الأمير سلطان بن سلمان: «السياحة» تستشرف تطويرا متكاملا للمواقع والمتاحف من الدولة

أعلن عن توجه لإنشاء ذراع استثمارية حكومية لتطوير المشروعات السياحية الكبرى

الأمير سلطان بن سلمان خلال إحدى جلسات اجتماعات الدورة الرابعة لوزراء السياحة في مجموعة العشرين بالمكسيك (واس)
TT

أعلن الأمير سلطان بن سلمان، رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، أن قطاع السياحة في المملكة أسهم في تطور الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تجاوزت 7.2 في المائة العام الماضي، إلى جانب دوره الواضح في إيجاد فرص عمل جديدة للمواطنين، حيث تجاوزت نسبة توظيف السعوديين فيه 26 في المائة من مجموع العاملين في القطاع السياحي، والبالغ عددهم 670 ألف وظيفة مباشرة، وهي تعد ثاني أعلى نسبة لتوظيف السعوديين في القطاعات الاقتصادية الوطنية، كما أسهم هذا التوظيف بما نسبته 9.1 في المائة من إجمالي القوى العاملة بالمملكة في القطاع الخاص.

وأشار خلال حديثه أمام اجتماعات الدورة الرابعة لوزراء السياحة في مجموعة العشرين في مدينة ميريدا بالمكسيك الأربعاء، إلى أن المملكة تشهد تطورا كبيرا في المجالات الاقتصادية والتنموية، مما مكّنها من الإسهام بدور فاعل في الاقتصاد العالمي. وبين أن بيانات الطلب السياحي الداخلي أوضحت أن عدد الرحلات السياحية الداخلية للمملكة بلغ العام الماضي 40 مليون رحلة، بنسبة نمو تصل إلى 18.9 في المائة، مشيرا إلى أن المملكة شهدت نموا في الإنفاق السياحي الداخلي بنسبة 48 في المائة مقارنة مع عام 2010، ووفقا لبيانات منظمة السياحة العالمية فإن حصة المملكة من عدد الرحلات السياحية إلى منطقة الشرق الأوسط قد بلغت 32 في المائة. وقال «حققت المملكة العربية السعودية خلال العقود الماضية - بفضل الله - نهضة تنموية شاملة في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإدارية، وتغلبت على العديد من الصعوبات والمعوقات معتمدة في ذلك - بعد توفيق الله - على مواردها البشرية، وعلى الاستخدام الأمثل للمقدرات والعوائد، التي حققتها في سبيل الوصول إلى ما خططت له من أهداف، وواصلت سعيها الدؤوب لتدعيم نهضتها بالاهتمام بجميع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية على حد سواء».

ولفت إلى قيام الهيئة العامة للسياحة والآثار في المملكة بإقرار خطة تنفيذية للسنوات الثلاث القادمة تهدف إلى تسريع استكمال المشاريع والمسارات السياحية والتراثية، مؤكدا أن الهيئة قامت في الفترة المنصرمة، وتزامنا مع التحولات الكبيرة في السياحة الوطنية، بمراجعة وتحديث شامل للاستراتيجية العامة لتنمية السياحة الوطنية، وإقرار خطة تنفيذية للسنوات الثلاث القادمة، تهدف إلى تسريع استكمال المشروعات والمسارات المتعددة التطوير والتي شملت الوجهات السياحية الكبرى، والمواقع والمسارات السياحية المنتشرة في أنحاء المملكة، ومواقع التراث العمراني والآثار، ومنظومة المتاحف الجديدة، وبرامج تدريب الكوادر الوطنية، ومسارات تطوير المنتجات السياحية، وبرامج التمويل، وتحقيق اللامركزية من خلال تعزيز قدرات المناطق على إدارة السياحة المحلية ضمن برنامج «تمكين»، وتطوير منظومة الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة، وتمكين القطاع الخاص من المشاركة في تطوير هذه المسارات بشكل فعال ومتكامل.

وبين الأمير سلطان بن سلمان أن السعودية أصدرت منظومة من القرارات التأسيسية لقطاعات السياحة والآثار والتراث الوطني تهدف إلى استكمال بناء منظومة هذه القطاعات المهمة. وأوضح أنه في المرحلة القريبة القادمة، وبما تتلقاه السياحة في المملكة من دعم من الدولة، وتفاعل من القطاع الخاص، وتزايد في إقبال المواطنين عليها الذين يمثلون السوق الأهم للسياحة في المملكة، فإن الهيئة تستشرف صدور منظومة من القرارات المهمة من الدولة، تشمل تطويرا شاملا ومتكاملا للمشاريع المتعلقة بالمواقع السياحية والأثرية والتراثية والمتاحف، وتطوير آليات التمويل والدعم الحكومي لقطاعات الاستثمار السياحي والتوسع في ذلك، وإنشاء ذراع استثمارية حكومية يسهم فيها القطاع الخاص، لتطوير المشروعات والوجهات السياحية الكبرى، والعمل على إحداث تطوير جذري في صناعة المعارض والمؤتمرات، التي ينظر إليها على أنها أحد أهم المسارات الاقتصادية الواعدة، إلى جانب إعادة هيكلة وتطوير مراكز الخدمات على الطرق الإقليمية، وكذلك قطاعات الحرف والصناعات التقليدية، وصدور عدد من الأنظمة من الدولة في مجالات الآثار والتراث العمراني والسياحة.

