غموض في إقرار منهج حقوق الإنسان بمدارس التعليم العام

صورة ضوئية للخبر المنشور في «الشرق الأوسط» العام الماضي
TT

اكتنف الغموض مستقبل تدريس مادة حقوق الإنسان لطالبات وطلاب مراحل التعليم العام بالسعودية، وبات في حكم المؤكد تأجيل تدريس المادة إلى أجل غير مسمى.

وفضل الدكتور صالح الشايع، مدير عام المناهج بوزارة التربية والتعليم، القول لـ«الشرق الأوسط»: «لست مخولا بالإجابة وما تستفسرون عنه ستجدونه لدى المتحدث الرسمي باسم الوزارة».

وكان الشايع ذاته أعلن في 13 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2010 موعد تدريس مادة حقوق الإنسان اعتبارا من العام الدراسي الذي سينتهي خلال أسابيع، وهو ما لم يحدث حتى الآن.

وعلى الطرف الآخر، تعهد محمد الدخيني، المتحدث الرسمي باسم وزارة التربية والتعليم، بإيضاح كل ما يخص مستقبل تدريس مادة حقوق الإنسان، لكنه في نهاية الأمر فضل الصمت هو الآخر، ولم يرد على الاستفسارات الموجهة له من «الشرق الأوسط» عبر وسائط الاتصال المختلفة على مدى أكثر من أسبوعين.

وشارف العام الدراسي على نهايته وما زال أولياء أمور الطلاب في انتظار إدراج مادة حقوق الإنسان ضمن مواد التعليم العام، على أمل رفع مستوى الثقافة الحقوقية لدى أبنائهم، وعلى الرغم من التصريحات التي صدرت عن مسؤولين داخل وزارة التربية والتعليم باعتماد المنهج وتدريسه في العام الماضي، فإنه وكما يبدو أن الوزارة لا تزال تدرس أهمية إدراج المادة ضمن مناهجها.

ويرى الدكتور عبد الله الفوزان، أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك سعود بالرياض، أن إدراج مادة حقوق الإنسان في المناهج السعودية لا بد أن تسبقه تهيئة ظروف اجتماعية «تدريس وتطبيق مبادئ حقوق الإنسان والثقافة الحقوقية في المجتمع لا يكفي، إذ لا بد من عملية توازن ما بين سن الأنظمة والقوانين وما بين الوعي الحقوقي لدى الناس، على أن تكون بطريقة متوازية» وعلى صعيد تفاعلي آخر قامت «الشرق الأوسط» باستطلاع رأي عام إلكتروني على شريحة عشوائية من المجتمع ونشرته على موقعي التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، و«تويتر». لمعرفة مدى تأييد المجتمع لإدراج مادة حقوق الإنسان ضمن مواد التعليم العام. وشمل الاستبيان 474 شخصا 87 في المائة منهم أجابوا بنعم، بينما فضل 13 في المائة ألا يتم إدراج مادة حقوق الإنسان ضمن مواد التعليم العام.

وبالعودة للفوزان فيؤكد أنه في حال تم فرض المادة دون تطبيق لن يستفيد منها الطلاب إطلاقا. وتساءل الفوزان عن الآلية التي سيتم من خلالها تطبيق ممارسة واحترام حقوق الإنسان. وأرجأ الأمر برمته إلى البيت الذي يراه اللبنة الأولى لتعلم حقوق الإنسان وليس المدرسة.

ولم يستبعد حدوث صراع بين النشء الذي سيتلقى هذه المادة وبين المجتمع الذي سيتعامل معه. وحول الصراع الذي يراه الفوزان حتميا يضيف «التضاد أمر طبيعي وأزلي، ولا شك أن الغلبة ستكون للكثرة، وذلك نظرا لأعداد الملتحقين بالتعليم العام، وبسبب ذلك علينا التعايش مع الصراع المجتمعي الذي قد يحصل، لكن الأهم من ذلك أن يكون صراعا سلميا».

وعن الأساليب المقترحة للممارسة الثقافة الحقوقية في المجتمعات يشير الفوزان إلى أن البداية هي فتح باب الحوار، والتدريب على تقبل الرأي والرأي الآخر في المدارس، وسن قوانين ضد العنصرية بشتى أنواعها، وتعزيز فكرة أن المرأة أخت للرجل.

وكان الدكتور عبد الله المقبل، الأمين العام للجنة العليا لسياسة التعليم بوزارة التربية والتعليم، اعتبر في وقت سابق أن اعتماد هذه المادة من شأنه مساعدة الجهات المختصة في تأدية رسالتها وواجباتها على أكمل وجه. وبين في حينه أن إدراج هذه المادة ضمن المناهج يعتبر خطوة أولى يجعل من التربية والتعليم شريكا أساسيا في نشر الثقافة الحقوقية.