قدامى الصيادين يواجهون الشباب تحقيقا لتواصل الأجيال

لزيادة حرفية صيادي الأسماك في جدة

TT

عرضت مجموعة من قدامى الصيادين في محافظة جدة أمس عددا من الطرق والأساليب التي كانت تستخدم في الصيد قديما، والتي تساعد على تحديد أماكن وجود الأسماك بواسطة النجوم ليستدلوا على الاتجاهات ليلا، كذلك استخدام المراكب الخشبية (السنبوك) ونحوها. ويأتي هذا التحرك لتشجيع الشباب السعودي والمهتمين بالصيد على مزاولة المهنة بعد أن شهدت عزوفا على مدار السنوات الماضية، الأمر الذي ساعد على تدفق الأيدي العاملة في هذا القطاع.

المبادرة التي قامت بالتنسيق لها مجموعة تطوعية باسم «قلب جدة» هدفت من خلال عمدة حي «اليمن» و«البحر» عبد الصمد محمد، وجمع عدد كبير من شيوخ المهنة، إلى تعريف الأجيال الحالية بما كان عليه الصيادون في السابق، وكيفية المعاناة في الصيد بالأدوات القديمة وما هو عليه الآن، حيث تحسنت طرق الصيد من خلال جهود الدولة وإنفاقها على الثروة السمكية والبحرية ودعم المهنة.

وأوضح أحمد بن بريك، المدير الإعلامي والمتحدث الرسمي لمجموعة «قلب جدة»: «نسعى إلى جذب عدد من الشباب المهتمين بمعرفة تاريخ محافظة جدة للتضافر على العمل المثمر للإنسان والمكان، ونهدف إلى جمع أكثر من 3 آلاف شخص مخلص وشغوف محليا وعالميا، ممن يضعون قلب جدة في قلوبهم، وإضافة 3 آلاف شخص لكل سنة، حتى نصل إلى 9 آلاف شخص بنهاية السنة الثالثة حتى نتمكن جميعا سواء من الأهالي أو الجهات الرسمية والمؤسساتية، من إحداث التغيير الممكن والمرتقب للحفاظ على قلب جدة، وزيادة الوعي المحلي والعالمي بأهمية ذلك القلب، والحفاظ عليه ليكون واقعا وفعلا جزءا مهما من التراث الإنساني العالمي».

وقال عبد الصمد محمد عمدة حي «اليمن» و«البحر» إن «المهنة تعد الأولى لسكان جدة، فقد أوضحت الكتب أن سكان جدة منذ آلاف السنين كانوا عبارة عن مجموعة من صائدي الأسماك، لذلك كان من الضروري أن يجتمع الصيادون للقاء مع الشباب والحديث حول المهنة». وبين عبد الصمد «بحسب إحصائية فإن السعودية تمتلك من السواحل 2640 كيلو مترا على كل البحر الأحمروالخليج العربي، وساحل البحر الأحمر يمثل 79 في المائةمن إجمالي السواحل، لذلك فإن سوق السمك في جدة لا بد أن تلعب الدور المهم والذي يعكسه أصحاب مهن الصيد وتزايد أعدادهم من خلال تسليط الضوء على الشباب الصاعدين، حيث تمكنا اليوم من خلال اللقاء في سوق السمك البنقلة في طرح جميع استفساراتهم للرد عليها من قبل أصحاب المهن القدامى».

وحول السوق التي تقع في جنوب جدة أشار عبد الصمد «كان موقع البنقلة عند مدخل شارع قابل من الجهة الغربية، ثم انتقلت بالقرب من موقع مؤسسة النقد الحالية، ثم بالقرب من مبنى البريد الحالي، ثم بالقرب من شركة النقل الجماعي، حتى وصلت إلى الموقع الحالي في عام 1404 هجريا، وتعاقب العديد من الشيوخ على هذه المهنة خلال المائة عام الماضية، واستهوت مهنة الصيد بعض موظفي الدولة ورجال الأعمال فأمضوا جل حياتهم في الصيد».

وأكد مجموعة من الصيادين أن المهنة هي الأولى لسكان جدة منذ آلاف السنين، حيث كانوا عبارة عن مجموعة من صائدي الأسماك، وقد استمرت هذه المهنة حتى عهد قريب حيث أخذت في الاضمحلال نتيجة ظهور شركات الصيد الكبيرة واستخدام التقنية الحديثة.

وأضافوا «امتلك صيادو جدة التاريخية مهارات فائقة في طرق صيد الأسماك وتحديد أماكن وجود الأسماك وعلى أي عمق، واستخدموا علم التنجيم ليستدلوا على الاتجاهات ليلا، وكانت لهم أخلاقيات للمهنة ويسعون إلى المساعدة والتعاون في ما بينهم، كما أنهم يمتنعون عن اصطياد السمك أثناء تناسله حماية للبيئة».

وبالعودة إلى المتحدث باسم «قلب جدة» أشار إلى أن «طريقتنا في المجموعة هي المداومة على زيارة قلب جدة في البلد والمنطقة التاريخية والوجود فيها حتى نعرفه جيدا بكل ما يحمل من ثقافة، لنحبه من دون قيد أو شرط، وجمع ونشر الكتب الثقافية والتاريخية، والصور الفوتوغرافية، والمنتج الأدبي والفني من خلال المحاضرات والمدونات والمواقع على الإنترنت للتواصل مع أصحاب المهن القديمة لتعاقب الأجيال عليها».

وزاد «نحن على هذا الطريق نعمل كفريق واحد بنشاط فردي وقوة جماعية، ونظرتنا إلى الأمور تنطلق من رؤية عصرية ذات جذور عميقة وقوية على الماضي بغرض إعانتنا للانطلاقة إلى المستقبل وليس فقط بغرض إحياء القديم وعاداته فقط، بل هي تتعلق بإطلاق تراث الماضي إلى المستقبل الحداثي والتوازن ما بين العودة إلى الماضي حيث جذور الأثر والخطو إلى مستقبل مشرق وعصري».

واستطرد «برامجنا في (قلب جدة المنطقة التاريخية) تتمحور تحت خمسة برامج، ولكل برنامج مشاريع عديدة منبثقة منه، تقودها وتحركها وتنجزها المجموعات الفرعية منبثقة من الرؤية الوطنية والعالمية في بناء الإنسان لتنمية المكان بكل ما يحتوي من ثقافة، والإنسان بدرجة ارتباطه بمحتوى تلك الثقافة».