فرنسية تزين جدران الجبيل برسومات الشوارع

تسخر موهبتها الفنية لابتسامة الأطفال

آن بيرثت تقف بجانب أحد رسوماتها («الشرق الأوسط»)
TT

لمسات فنية وسيلتها «بخاخ» ألوان ومجموعة من الأدوات، تستهدف تحويل أسوار المباني في مدينة الجبيل في المنطقة الشرقية إلى لوحات فنية ناطقة، ترسمها الفنانة الفرنسية آن بيرثت.

وتستخدم الفنانة الفرنسية الفن «الغرافيتي» بحضور الأطفال، الذين تحرص على وجودهم أثناء العمل، ليشعر الجميع بأنه شارك في اللوحة، التي عادة ما تأخذ رسوم الشخصيات الكرتونية الشهيرة المحببة للأطفال.

وتحترف آن بيرثت التي استقرت مع عائلتها في الجبيل منذ عام مضى الرسم على الجدران المعروف بفن «الغرافيتي»، وهو فن نشأ في البيئات الفقيرة وانتشر عالميا للتعبير عن حالة من التمرد السلمي وتحويل الجدران إلى مساحة للتعبير عن الرأي.

وهنا قالت بيرثت لـ«الشرق الأوسط» إنها بدأت رسامة للكاريكاتير في إحدى المجلات الفرنسية، ثم تحولت إلى «الغرافيتي» بعد انتقالها إلى سنغافورا والصين وكوريا، وبدأت تمارسه كهواية على جدران رياض الأطفال، وفي أقسام العناية بالأطفال بالمستشفيات، وواصلت العمل بعد وصولها إلى السعودية لتدخل البهجة على الأطفال.

وتوضح آن بيرثت أن الفن الغرافيتي، يسمى عند الكثيرين بـ«فن الشوارع»، وتشير إلى أنه يتطلب الكثير من الجهد والتخطيط قبل بدء مشروع الرسم، وعادة ما تتراوح أعمار رساميه بين 8 إلى 30 سنة، كما اشتهر هذا الفن أيضا بأنه فن الطبقات المحرومة والفقيرة، والتي تعبر عن نفسها بواسطته، لكنه في الفترة الراهنة انتشر ولم يعد محصورا على الفقراء، بل شمل الطبقات الوسطى والراقية كنوع من التعبير عن التمرد بطريقة غير مؤذية وسلمية، إضافة إلى أنه لا يهدف للتخريب بل لتزيين الجدران.

علب الطلاء البخاخ هي الأداة الرئيسية التي يعتمد عليها الفنان - بحسب بيرثت - التي قالت إن رسامي هذا الفن عادة ما يستخدمون علب الطلاء ذات فتحات صغيرة، إلا أن أحد رسامي الغرافيتي ويسمى «سوبر كول» استبدلها بأخرى ذات فتحات أوسع، فأصبحت المسألة أكثر مرونة من ذي قبل، وأردفت «بالنسبة لي أجمع بينها وبين الأصباغ التي لا تحتوي على رائحة حتى لا تؤذي الأطفال».

وتشير الفنانة الفرنسية إلى أن هذا الفن امتد إلى جميع أنحاء العالم، وأصبح له مهتمون كثر، ومواقع خاصة به على الإنترنت، كما أصبحت له مجلات متخصصة أيضا، ومن أبرز هذه المجلات المجلة الفرنسية «غرافيت» وتختص بالغرافيتي الباريسي المنتشر على الجدران وعربات القطارات والشاحنات، التي تشتهر بها أحياء باريس مسقط رأس فناني الغرافيتي الذين يمثلون ما نسبته 10 في المائة من السكان.

وحول استقاء أفكارها للرسومات، تبين آن بيرثت أنها تستوحيها من جلوسها مع الأطفال قبل تبلور الفكرة، تتحدث إليهم وتناقشهم في فكرة الرسم على الحائط، وفي بعض الأحيان يصادف أن أحد الأطفال يعترض على ما تطرحه، وباعتبار أن ما تقوم به نوع من الخطأ والعبث بالممتلكات.

وتوضح بيرثت بقولها «حينها أناقشه بكل هدوء بأن ما أقوم به يختلف عن ما تعلمه، وفي الواقع أنا منجذبة لعالم الأطفال، لأنهم يشدونني بما يتمتعون به من ذكاء فطري، ومن خلال ما يتعلمونه في مقرراتهم وهم في سن مبكرة، وفي الغالب أستلهم أفكاري للرسم من خلال أجواء الأطفال وما يفضلونه من شخصيات كرتونية وفق الضوابط التي تسمح لي من قبل الجهة الراغبة بذلك».

«يأخذ مشروع الرسم الواحد ما بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، وبالنسبة للأجر فأنا أطلب من الجهة التي سأنفذ لها العمل الفني جلب الأدوات فقط وأقوم بالرسم بلا مقابل رغبة مني في إدخال البهجة والسرور في نفوس الأطفال وابتسامتهم تعني لي الشيء الكثير» وفق آن بيرثت.

وتعتبر الفنانة الفرنسية أنها لا تطمح للشهرة أو الثراء بقدر ما تطمح لرسم الابتسامة على وجوه الصغار، وتشير إلى أنها لا تتعمد وضع توقيعيها أسفل لوحاتها الجدارية، وتعلل «لأنني بعدما أنتهي أنسبها للجهة التي قمت بالرسم لها، بعد أن آخذ انطباعهم عن جمالية الرسم والتي تشعرني بالسعادة البالغة».

وحول إمكانية عمل دورات للفتيات الراغبات في تعلم هذا النوع من الفنون تقول آن بيرثت «في الواقع هناك صعوبة في تقديم مثل هذه الدورات، كون هذا الفن ينبع من إحساس الشخص نفسه، ولا يكتفى بأن تكتسبه من خلال التعلم فقط، بل ينبغي أن تكون منغمسا فيه بإحساسك وتجد الرغبة الصادقة في داخلك، عن نفسي تعلمت هذا الفن بواسطة والديَّ، وطورت ممتلكاتي وتمكنت من الإلمام برسومات الشخصيات الكرتونية بالممارسة والخبرة وكثرة الاطلاع والإرادة، وكان لنشأتي في فرنسا دور أكبر في تفجير هذه الموهبة».