حوادث قطار الشرق «الحزين».. المسلسل الذي لا ينتهي

TT

لم يكن هذا العام الذي انصرم نصفه عاما سعيدا لقطار الشرق، الذي يربط الدمام على الساحل الشرقي للمملكة بالعاصمة الرياض مرورا بواحة الأحساء.. لكن الأعوام الخمسة السابقة هي الأخرى لم تكن مريحة للمسؤولين عن هذا الخط الوحيد الذي ينقل أكثر من مليون راكب سنويا بين العاصمة والمنطقة الشرقية، كما لم تكن مريحة للركاب الذين وجدوا في أحيان متكررة أنفسهم عرضة للخطر، أو الأعطال المتكررة التي دفعت بعضهم للخروج من القطار في صحراء قاحلة وسط ظروف مناخية قاهرة.

سيرت الخطوط الحديدية أولى رحلاتها قبل أكثر من نصف قرن، وتحديدا في عام 1951 وهو القطار الوحيد الذي يعمل لنقل الركاب ليس في السعودية وحدها وإنما في كامل الجزيرة العربية.

مسلسل حوادث القطار الذي كان آخره أمس يمتد لحلقات طويلة، فيوم الاثنين الماضي وقع حادث تصادم للقطار قادم من الرياض مع شاحنة في محافظة الأحساء. ومنذ مطلع أبريل (نيسان) والقطارات التي تديرها المؤسسة تتعرض للأعطال والحوادث، ففي 2 من مايو (أيار) تم إيقاف أطقم قطارات إسبانية حديثة، قامت بشرائها المؤسسة لتحديث قطارات الركاب، وذلك بسبب الأعطال التي تكررت عدة مرات، وحددت فترة شهر واحد حينها لإصلاح الأعطال المتكررة، والتي قيل حينها إنها أعطال في برمجة القطارات بسبب الأحوال المناخية.

إلا أن المؤسسة اتخذت قرارها في نهاية شهر مايو بإيقاف العمل بالقطارات الجديدة وإخضاعها لفترة تجريبية على مدى أشهر الصيف للتأكد من جهوزيتها للعمل في الظروف المناخية للمملكة، وفي 20 يونيو (حزيران) الحالي أبلغت هيئة مكافحة الفساد المؤسسة العامة للخطوط الحديدية بعدم قبول القطارات الإسبانية إلا بعد التأكد من ملاءمتها للظروف المناخية في المملكة.

كما ظهرت مشكلة الميناء الجاف الذي تديره المؤسسة كواحدة من أبرز المشاكل التي واجهتها المؤسسة خلال الفترة الماضية، بسبب تغير المقاول المشغل للميناء، حيث ارتفع عدد الحاويات في الميناء الجاف في العاصمة الرياض إلى قرابة 19 ألف حاوية، نتج عن ذلك تأخر في تسليم البضائع وتكدس للحاويات في ميناء الملك عبد العزيز بالدمام الذي تنقل منه الحاويات.

عام 2011 مر هادئا على المؤسسة، في حين شهد عام 2010 جملة من الحوادث، ففي أكتوبر (تشرين الأول) من العام نفسه لقي خمسة عمال مصرعهم وأصيب سادس في حادث وصف بأنه الأسوأ في حوادث القطارات السعودية، ووقع الحادث حينها في منطقة عمل كانت المؤسسة تنفذ فيها ازدواج الخط الحديدي.

وفي يناير (كانون الثاني) من عام 2010 تعرض أحد قطارات نقل الركاب لحادثة جنوح ثلاث عربات في منطقة صحراوية بالقرب من محافظة الخرج جنوب الرياض، وكان على متن القطار وقتها 183 راكبا. فيما تعرض قطار بضائع في شهر فبراير (شباط) من العام ذاته للاصطدام مع قاطرة مناورة خارجة من ورشة القطارات في محيط مقر المؤسسة بالدمام، وكان القطار قادما من ميناء الملك عبد العزيز بالدمام ومحملا بالبضائع لنقلها إلى الميناء الجاف بالرياض.

وتزامن ذلك الحادث مع تصريحات أطلقها الدكتور جبارة الصريصري، وزير النقل السعودي في ذلك الوقت، مؤكدا فيها أن «وسائل السلامة في القطارات الجديدة تعد أفضل من سابقتها وتعد مطابقة للاشتراطات والمواصفات المطلوبة، بدليل أن حوادث القطارات بالسعودية تعد أقل بكثير من حوادث قطارات دول العالم المتقدمة فهي الأفضل في تحقيق وسائل السلامة والأقل حوادث».

