مطالب بالاستفادة من مياه الصرف الصحي في المجالات الحيوية

75% من مياه التحلية لا يتم استخدامها بشكل صحيح

TT

حذر مهتمون بقطاع البيئة من تفاقم مشاكل المياه في السعودية، في ظل غياب خطة واضحة للسياسة المائية في البلاد، والنظرة العامة لموارد تلك المياه، مطالبين بضرورة الاستفادة من مياه الصرف الصحي بعد معالجتها في الكثير من الأنشطة الحيوية، وضرورة استحداث جهات تشرف على استخدام هذه المياه، وفرض اشتراطات على مختلف القطاعات بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة.

وبين الدكتور يحيى كوشك، مدير عام مصلحة المياه السابق، لـ«الشرق الأوسط»، أن 75 في المائة من مياه التحلية لا يتم استخدامها بشكل صحيح، في الوقت الذي تستفيد فيه منها دول العالم في مختلف نواحي الحياة، مطالبا بضرورة اتخاذ خطوات أكثر عملية للاستفادة من مياه الصرف الصحي بعد تكريرها، عوضا عن صبها في البحر، في ظل التوسع والمشاريع الاستثمارية التي تشهدها المملكة وارتفاع أعداد السكان. وأرجع كوشك المشكلة إلى عدم الاستفادة من مياه الصرف الصحي بالشكل الذي ينبغي إلى غياب خطة واضحة للسياسة المائية في البلاد، والنظرة العامة لموارد تلك المياه، مشددا على ضرورة تكرير مياه الصرف الصحي والاستفادة منها في المجالات الحيوية بقدر المستطاع.

ومن منطلق زيادة الثقة في مياه الصرف الصحي، يؤكد الدكتور علي عشقي أستاذ علم البيئة بجامعة الملك عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط» أن هناك مراحل مختلفة لمعالجة وتحلية المياه، فهناك تحلية أولية، وثنائية، وثلاثية، أما المرحلة الرباعية فهي المرحلة التي يمكن أن نستفيد منها كمياه للشرب.

وأشار الدكتور عشقي إلى غياب إمكانية الاستفادة من تحلية مياه الصرف الصحي بالشكل المطلوب في محطات تحلية المياه الحالية، التي لا تعمل بطاقتها الاستيعابية الكاملة، ولا تحقق الهدف المرجو منها، مبينا أن مشكلة الاستفادة من مياه الصرف الصحي لم تعد مشكلة في مدينة جدة فقط، بل إنها أصبحت تشمل كل مناطق المملكة.

ودعا عشقي إلى توزيع مياه الصرف الصحي المعالجة على المزارع، والحدائق العامة، والمصانع لاستخدامها في جميع التطبيقات، لافتا إلى الأضرار الناجمة من عدم استغلال تلك المياه في الزراعة التي أدت إلى انحسار الغطاء النباتي، وتدمير البيئة البحرية نتيجة تصريف مياه الصرف الصحي في البحر.

وبالعودة إلى كوشك، استدل بممارسات كثيرة تشير إلى عدم الاهتمام بالاستفادة من مياه الصرف الصحي، في حين وجود بعض الدول التي تستخدمها كمياه للشرب، وهو الشكل الذي يجب أن تعاد إليه تلك المياه، وقال «على سبيل المثال يتم استخدام مياه التحلية في ري المزروعات، والمباني، وتطفئة الحريق، وهو أمر مستهجن ويجب إيقافه».

وزاد كوشك «هذا ما يستدعي ضرورة إيجاد جهات عليا يقع على عاتقها وضع خطط عامة للاستفادة من مختلف موارد المياه، وتحفيز تضافر جهود وزارة البلديات في الاشتراطات التي تضعها على المباني، وخدمات الشوارع، وتجبر الإدارات على التقيد بهذه التعليمات، إلى جانب استحداث جهة تشرف على استخدام مياه الصرف الصحي المكررة».

ويقترح كوشك للاستفادة من تلك المياه بشكل فعال، فرض جملة من الاشتراطات في المباني الجديدة والقائمة، توضع بموجبها شبكتين للمياه، الأولى تكون للمياه المحلاة، وشبكة أخرى لمياه الصرف الصحي، وفرض تنفيذ تلك الشبكات على المناطق الصناعية الجديدة. وتختلف تكلفة تحلية مياه الصرف الصحي بحسب كيفية معالجة تلك المياه، وبحسب عشقي الذي يؤكد أن أقل محطة لتحلية المياه تتكلف 300 مليون ريال، بطاقة استيعابية 200 ألف متر مكعب، إلا أنه يستدرك بقوله إن معظم تلك المحطات لم تعمل نظرا لعدم وجود فنيي صيانة بصفة دورية وعلى مدار الأربع والعشرين ساعة.

ويذهب أستاذ علم البيئة إلى أبعد من ذلك، حين علق على الطريقة التي تتبعها محطات تحلية المياه في عمليات المعالجة والمعروفة بالطريقة «المعقدة» وتحتاج إلى طاقم فني يتراوح ما بين 200 و300 فني، إلى جانب أن تكلفة الصيانة المرتفعة، مشددا على ضرورة اعتماد الطرق المعتمدة في العالم «الطريقة الحيوية لمعالجة المياه»، لا سيما أنها أوفر ولا تتطلب صيانة، وتكلف 10 في المائة مما تكلفه تحلية المياه بالطرق التقليدية.

جدير بالذكر أن دراسة سعودية بينت أن أزمة مستقبلية للمياه تلوح في الأفق، وذلك في ظل ارتفاع استهلاك الفرد اليومي للمياه من ناحية، وقلة الموارد المائية من ناحية أخرى، وأن نسبة كبيرة من المياه المهدرة سيتم توفيرها إذا طبقت عمليات تدوير المياه واستصلاحها، ومن ثم استخدامها في بعض الاحتياجات مثل الغسيل أو المصانع وخلافه.

وقالت الدراسة إن السعودية وحسب الإحصاءات العالمية، تعتبر ثالث أكبر مستهلك للماء في العالم، حيث تأتي بعد الولايات المتحدة وكندا من حيث نصيب الفرد، مع أنها أفقر جهات العالم من حيث الموارد المائية، مما جعل الدولة تلجأ إلى استغلال المياه الجوفية في سد العجز، حيث يشكل استهلاك الفرد ما مقداره 250 لترا يوميا، في حين توفر الدولة نحو 66 مليون دولار كتمويل لمشاريع البنية التحتية للمياه والصرف الصحي حتى عام 2020.