وأفاد بأن تجربة تطوير قطاع السياحة والآثار في المملكة تعد تجربة غنية بالكثير من المعارف والتجارب المختلفة، تم تطويرها وإثراؤها بالاستفادة المتبادلة من تجارب مجموعة كبيرة من دول العالم، حيث قامت الهيئة ومنذ تأسيسها بتنفيذ مجموعة من الزيارات الاستطلاعية، ووقعت عددا من مذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية التي تعنى بالتعاون في مجال السياحة والآثار مع عدد من دول العالم.

وأكد أن الهيئة أولت اهتماما كبيرا في السنوات الأخيرة للعناية بالتراث الوطني، وتنميته ليبقى مصدرا للاعتزاز، وموردا ثقافيا واقتصاديا، وليشكل بعدا جديدا يضاف إلى ما يعرفه العالم عن المملكة من أبعاد دينية وسياسية واقتصادية، مشيرا إلى أن الهيئة تتبنى بدعم ورعاية من الدولة حملة وطنية لتعزيز البعد الحضاري من خلال عدد من الأنشطة الثقافية والإعلامية والمعارض وغيرها. وقال «إن الظروف التي يشهدها العالم اليوم تحتم علينا أن نتفق جميعا على وضع خطوات لتخفيف حدة هذه الأزمات على اقتصادات بلداننا، وتداعياتها بصورة مباشرة، وذلك من خلال تهيئة وتوفير الفرص الاستثمارية المجدية في هذا القطاع المهم، وإيجاد القنوات المناسبة للتسويق لهذه الفرص، وتحفيز القطاع الخاص بحزمة من التشريعات والاستثمارات الحكومية، والعمل بشكل جاد مع الاتحادات والمنظمات الدولية المتخصصة، التي يتقاطع عملها بصورة مباشرة مع القطاع السياحي، كمنظمة الأمم المتحدة للسياحة العالمية (UNWTO)، أو بصورة غير مباشرة، كمنظمة العمل الدولية (ILO)، للإسهام في إيجاد حلول جذرية، ورفع تقارير دورية من شأنها الإسهام في تعديل الاستراتيجيات الخاصة بتطوير القطاع السياحي، بما يتماشى مع التغييرات التي تطرأ على الساحة العالمية، كما يجب العمل أيضا على ابتكار حزم جديدة من المنتجات السياحية، وتطوير المتاح منها، والاستثمار في بناء وتطوير القدرات والطاقات البشرية المتخصصة في المجال السياحي».

وأضاف أن هذا الاجتماع يأتي في ظل ظروف سياسية حرجة يمر بها عدد من دول العالم، أحدثت تغيرات جوهرية واضحة، وأوجدت حالة سياسية غير مسبوقة سيكون لها أثر كبير على القطاعات الاقتصادية المختلفة، ومن بينها القطاع السياحي. وأشار إلى أنه لمواجهة خطر حدوث انكماش اقتصادي جديد، فإن ذلك يتطلب من دول مجموعة العشرين الاقتصادية القيام بعمل دؤوب للاتفاق على مجموعة من الإجراءات التي من شأنها إعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي، وانتهاج طريق التنمية والإصلاح الشامل لإعادة الاستقرار الاقتصادي والمالي لدول العالم.

وأفاد رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار بأن الجميع لم يقم بما ينبغي لإبراز أهمية السياحة في الاقتصاد العالمي حتى الآن، مشيرا إلى أن اثنتين من كبرى الدول الصناعية في العالم (إيطاليا وألمانيا) بدأت تتحدث عن أن السياحة أصبحت من أهم عوامل الانتعاش الاقتصادي، مما يؤكد للجميع أن السياحة من أهم عوامل التنمية الاقتصادية في العالم.

وعبر الأمير سلطان بن سلمان عن شكره لحكومة جمهورية المكسيك، ممثلة بوزارة السياحة، على استضافتها أعمال الدورة، ولمنظمة الأمم المتحدة للسياحة العالمية على إسهامها الفاعل ودورها الكبير في وضع القطاع السياحي ضمن أجندة قادة دول العالم، ليكون أحد القطاعات الرئيسية في دعم الاقتصاد العالمي، ومساهما حقيقيا في توظيف الأيدي العاملة كونها تعد أحد أبرز التحديات التي تواجه قادة دول العالم.