دعوات لإنشاء هيئة مستقلة لتنظيم عمل المسؤولية الاجتماعية

أمين جائزة الملك خالد: الشركات لا تعي دورها الحقيقي

TT

في الوقت الذي أعلنت فيه الهيئة العامة للاستثمار عن تأسيس المجلس الاستشاري للمؤشر السعودي للتنافسية المسؤولة، والذي تنضوي تحته جهات تهتم بدعم برامج المسؤولية الاجتماعية، كشف رياض العبد الكريم، أمين عام جائزة الملك خالد، عن غياب وعي الشركات بدورها الحقيقي تجاه المسؤولية الاجتماعية، مطالبا بإنشاء هيئة مستقلة لتنظيم عمل المسؤولية الاجتماعية.

وطالب العبد الكريم بإنشاء هيئة مستقلة تنظم عمل المسؤولية الاجتماعية ودورها بهدف توحيد الجهود والعمل المشترك حتى لا تكون مبعثرة، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن بحاجة إلى مظلة لعمل المسؤولية الاجتماعية لتنظيم الجهود المبذولة في هذا الاتجاه»، مشيرا إلى وجود بعض المجالس في الرياض وجدة، إلا أنه ينقصها العمل المشترك حتى تتوحد الجهود.

وبين أمين عام جائزة الملك خالد، أن المسؤولية الاجتماعية ينقصها الكثير من البرامج الهادفة لتنمية الإنسان، وطالب الشركات بتفعيل دورها بشكل مباشر في كل مكان، مؤكدا أن المسؤولية الاجتماعية للشركات لا تزال في مراحل النمو، لافتا إلى أن هذا الأمر جزء من منظومة متكاملة، وأن الشركات لا تعي حقيقة دورها ولا تعرف ما هو الدور المناط تحت المسؤولية الاجتماعية.

وأشار العبد الكريم إلى عدم وعي الشركات بالدور الذي تلعبه الهيئة العامة للاستثمار في التنافسية المسؤولة والتي تندرج تحتها برامج المسؤولية الاجتماعية، مشيرا إلى أنها تحتاج إلى مراحل حتى تستوعب الأمر، وقال: «نحن نطالب بالمزيد من ورش العمل والملتقيات والمؤتمرات التي تعمل على تثقيف الشركات حول دور المسؤولية الاجتماعية وتعمل على رفع مستوى الوعي لديهم تجاه دورهم في المجتمع».

من جهته، بين علي شنيمر، وكيل محافظ الهيئة العامة للاستثمار، أن مؤشر الهيئة العامة للاستثمار لتنافسية الشركات في المسؤولية الاجتماعية، استقطب نحو 100 شركة منذ إطلاقه، وفي مقدمها كبرى الشركات العاملة في المملكة العربية السعودية.

وأشار وكيل محافظ الهيئة العامة للاستثمار إلى نتائج استطلاع أجرته الهيئة حول أهمية المسؤولية الاجتماعية للشركات، والذي بين أن ما يزيد على نحو 62 قي المائة ممن شملهم الاستطلاع اعتبروا أنها باتت مرتكزا أساسيا لبناء الثقة بين الشركات والمستهلكين، في حين اعتبر نحو 56 في المائة أنها باتت عنصر جذب رئيسيا للمستثمرين، ونحو 60 في المائة وجدوا أنها تمثل أحد أهم العوامل لتحفيز العاملين في الشركات على تقديم الأفضل على المستويين المهني والمعنوي.

وأضاف شنيمر «لقد بدأنا نلاحظ نوعا من المقاطعة في بعض الدول للشركات التي لا تقدم برامج مسؤولية اجتماعية وتلتزم تنفيذها، حتى إن الكثير من المستثمرين لم تعد أولوياتهم محصورة في الجانب المادي كعائدات على استثماراتهم، بل أصبحت أيضا في مدى فائدة هذه الاستثمارات تجاه المجتمع على اختلاف طبقاته».

وأوضح وكيل المحافظ أن التنافسية المسؤولة تنظر إلى ما وراء المشاريع الاجتماعية وبرامج المسؤولية الاجتماعية، لتفهم كيف تضمن الشركات الممارسات التجارية المسؤولة في الطريقة التي تعمل فيها أو في عملها، وهي تقيم صلب عمليات الشركة لتقييم وتقويم مسائل جدية مثل جذب وإبقاء المواهب، والعمل مع الموردين وابتكار المنتجات والخدمات الجديدة.

وقال شنيمر إن برامج المسؤولية الاجتماعية في جميع أنحاء العالم بدأت بمفهوم بسيط من خلال تبرعات ثم تتحول إلى برامج تنموية وفق خطط استراتيجية. وأردف «لدينا تجربة في تنمية المسؤولية الاجتماعية في السعودية تتعلق بتنمية الشركات الصغيرة التي تتبناها شركات أكبر وتعمل على تطويرها».

