلى جانب شغفها بالثقافة اليابانية فإن تعلم اللغة كان بالنسبة لها سهلا من خلال الكتب والمواد المرئية والمسموعة، كونها لا تحوي قواعد كثيرة، علاوة على ضمان تميزها عن المتقدمات الأخريات لدراسة الدكتوراه.
وتعارض الجمل صرعة تعلم اللغة اليابانية لمجرد التباهي من دون هدف للاستمرار في إتقان اللغة، فدراستها تتطلب الجدية في الهدف وطموحا لإكمال الدراسات العليا أو العمل بنفس اللغة، كون اليابانيين يطمحون إلى جذب السياح من أعراق جديدة وجذبهم للتعلم والعيش في بلادهم.
وذكر مصدر من السفارة اليابانية بالسعودية لـ«الشرق الأوسط» إغلاق باب استقبال الطلاب الراغبين في دروس اللغة اليابانية لعدم وجود معلمين مختصين ومتفرغين، فضلا عن عدم وجود مترجمين سعوديين مختصين في السفارة، وعلى الرغم من بدء إعطاء الدروس في الأعوام الماضية، فإن الطلاب السعوديين لم يصلوا لمستويات أكاديمية عالية لإتقان اللغة حتى يصبحوا مترجمين ومعلمين بالسفارة.