تسريب المعلومات التجارية يضرب مستقبل المستثمرين الجدد

مطالبات بتفعيل أنظمة لحماية الهاربين من نار البطالة إلى جنة المشاريع الصغيرة

TT

انتقد عدد من المهتمين بأداء شركات وصناديق التمويل للمشاريع الصغيرة تسريب بعض شركات التمويل معلومات تجارية لصالح كبار المستثمرين على حساب المستثمرين المستجدين الهاربين من نار البطالة إلى جنة الاستثمار في المشاريع الصغيرة والمتوسطة وهو ما يحرمهم من تكافؤ الفرص، ولا يضع طريقا أمامهم غير الفشل أو الخسارة التي تحول بينهم وبين إكمال نشاطهم التجاري، وهو الأمر الذي دفع الخبراء للمطالبة بنظام حماية يكفل للمستثمرين حقوقهم.

وتعقيبا على ما سبق أكد الدكتور فاروق الخطيب المحلل المالي وأستاذ علم الاقتصاد بجامعة الملك عبد العزيز في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أن تسريب شركات التمويل للمعلومات التجارية التي يحصلون عليها بحكم طبيعة عملهم يعد أحد أكبر العوائق التي تواجه المستثمرين المستجدين وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، موضحا أنه يؤثر سلبا على سير أعمالهم المبتدئة.

وعلل ذلك بأن هذا التصرف الذي قد يستهين فيه بعض موظفي شركات التمويل يحرم أولئك المستثمرين حقهم في الاستثمار والتوسع، ويقضي على فرصتهم في الاعتماد على أنفسهم واستقلاليتهم، ويكون سببا رئيسيا في فشلهم، ويؤدي إلى انعدام مبدأ تكافؤ الفرص في المجتمع، في الوقت الذي يعد فيه هذا المبدأ ركيزة أساسية في الحياة، مطالبا بضرورة وضع نظام واضح ومحدد لمن يتلاعبون بمثل هذه المعلومات.

ولم يخف الدكتور إحسان بوحليقة الخبير الاقتصادي وعضو مجلس الشورى السابق خطورة تسريب المعلومات التجارية من قبل شركات التمويل لبعض المستثمرين على حساب البعض الآخر في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أن «تسريب المعلومات وبيعها موضوع شائك جدا» مشيرا إلى جملة من الأساليب الاحترازية التي قد يلجأ إليها المستثمر الصغير في بداية التعامل مع شركات التمويل لحماية نفسه.

ليضيف «هناك أمور من باب الفراسة معرفتها، والعمل بها، فلا نستطيع أن نقول بأن شركات التمويل هي وحدها من تتحمل هذا الخطأ فعلى المستثمرين أن يكونوا أكثر حرصا على معلوماتهم، وأن يعلم أن المعلومات ذات القيمة قد يستفيد منها الآخر، ومن ضمن ذلك الحرص أن يعرف أين تذهب معلوماته، ليؤكد أن المعلومات التفصيلية في أي مشروع استثماري لا يكون إلزامية إلا بعد الموافقة الأولية والمبدئية على تمويل المشاريع، على نحو يكون المستثمر قد حافظ على وقته وجهده».

وعن تلك الخطوات الاحترازية وضح في البداية لا بد للمستثمر أيا كان حجمه أن يعلم أن هناك اتفاقيات للحفاظ على السرية في المعاملات التجارية، ولا بد له أن يوقع على هذه الاتفاقية، ثانيا أن يعطي الحد الأدنى من المعلومات للشركة الممولة دون تفاصيل، على أن تكون هذه البيانات بالتدريج، مؤكدا أن هذه الخطوات من شأها أن تتيح للطرف الأول وهو المستثمر متابعة حركة الطرف الآخر ألا وهي شركة التمويل، ومقاضاته في حال أساء استخدام هذه المعلومات من خلال شكواه لدى ديوان المظالم.

ويستبعد بوحليقة الخبير الاقتصادي وجود مؤامرة من قبل شركات التمويل تجاه صغار المستثمرين إلا أنه أكد أن المسألة تتعلق بممارسات سلوك وأفراد، وهو الأمر الذي دفعه للمطالبة من شركات التمويل فرض اتفاقيه أخلاقية مهنية تحث وتجبر موظفيها على التحلي بأخلاقيات المهنة والحفاظ على سرية المعلومات، وأن لا يتم معاملة عميل على حساب عميل آخر.

وبالعودة إلى الدكتور الخطيب للحديث عن ملامح النظام المقترح للقضاء على مثل هذه الممارسات والذي قال «سن نظام أو تفعيله في حال كان موجودا لمن يسرب معلومات الآخرين في مجال الصناعة والتجارة، إلى جانب تشديد الرقابة على الموظفين العاملين في هذه القطاعات، بالإضافة إلى تدقيق المعلومات الواردة، ومعاملة المستثمرين سواسية، وإن لزم الأمر تحديد مجالات معينة للمستثمرين بحيث لا يكون للمستثمر الكبير حق الدخول في أي مشروع».