الصحافيات الرياضيات في السعودية.. الملاعب غير مفروشة بالورود

عادل عصام الدين: فاعلية الصحافية لا تنافس الصحافي في الإعلام الرياضي

ريما عبد الله مقدمة برنامج «الجولة»
TT

في الوقت الذي تمكنت فيه المرأة؛ من وضع بصمتها في المجال الإعلامي، رغم أن فرصتها لا تزال محدودة في الوسط الرياضي؛ إلا أن محدودية هذا الوجود لم تمنع لمعان أسماء صحافية، حفرت في الصخر، لتصنع لها اسما، بعضها تمكن من إحراج الرجال في كم ودقة المعلومات، فضلا عن الثقة المكتسبة، وبمهارة عالية، في الحصول على الأخبار الرياضية، مما جعل منها مصدرا للخبر، بالنسبة للعاملين في الحقل الصحافي.

وهو ما يبدو واضحا في الأخبار المنقولة عن الصحافية هناء العلوني، عبر حسابها الخاص، في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر». في الوقت الذي اعتبرت فيه العلوني، أن كثيرا من الممارسين للعمل الصحافي، في الوسط الرياضي، يتبع سياسة «تغليب المصلحة الشخصية، على مهنية الممارسة»، وبينما يأتي عامل توافر المهارات الصحافية، والإلمام بدهاليز العمل الرياضي، كأحد أهم العوامل، التي ساعدت على بروز إعلاميات سعوديات؛ في الصحافة الرياضية سواء، على المستوى المحلي أو الدولي؛ من خلال المنتديات والمؤتمرات، إلا أن الأمر انعكس سلبا على محاولات البعض الحثيثة، لدخول الوسط الصحافي، الرياضي في السعودية، لأهداف شخصية، يأتي في مقدمتها الشهرة السريعة، ونوع من البرستيج، دون وجود مقومات العمل الصحافي، فضلا عن وجود «أبجديات العمل الرياضي»!، كما أوضحت العلوني؛ إلا أن حلم النجومية والشهرة، التي تقض مضاجع بعض من اعتنق العقيدة الإعلامية، باعتبارها بوابة المرور، نحو عالم المشاهير، اعتبرته ريما عبد الله مذيعة برنامجي «الجولة»، و«غرفة 11»، الذي يتناول الشأن الرياضي بإذاعة «مكس إف إم» «حقا مشروعا، وليس معيبا، طالما سوف يتم تقديم شيء مختلف، في مجال أكون قادرة على أن أُبدع فيه»، ولأن الصحافة الرياضية في السعودية بشكل خاص، تهتم باللعبة الأكثر شعبية، على مستوى العالم، لم يكن مستغربا توجه صحافيات هذا الحقل لتناول مشكلات المستديرة، التي تراها ريما «تعتمد على أحداث ما قبل المباراة وما بعدها»؛ على اعتبار أن «كرة القدم داخل الأندية». الأمر الذي ألقى بظلاله، على وجود تغطية إعلامية، داخل صحف الوسط لباقي الألعاب! باستثناء واحد، صنعته رزان بكر، الصحافية بجريدة «عرب نيوز» الناطقة باللغة الإنجليزية، التي اجتهدت في تغطية بعض الأنشطة الرياضية الأخرى، قبل أن تقرر إكمال دراستها في نفس المجال؛ لتكون أكثر احترافية، في وسط رياضي سمته الأولى شراسة المنافسة، بين العاملين فيه.

وبينما يعتاش كثيرون على صورة نمطية، مفادها، صعوبة ممارسة العمل الصحافي؛ في الحقل الرياضي للصحافيات. يبدو أن كسر هذا الحاجز أمرا ليس سهلا؛ إلا أنه ليس مستحيلا، كما أوضحت علوني، التي واجهت كثيرا من الاتهامات والتجريح، بلغ حده الأعلى من الإساءة الشخصية؛ إلا أن عشر سنوات كانت كافية؛ للوصول بها لبر الأمان كما وصفت.

إلا أن حجم التحدي الذي تواجهه إعلاميات الوسط الرياضي كبير؛ كونه يدخلهن في «منافسة قوية مع الزملاء الصحافيين»، كما أبانت ريما أنها لم تواجه أي انتقادات حتى الآن، سوى ما اعتبرته «نقدا بناء أفادني بشكل كبير»، بعكس ما تعرضت له العلوني في بدايتها، وهو الأمر الذي تجاوزته بكم من «الصبر وتحدي الذات، وثقة الأهل وثقتي بقدراتي».

في حين تظل عقبة دخول الملعب، واحدة من أكبر التحديات، وهو «ما يدعم عمل الصحافيين؛ بشكل إيجابي كونهم الأكثر قربا من الحدث، بينما يأتي اعتمادنا على المشاهدة التلفزيونية، مما يعني نوعا من الوجود، بشكل جزئي، لما يمكن أن تلتقطه الكاميرا، وهنا تبرز مهارتنا الصحافية في محاولة الحصول على الأخبار الحصرية، من خلال كسب ثقة المصادر الخاصة»، كما أبانت ريما.