وأشار إلى أن القطارات القديمة ستستمر في العمل مع القطارات الجديدة التي ستضاف إلى أسطول الشبكة الحديدية لتغطية الطلبات المتعلقة بالسفر والتنقل بين المدن، إلا أن حادثة أمس فتحت العديد من التساؤلات التي طرحها الركاب عن وسائل السلامة التي شددت عليها وزارة النقل في ذلك الوقت بعد الحادثة، إلا أنهم أصيبوا بخيبة أمل بعد الأعطال التي تعرضت لها القطارات السعودية خلال الأشهر الأربعة الماضية، وما تبعها من حادثة أمس التي أوقعت إصابات تجاوز 35 راكبا.

في حين أعلنت المؤسسة في أكثر من مناسبة أنها استثمرت قرابة 600 مليون ريال خلال السنوات الخمس الأخيرة في مشاريع الأمن والسلامة. وقدرت تكلفة حوادث القطارات التي تعرضت لها قطارات المؤسسة خلال السنوات الخمس الأخيرة بنحو 12 مليون ريال. وتنقل قطارات المؤسسة في رحلاتها بين الدمام والرياض نحو 2800 راكب يوميا، ويرتفع هذا العدد في إجازة نهاية الأسبوع ليصل إلى نحو 4500 راكب.

وفي ديسمبر (كانون الأول) من عام 2008 وقع حادث جنوح لـ8 عربات شحن تحمل 400 طن من الإسمنت غير المعبأ، كانت متجهة من مصنع الشركة السعودية للإسمنت الذي يقع بالقرب من محافظة الأحساء، إلى ميناء الملك عبد العزيز في الدمام. وقيل حينها إن الخط الحديدي تضرر بشكل بالغ، كما وقع الحادث تصادم بين قطارين للبضائع في شهر مايو من العام ذاته على الخط المحاذي لشاطئ نصف القمر، كان أحدهما متجه إلى مدينة الرياض والآخر إلى مدينة الدمام، عندما دخل القطار القادم من مدينة الرياض إلى منطقة التخزين لإفساح المجال للقطار الآخر للعبور.

إلا أن الملاحظ على قطارات المؤسسة العامة للخطوط الحديدية أن الأعوام ذات الرقم الفردي خالية من الحوادث، أو لنقل من الحوادث الكبيرة، فلم تسجل المؤسسة خلال السنوات الخمس الأخيرة في عامي 2009، و2011، أي حوادث تذكر، بينما الأعوام ذات الأرقام الزوجية شهدت العديد من الحوادث.

ففي الأعوام 2008 و2010 و2012 شهدت قطارات المؤسسة جملة من الحوادث جعلت البعض يتساءل عن تتابعها بينما لا يوجد سوى خط حديدي واحد - خط حديد شركة «سار» يشغل بشكل تجريبي في الجزء المخصص لنقل خامات المعادن ولا ينقل ركابا في الوقت الراهن - طوال أكثر من نصف قرن.

يوم أمس وقع أضخم حوادث هذا القطار على بعد 70 كيلومترا من العاصمة الرياض في رحلة القطار رقم واحد بين الدمام والرياض، ووقع حادث الانقلاب الذي لم تحدد أسبابه بعد للقاطرة وثلاث عربات تضررت بشكل بالغ وتضاربت المعلومات حول الإصابات التي نجمت عن الحادث.

في حين ذكر مصدر في المؤسسة العامة للخطوط الحديدية، وهي الجهة التي تشغل وتدير الخط الحديدي الذي يربط العاصمة الرياض بالدمام، أن عدد الإصابات 12 إصابة، بينها إصابتان وصفهما بالمتوسطتين، تم نقلها بالإسعاف الطائر، بينما نقلت مصادر عن الدفاع المدني أن عدد الإصابات في الحادث بلغت 19 إصابة. في حين ذكر مصدر في الهلال الأحمر أن عدد الإصابات 46 إصابة، بينها 25 إصابة تم إسعافها ميدانيا، بينما تم نقل 19 مصابا إلى مستشفيات في العاصمة الرياض.