«صواريخ» تتحول لأكبر تجمع تجاري في الشرق الأوسط

سوق شعبية في طريق قاعدة جوية

عرض المنتجات كما يبدو في سوق الصواريخ
TT

في غرب السعودية وقبل ما يزيد على عشرين عاما نشأت سوق شعبية على أطراف ساحل البحر الأحمر في جدة، وأطلق عليها من قبل مرتاديها سوق «الصواريخ» نسبة إلى مجسم تم إنشاؤه لمجموعة صواريخ على جانب الطريق الرئيسي المؤدي إلى القاعدة البحرية بالقرب من السوق الشعبية.

كانت السوق التي أخذت طابعا تقليديا في الشكل الهندسي لمداخل ومخارج السوق الضيقة، ومنافذ للبيع غلب عليها بدائية التصميم والعرض العشوائي، مع انتشار «المباسط» بين أروقة السوق وعلى أطرافها، ملاذا لسكان جدة من ذوي الدخل المحدود للحصول على حاجاتهم بأسعار زهيدة مقارنة مع ما يتم تداوله خارج هذه الأسوار وفي مواقع شتى تحتضنها العروس.

ومع تعاقب الليل والنهار ومرور السنين خرجت سيطرة السوق عن الجهات الثلاث فباتت محطة للقادمين من الشمال (المدينة المنورة) والشرق (مكة المكرمة) والليث والقنفذة جنوبا، لشراء مستلزماتهم من ملابس وأدوات منزلية ونحو ذلك، ومنهم من شرع في الاتجار وتحميل كميات من مختلف البضائع وإرسالها لمدينته لتسويقها.

ومن خصائص السوق التي أعطتها ذلك الوهج تدني سعر المعروض من جميع الأصناف والأنواع، وبعدها عن صخب المدينة، ووجودها على مساحة شاسعة مفتوحة، بلا قيود أو شروط للعرض، إضافة إلى انتشار السلع المستعملة أو المحسنة من الملابس الجاهزة، تلك هي العوامل التي دفعت ذوي الدخل المحدود إلى الغوص في محيط سوق تديرها عمالة وافدة.

وبعامل الخبرة التي اكتسبتها السوق الشعبية طغت سمعتها في مواسم العمرة والحج، فبات منظر الحجاج والمعتمرين بعد أن أدوا مناسكهم مألوفا وهم يتجولون لشراء منتجات أقل سعرا عما هو معروض في دولهم، خصوصا الأجهزة الإلكترونية والكهربائية التي لقيت رواجا في قلب السوق الشعبية التي لا تجد فيها موطئ قدم مع وداع الشمس نهاية كل أسبوع.

ويعتقد الكثير أن التنظيم الجديد للسوق بشكل ممراتها الترابية وندرة الأرصفة وأبنية قديمة، يكثر فيها الباعة الجائلون وافتراش الأرض لبيع ما يقذفه البحر عبر ميناء جدة الإسلامي، ولا تضم بين جنباتها سوى الخردة والملابس وبعض من أثاث، إلى جانب اتساع خارطته ليتجاوز المليون متر مربع بطرق وممرات وأرصفه تحتضن قرابة 13 ألف محل يتنوع في ترويج منتجه.

ومع هذا التنوع والنمو الذي غير ملامح السوق الشعبية وخرج بصورتها الحالية كسائر الأسواق المنظمة، وإن شابتها العشوائية في المواسم ونهاية الأسبوع، فهذه العوامل قللت من التوجه إليه في ظل نمو أسواق شعبية منافسة في عدد من أحياء جدة، وهذه العشوائية لم تتمكن الأجهزة الرقابية من بترها مع الكثير من الحملات التي تنفذها وزارة التجارة للتأكد من صلاحية تصاريح الأكشاك وضبط المخالفات والتستر التجاري داخل المحلات التجارية التي تقوم بتشغيل عمالة غير مقيدة على رأس العمل.

وغدت السوق مع عيدها البرونزي أحد أهم المعالم التي تستقطب الزائر لغرب السعودية الذي يجد ضالته في كل المنتجات وتدني السعر مع الاستمتاع في فصل الربيع بالتسوق تحت أشعة الشمس بصحبة عائلته، في ظل تنامي بيع مأكولات بعض تلك الدول.

وسجلت السوق ومنذ نشأتها حوادث مختلفة كان في مقدمتها العشوائية في التمديدات الكهربائية وقرب المستودعات، التي نتج عنها قرابة خمس حالات تسببت في خسائر مالية كبيرة، الأمر الذي دفع فرق السلامة التابعة لإدارة الدفاع المدني في محافظة جدة بجولات تفتيش للتأكد من توافر اشتراطات السلامة ومخارج الطوارئ.

وفي الجانب الاقتصادي يتوقع متعاملون في السوق أن يسجل موسم العام الحالي أرباحا تتجاوز 250 مليون ريال في بيع الملابس والأجهزة الكهربائية والمفروشات، بينما تنخفض الأرباح في المواد الاستهلاكية الأخرى لقلة الإقبال في هذه الفترة.

وتعتمد الأمانة خططا جديدة لاحتواء المخالفات في سوق «الصواريخ» لبيع المواد المقلدة، مطاردة العمالة الوافدة المخالفة لنظام العمل بالتعاون مع الجهات الأمنية، إلا أن انتشار العمالة الوافدة الذي يغطى السوق يزداد مع قرب السوق لحي شعبي يعتقد أنه ساعد في تنامي وجودهم بالقرب من السوق.