حيرة الصيف.. الأندية المدرسية ليست ملائمة دائما

الأسر تعمد إلى التخلص من وقت فراغ الأبناء.. و«التربية» تكرر البرامج

جانب من نشاط مركز صيفي في مدينة جازان السعودية
TT

حين يبدأ مؤشر درجة الحرارة في الارتفاع، تعلن حالة الطوارئ في البيوت السعودية، للبحث عن مراكز صيفية تستطيع لملمة حالة الملل والضجر لدى أبنائها، ناهيك بمحاولتها إيجاد قنوات تستقبل الطاقات المتفجرة والاستفادة منها بشكل إيجابي.

وتأتي أهمية النوادي الصيفية من الهدف الذي أنشئت من أجله كما وصفت فريدة أبو النور التي تحرص على البحث عن أفضل النوادي التي تلبي حاجات أبنائها، بينما يبدو أن الأمر مرهونا بدور إعلامي، ما دعاها إلى المطالبة «بوضع نشرة إعلانية للنوادي وأماكن وجودها والأنشطة الصيفية التي سوف تقام فيها».

ويستند إقرار الأنشطة في النوادي الصيفية إلى مدى توافقها مع المعايير التي ترسيها الجهات الإشرافية بوزارة التربية والتعليم، ومدى تناسبها مع الفئات العمرية التي يستقبلها النادي خلال فترة الصيف. ويعتمد منح الترخيص لافتتاح نادٍ صيفي على توفر «ضوابط مكانية تتعلق بمدى جهوزية المباني وتوفر ملاعب ومسابح»، وضوابط بشرية تعتمد بالدرجة الأولى على منسوبي التربية والتعليم، كما أوضح أنس أبو داود مدير النشاط الطلابي بإدارة التربية والتعليم بمحافظة جدة.

وتتفاوت البرامج في تنوعها، حسب تفكير القائمين على تلك النوادي، ما جعل لها تصنيفا نمطيا في أذهان الناس، بين مراكز دعوية صيفية كما هو الحال في تلك التي تشرف عليها الندوة العالمية للشباب الإسلامي، وبعض المدارس التي تتخذ صبغة دينية، على الرغم من كونها تعمد إلى تقديم برامج «شمولية تجمع بين الترفيه والفائدة، تتسق مع الاحتياجات النفسية والاجتماعية والجسدية، لتحقيق التوازن المطلوب»، كما ذكر مصطفى خرد مدير الفرق الشبابية بالندوة.

وعلى الرغم من التنوع الذي يؤكده القائمون على النوادي الصيفية، فإن مدير عام النشاط الطلابي بإدارة التربية والتعليم بمحافظة جدة يشير إلى أن الأنشطة الرياضية تبلغ 60% من مجمل النشاط الصيفي، بالإضافة إلى البرامج الكشفية والعلمية والثقافية والفنية والتدريب والزيارات والرحلات.

ويعدّ الروتين إطارا لمعظم المراكز عبر تكرار البرامج كل عام، ويظل انخراط المشرفات من النساء في عمل المراكز الصيفية المخصصة للبنات شكليا إلى حد بعيد، تمثله زيارات ميدانية لتقييم مدى الإقبال على النادي، دون وجود معايير قياس حقيقية، سوى اجتهادات شخصية، وأكدت نادية فقيه مديرة «نادي الأخلاق الصيفي» أن الأمر يتوقف عند التقييم بين قياس نسبة الحضور أو الغياب، والتركيز على سعودة الوظائف، ومتابعة عدد وأوقات ساعات العمل، التي تلزم الأندية بأن تكون مسائية تبدأ من الرابعة حتى الثامنة.

نمطية الأنشطة في نوادي التربية والتعليم لم تشكل مانعا حقيقيا أمام ابتداع أنشطة المشاركة المجتمعية، من خلال «المشاركة في تنظيف وتنسيق الحدائق»، كما ذكر أبو داود، بينما عمدت الندوة العالمية إلى توفير برامج تطوعية، من خلال حملات «سقيا» و« أمة اقرأ عادت تقرأ» التي تهدف إلى «توجيه الطاقات الشبابية لأعمال إيجابية»، كما أوضح خرد، إلا أن ذلك لم يمنع أندية القطاع الخاص لكسر تلك الصورة، من خلال تمارين رياضية تعتمد على إيقاعات موسيقية، كمحاولة للارتقاء بالذوق.

وفي محاولة للاستفادة من برامج التفكير الإبداعي، التي تعكف الجهات التعليمية على تقديمها لمنسوبيها. جاء تقديم فكرة المشاركة في برامج التنشيط السياحي، من خلال الفعاليات السياحية، في حين تأتي المطالبة بأنشطة صحية «تعالج النواحي المهملة، في التعامل مع الحوادث الطارئة، التي قد يتعرض لها الجميع، باعتباره مبررا قويا لمثل هذه الأنشطة في أبسط صورها، مبادئ الإسعافات الأولية التي يجهلها كثيرون» كما أوضحت أبو النور، وهي استشارية أمراض نساء وولادة، ديباجة هذه البرامج التي تتسق مع المفهوم السائد للنشاط الصيفي، الذي وصفته فقيه بأنه لا يخرج عن اثنين، ابتدع الأول أولياء الأمور في محاولة «للتقليل من وقت فراغ الأبناء»، بينما ارتبط الآخر بالبحث عن «دخل إضافي وصورة دعائية لنادٍ، هو بالأساس مدرسة»، يبدو أنه لا يختلف في مضمونه عما يأخذه الطلاب خلال عامهم الدراسي، وهو ما يدعو للتساؤل عن مفهوم الأنشطة الصيفية وأهميتها.

وقالت فوزية أشماخ، الاستشارية النفسية والاجتماعية، ومديرة مركز استشارات بـ«الترفيه في إطار التعليم»، إن النشاط الصيفي لا بد أن يتناول جانب «تطوير المهارات الفكرية والقيادية، حتى يتسنى للطلاب الوصول إلى مرحلة الاختيار وحرية القرار».

واعتبرت أشماخ النشاط الصيفي بوابة تأهيل لعام دراسي جديد يتطلب أن يكون «ترفيهيا بالكامل يشمل الرحلات السياحية، والألعاب الرياضية، وتربية الذائقة»، مؤكدة على أن أندية الصيف لا بد أن تكون تحت إشراف جهات مثل رعاية الشباب، كونها أقدر على توفير متطلبات هذه الأندية وإعداد برامج أكثر ملاءمة.