وحول ما إذا كان هناك توجه للاستفادة من الزكاة في تفعيل برامج المسؤولية الاجتماعية، بين وكيل المحافظ أن الزكاة تتبع لوزارة المالية، ويتم صرفها بدعم المجتمع وخدمات الضمان الاجتماعي، مبينا أن المستهلك أصبح الآن ذا وعي وقدرة على التميز بين الشركات التي تستخدم المسؤولية الاجتماعية للتسويق لنفسها والشركات التي تعمل لخدمة المجتمع.

جاء ذلك خلال انطلاق فعاليات المنتدى السعودي الثاني للمسؤولية الاجتماعية للشركات الذي افتتحه الأمير مشعل بن ماجد، محافظ جدة، بحضور أكثر من 600 مشارك من المسؤولين ورجال الأعمال.

وأوضح فيصل أبو زكي، نائب الرئيس التنفيذي لمجموعة الاقتصاد والأعمال، أن «المنتدى بدورته الثانية يسلط الضوء على عدد من القضايا الأساسية، ويأتي في مقدمتها مناقشة عناوين المرحلة المقبلة في تطوير وتطبيق استراتيجيات المسؤولية الاجتماعية، كما يستعرض كيفية تبني المعايير وتقييم الأداء، إضافة إلى كيفية تعزيز التفاعل بين المناهج التعليمية وأجندة المسؤولية الاجتماعية، إلى جانب أنه سيركز على أهم مبادرات الشركات الكبرى في تنمية المنشآت الصغيرة ورواد الأعمال».

وأشار إلى أن انعقاد المنتدى السعودي للمسؤولية الاجتماعية للشركات يعتبر خطوة طبيعية على طريق جمع كافة القطاعات والفئات المعنية بالمسؤولية الاجتماعية تحت سقف واحد للتباحث في كيفية الانتقال ببرامج المسؤولية الاجتماعية للشركات إلى المرحلة المقبلة، وتحويلها من مبادرات إلى استراتيجيات متكاملة ترتكز إلى الثقافة العربية والإسلامية للمجتمع السعودي، وتنطلق منها لخدمة القضايا التنموية الشاملة ورفد خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تقودها حكومة المملكة.

من جهته، أعلن أحمد الحمدان، رئيس مركز جدة للمسؤولية الاجتماعية عن إطلاق جائزة الغرفة التجارية الصناعية بجدة للمسؤولية الاجتماعية، والتي تهدف إلى إبراز أفضل التجارب والبرامج في ممارسة المسؤولية الاجتماعية على مستوى المملكة وفق معايير موضوعية محددة يجري العمل على إعدادها، سيتم الإعلان عنها في وقت قريب، معتبرا أن الهدف هنا ليس إضافة جائزة جديدة، بل تسليط الضوء على الجهود المميزة وتشجيع وتحفيز الشركات على بذل جهود أكبر لتطوير هذا العمل الوطني المثمر.

واعتبر أن مشاريع وبرامج مركز المسؤولية الاجتماعية تغطي جوانب اقتصادية منها مساعدة الأسر المنتجة على تسويق منتجاتها وإيجاد مصادر التمويل لأنشطتها التجارية. وفي هذا الإطار، يؤكد المركز على أهمية تأصل مفهوم مكارم الأخلاق لـ30 مهنة وإعداد دورات تدريبية تحت عنوان غارس القيم، إضافة إلى تشجيع روح التطوع وحث الشباب على الانخراط في الأنشطة النفعية التطوعية.

وقال: «تبنينا إطلاق الكثير من مبادرات المسؤولية الاجتماعية تحت مظلة الغرف السعودية لتعميق روح التكافل الاجتماعي ودعم الجهات المحتاجة، خاصة من الشباب الباحثين عن العمل في المشاريع الصغيرة من خلال أعضاء من الشركات والبنوك والجمعيات الخيرية وعدد كبير من المنتسبين للقطاع الخاص والقادرين على دعم هذه الفئات المهمة في المجتمع»، لافتا إلى أن «هذا من شأنه أن يوسع دائرة المسؤولية الاجتماعية ويشيع ثقافة المسؤولية بين شركات ومؤسسات القطاع الخاص وقيامهم بأدوارهم تجاه المجتمع».

المنتدى الذي يستمر لمدة يومين ناقش خلال الجلسة الأولى بناء استراتيجيات عمل مسؤولة، في حين ناقشت الجلسة الثانية المسؤولية الاجتماعية للشركات: قياس الأداء، وتمحورت الجلسة الثالثة حول المؤشر السعودي للتنافسية المسؤولة وأثره على تنافسية القطاع الخاص، وناقشت الجلسة الرابعة كيفية تحقيق تكامل المناهج التعليمية وأجندة المسؤولية الاجتماعية.