«الشؤون البلدية» تكشف عن آلية جديدة لتفعيل الاستراتيجية العمرانية

في ظل توقعات بارتفاع عدد السعوديين إلى 40 مليون نسمة في 2020

تضافر جهود القطاعات الحكومية والخاصة لتضمين سياسات جديدة تعكس التغير في أولويات وظروف التنمية في البلاد (تصوير: خالد الخميس)
TT

كشف لـ«الشرق الأوسط» مصدر مطلع معني بالشأن البلدي في السعودية، عن قرب الانتهاء من دراسة جديدة تقضي بتفعيل الآليات الخاصة بالاستراتيجية العمرانية الوطنية المعتمدة، والمعمول بها منذ عدة سنوات، مشيرا إلى أن تفعيل تلك الاستراتيجية سيقوم على أيدي كوادر وطنية مؤهلة من المهندسين والمقاولين، وذلك في 13 منطقة على مستوى البلاد.

وأوضح المصدر أن تفعيل تلك الاستراتيجية في هذا الوقت بالتحديد جاء للحد من المشاكل والآثار السلبية الناتجة عن التحضر السريع، واستقطاب المدن الكبرى للسكان، من خلال تحديد تسلسل هرمي متوازن لمراكز النمو على الحيز الوطني وتصنيفها إلى مراكز إقليمية ومحلية، وذلك لأهميتها في تحقيق التنمية المتوازنة على المدى البعيد.

وبحسب الدراسة المقدمة لتفعيل الاستراتيجية العمرانية الوطنية، والتي تحتفظ «الشرق الأوسط» بنسخة منها، فإنه من المتوقع أن يتضاعف عدد السكان السعوديين أكثر من 3 مرات بحلول عام 2020، ليصل العدد الإجمالي إلى ما يقارب 40 مليون نسمة، معتبرة أن تركيز المشاريع الاقتصادية والخدمية والإنتاجية في عدد محدود من المدن قد يؤدي إلى تهميش المناطق الريفية والمدن المتوسطة والصغيرة، الأمر الذي دعا أعلى سلطة في البلاد إلى إنشاء العديد من المدن الاقتصادية والبحثية، العلمية والصناعية، للحد من الهجرة المناطقية المتزايدة، وهذا ما يحدث حاليا.

وأكد حمد العمر، المتحدث الرسمي بلسان وزارة الشؤون البلدية والقروية، مدير عام الإدارة العامة للعلاقات والإعلام، لـ«الشرق الأوسط»، أن تفعيل تلك الاستراتيجية العمرانية من شأنه إعطاء الأولوية لتدعيم المدن المتوسطة والصغيرة، لتصبح مراكز النمو المستقبلية، بالإضافة إلى رفع مستوى وقدرة هذه المدن على استيعاب زيادتها السكانية والحد من هيمنة المدن الكبرى.

وشدد العمر على أن استمرار تكدس السكان في عدد محدود من المدن ما لم تتم معالجته على المدى الطويل فإنه سوف يؤدي إلى تدهور البيئة العمرانية، وقد يتمثل ذلك في ازدحام وسائل المواصلات والطرق وحدوث التلوث البيئي وارتفاع معدلات البطالة، وما يصاحب ذلك من مشاكل اجتماعية وأمنية وظهور المناطق العشوائية.

واستند المتحدث بلسان الوزارة إلى نتائج الدراسة المستقبلية التي أثبتت أن المشروعات التنموية القائمة حاليا سيكون لها الأثر الواضح على نمط التنمية القطاعية وانعكاساتها المكانية مستقبلا، معتبرا أن تصميم أي استراتيجية للتنمية العمرانية لا بد أن يأخذ التوقعات المستقبلية بعين الاعتبار.

وقال العمر موضحا «إن وزارة الشؤون البلدية والقروية حريصة على تفعيل تلك الاستراتيجية لتؤكد بذلك أهمية توجيه أولويات الدعم لعواصم المناطق وبعض مدنها، والتي تشمل القصيم وأبها وحائل وتبوك وجيزان وعرعر وسكاكا، بالإضافة إلى نجران والباحة، لكونها على رأس المنظومة الحضرية بالمناطق، وتحفيزها لدور القطاع الخاص للاستثمار في أنشطة تسمح باستغلال الموارد المتاحة بهذه المدن والمناطق المجاورة لها».

واعتبر العمر أن نشر المدن الجامعية وفروعها ومراكز التدريب والتأهيل المهني وتأهيل المناطق الصناعية في هذه المدن وتزويدها بالخدمات والمرافق من مستشفيات وخدمات صحية، من شأنه خلق آلية تسمح بزيادة عائدات عواصم المناطق ومدنها بما يؤهل أجهزتها البلدية لتدبير المخصصات المالية اللازمة لتنفيذ مشروعات لا يحتمل تنفيذها الانتظار أكثر من ذلك.

وزاد المتحدث الرسمي بلسان وزارة الشؤون البلدية والقروية بقوله إن البعد الزمني لتفعيل الاستراتيجية العمرانية الوطنية سيعتمد على تضافر الجهود في تنفيذ المشروعات اللازمة لتحقيق التنمية المتوازنة، مشيرا إلى أنه من خلال مراحل التنفيذ ستتم مراجعة وتحديث سياسات وآليات تلك الاستراتيجية بصفة دورية من خلال تخصيص لجان لمتابعة وترجمة آليات التوسع العمراني إلى برامج تنفيذية، على أن تشمل هذه اللجان في عضويتها مسؤولين من الأجهزة القطاعية الحكومية والخاصة ذات العلاقة، بغرض تضمين سياسات جديدة تعكس التغير في أولويات وظروف التنمية في البلاد.

من جهتهم، اتفق عدد من المهتمين بمجال التنمية الإقليمية المتوازنة، على أن تكون الامتدادات العمرانية المستقبلية بالأقاليم التنموية في السعودية ضمن مخططات استراتيجية، وأن تكون شخصيتها نموذجا ومثالا يحتذى به، متمنين أن تخرج صورتها ومفهومها عن صورة ومفهوم العمران التقليدي بالمدن المركزية، معتبرين أن ذلك لن يتحقق إلا بتبني الفكر البيئي الذي يتوافق مع الخصائص المكانية حسب كل منطقة في السعودية.