وبينما يأتي عشق الرياضة، وممارستها بشكل فعلي؛ القاسم المشترك، بين صحافيات الوسط الرياضي، جاء تباين التخصصات الدراسية، على طرف نقيض. في حين لعبت الصدفة دورها بمهارة عالية، حين وضعت قامات من رجال الصحافة الرياضية من أمثال «وليد الفراج وهادي الشيباني، الأمر الذي مهد لدخولي عالم الصحافة الرياضية، من أوسع أبوابها»، كما حدث مع ريما، بينما مهدت العلوني الطريق الصعبة، لكل من تتوافر فيه «مقومات العمل الصحافي، مع الإلمام بأبجديات الرياضة بشكل عام، ومتاهة الساحة الرياضية في الداخل بشكل خاص».

وفي الوقت الذي تباينت فيه الطموحات، التي لم تقف عند المستوى الشخصي، بل تحاول تجاوزها لحد إتاحة الفرصة لحصول المرأة على حقها الطبيعي في ممارسة الأنشطة الرياضية، أسوة بدول مثل «البحرين التي حصلت على اعتماد من الأمم المتحدة، كأول دولة في الشرق الأوسط، تطبق الأنشطة الرياضية، ونحن دولة قادرة على ذلك»، كما بينت العلوني، مشيرة إلى وجود منشآت تدعم ممارسة مثل هذا النوع من الأنشطة.

بينما جاءت المطالبة بالسماح للمرأة بأخذ مكانها على مدرجات الملاعب، من باب كونها واحدة من المشجعات، يأتي «السماح بإنشاء أندية نسائية تحت رعاية الشباب»، ضمن سياقه الطبيعي، «أسوة ببيوت الشباب المنتشرة، التي تعد حكرا على الرجال»، كما أبانت العلوني، مؤكدة أن ممارسة النشاط الرياضي بالنسبة للفتيات، يعود بفائدة أكبر من «التسوق في المولات»! ومستغربة عدم وجود تنسيق بين وزارة التعليم والرئاسة العامة لرعاية الشباب، لممارسة الأنشطة الرياضية في مدارس البنات؛ حتى الآن! من جهتها، أكدت ريما عبد الله؛ التي تقدم برنامج «كابتن ريما»، أن هذا النوع من البرامج، التي تعتبر نوعا ما توعوية؛ في ما يتعلق بأهمية ممارسة التمارين الرياضية والفائدة الصحية، ما هو إلا محاولة من قبيل أضعف الإيمان، لتمرير رسالة مفادها «ممارسة الرياضة حق مشروع للجميع».

وفي الوقت الذي تنتشر فيه المحطات الرياضية، في الفضاء المفتوح، سواء المحلي منها أو الخليجي، يبدو أن الإعلاميات لم يستأثرن حتى الآن؛ بنصيب من كعكة البرامج الرياضية، مما يطرح علامة استفهام كبرى حول السياسة الإعلامية لتلك المحطات، الحريصة على وجود إعلاميات من الوسط الرياضي العربي، دون إتاحة فرصة حقيقية للإعلاميات السعوديات. على اعتبار أن بطولات الدوري السعودي، بكل همومه والحافلة بالجديد دائما، تعد من أولويات التغطية الإعلامية، لتلك المحطات، بينما يبدو أن القاعدة الذهبية لديها تتمحور حول «الشكل على حساب المضمون» كما وصفت العلوني، فضلا عن كون هذا الشكل، لا يمكنه تجاوز عروض قراءة الأخبار الرياضية، «شخصيا لا أملك مهارة القراءة بصوت عال». بينما أكدت العلوني أن كفاءة السعوديات، تؤهلهم لحمل برامج رياضية بالكامل.

من جهته، أكد عادل عصام الدين، مدير عام القنوات الرياضية بالتلفزيون السعودي، أن عمل الصحافيات، في الحقل الرياضي، مرتبط بوجود أنشطة رياضية نسائية! موضحا «مع كامل التقدير والاحترام للمرأة، لا يمكن أن تكون الصحافية أفضل؛ من الصحافي في هذا المجال»، مشيرا إلى خوض القنوات الرياضية تجربة الاستعانة بهم؛ والتي باءت بالفشل؛ كونهم «غير متابعات للحدث الرياضي بشكل عام، فضلا عن أن تكون لهم نفس الفاعلية، بالنسبة للصحافي»، مؤكدا أن «المجال في العمل التلفزيوني الرياضي، محدود بالنسبة للزميلات الإعلاميات». وأرجع عصام الدين قلة الفاعلية للمرأة، إلى أن «الصحافية في الإعلام الرياضي، لا تملك سوى الحضور المكتبي، وفي مهنتنا هذه اعتمادنا الكامل على العمل الميداني، وهو أمر غير متاح لها»، يأتي ذلك في الوقت الذي تؤكد فيه العلوني أنها لم تخسر وجودها كصحافية، داخل الملعب، عندما تمكنت من حضور بطولة كأس العالم لليد، عند تأهل المنتخب السعودي في جدة.

إلا أن القناعة الشخصية لعصام الدين، بعدم فاعلية السعوديات، قائمة على أرض صلبة، كون القلة الموجودة، بدأت من حيث المفروض أن تنتهي «مشكلتنا ليست فقط في الإعلام الرياضي، بل كل الإعلام السعودي، أن أغلب المنتمين للوسط يبدأ كاتبا لينتهي صحافيا!».