«التطعيس» في السعودية.. سباحة على الرمال محفوفة بخطر الموت

رياضة تخضع لقوانين وضوابط ومعايير عرفية وتفتقد للمظلة الرسمية

لقطة جماعية للمشاركين في رحلة التطعيس
TT

تمكن شباب سعوديون من تحويل هواية «التطعيس» إلى عمل جماعي منظم يقدم رحلات في صحاري السعودية، مما يجعل الكثير يعيش هذه التجربة المثيرة التي يعتقد الكثير من الناس أن بإمكانه ممارسة هذه الهواية في أي وقت يشاء ودون دراية أو معرفة مسبقة، إلا أن اللافت للنظر أنها تحمل في طياتها الكثير من المخاطر والحوادث لمن لا يملك الخبرة في ممارستها وقد تصل إلى حد الموت.

«الشرق الأوسط » رافقت فريق هواة «التطعيس» في رحلة لكشف أسرار وعالم هذه الهواية المثيرة للجدل في صحراء منطقة مكة المكرمة، فكانت الانطلاقة من جدة باتجاه طريق مكة المكرمة جنوبا، وكان الكثير من المرافقين في الرحلة يعتقدون أن الأمر مجرد الدخول إلى منطقة صحراوية، إلا أن ذلك كان مختلفا تماما، حيث بدا الفريق في العمل والاستعداد والترتيب الطويل لهذه الانطلاقة، ومرت بمراحل كثيرة قبل الانطلاق فمن حصر وترقيم السيارات إلى توفير الوقود والأجهزة اللاسلكية ومعدات المساندة لمواجهة الحالات الصعبة إلى توفير الإسعافات الأولية، وقبل الانطلاق بدأ رئيس فريق التطعيس سرد سلسلة من الإرشادات والتعليمات، مما أشعرنا في المجموعة بأنهم ذاهبون إلى رحلة الموت وليس من أجل اكتشاف عالم التطعيس الغريب، فبدأ يتحدث عن كيفية التصرف في حالات الانقلاب وغمر السيارة في الصحراء وتعطلها وفقدان الطريق، وكلها توحي بالخطر المحدق. وكان الفريق مكونا من 13 سيارة جيب متوسطة الحجم، وعدد المشاركين في التجربة أكثر من 30 شخصا، من بينهم إعلاميون وصحافيون.

وتستمر فصول التجربة، فبعد الانتهاء من مرحلة التعليمات شرع الفريق في الخطوات الأولى للانطلاق، بتحديد الطريق على الخريطة وبالاتفاق مع كافة أفراد الطاقم على تحديد مسار الطريق، ولكي تسيير في هذه الرمال الكثيفة فإن أول خطوة تقوم بها تخفيض ضغط الهواء في إطارات سياراتك لحمايتها من الانغماس في الصحاري ويساعدها في الانطلاق دون توقف، وبعد الدخول إلى الصحراء بنحو 80 كيلومترا جنوب مدينة جدة، وتحديدا في منطقة تعارف عليها أصحاب هذه الهواية، بدأت السيارات تصعد إلى قمم الكثبان الرملية وتتمايل هنا وهناك، فلا تسمع إلا صراخ الخوف لمن لم يسبق له أن دخل عالم التطعيس، كان واضحا، فمن السرعة الجنونية إلى الانحراف السريع إلى القفزات الطويلة، مما يشعر الركاب بالسقوط إلى الهاوية، ومع استمرار الرحلة التي انطلقت في الساعة الثالثة عصرا واستمرت حتى السابعة، عاش فريق الرحلة الكثير من المواقف، ففي إحدى المراحل غرقت إحدى السيارات في الرمال ولم يستطع الفريق إنقاذها إلا من خلال سحبها بسيارة أخرى، بينما عجزت بعض السيارات من الصعود إلى قمة الكثبان الرملية وبدأت تعود إلى الخلف، في لحظة مرعبة يفقد فيها السائق السيطرة على السيارة، وقد استغرق ذلك جزءا من وقت الرحلة. ومن المواقف التي أشاهدها لأول مرة أن العائلات أيضا تسجل حضورها لمشاهدة هواية «التطعيس»، وكان الكثير من الشباب يوجدون على امتداد الصحراء، وقد سجل كل واحد منهم هوايته وشعاره المفضل على سيارته، إضافة إلى بعض العبارات التي تدل على التحدي والإثارة.

وقال لـ«الشرق الأوسط» صالح الغامدي، رئيس الحوت للتطعيس أحد هواة رياضة «التطعيس»، إنها محفوفة بخطر الموت لمن لا يعرفها، فهي رياضة لها قوانين وضوابط ومعايير متعارف عليها، يجب على من يرغب في هذه الرياضة الإلمام بها والتعرف عليها، ومن أهمها التدريب مع أشخاص يملكون الخبرة الكافية في هذه الهواية ويستمر في التدريب لفترة طويلة، كما يجب توفير نوع خاص من السيارات التي توفر عامل السلامة، حيث إن الكثير من السيارات غير مناسبة لهذه الهواية، وقد تسبب في حوادث انقلاب مميتة، مشيرا إلى أن الكثير من الصحاري غير صالحة لممارسة الهواية، ومن أخطرها منطقة الرمال المتحركة التي قد تغمر السيارة كاملة. وطالب الغامدي بمظلة رسمية تجمع هذه الرياضة في إطار مؤسسي له معايير وضوابط لحماية هؤلاء الهواة وتجعل منها رياضة تمارس بكل سلامة وأمان بدلا من شكلها العشوائي، «فمن أبرز المعاناة التي نعيشها عدم توافر أماكن محددة لهذه الرياضة في المدن السعودية، مما يضطر الكثير إلى ممارسة هوايته في أي صحراء ودون توفير الحماية اللازمة، على العكس من دول الخليج المجاورة التي حددت مواقع لهذه الرياضة ونظمتها وفق ضوابط، فأصبح الهواة يرتادون تلك المواقع ويجدون كافة الخدمات المساندة من توفير المحلات التجارية التي تبيع ما يحتاج إليه رواد هذه المواقع من مستلزمات»، موضحا عدم وجود رعاية من الشركات السعودية لهذه الهواية.

من جانبه، أوضح هتان البيومي، المهتم بتلك الهواية، أن غالبية ممارسي هذه الهواية من الموظفين، وقد كانت البداية جهود فردية، ومع التعارف توصل الهواة إلى تكوين فريق منظم، وتم تعيين رئيس له يقوم بتقسيم المهام وتنظيم الفريق، موضحا أن هواة التطعيس يعيشون معاناة مع أسرهم، حيث تتسبب ممارسة هذه الهواية في الغياب عن الأسرة بشكل مستمر، خاصة في رحلات الاكتشاف التي تستمر لعدة أيام بكل ما فيها من إخطار ومغامرة.