شح اللحوم محليا يرفع أسعارها إلى450 للطن دولارا من الدول المصدرة

«الدواء والغذاء»: عوائق فنية في توفير حاويات لنقل اللحوم المبردة

TT

في الوقت الذي قدر فيه متعاملون في سوق استيراد اللحوم المجمدة في السعودية حجم استهلاك الفرد بنحو أكثر من 3 ملايين طن سنويا من اللحوم المستوردة، من خلال أكثر من 50 مستوردا من عدد من الدول الأجنبية، تفاجأ عدد من مستوردين اللحوم المبردة بقرار تراجع هيئة الغذاء والدواء عن استيراد اللحوم المبردة، وفقا لعدد من المتطلبات والمواصفات التي تتضمن ضرورة استيراد اللحوم عبر وسائل نقل مجهزة، بحيث يمكن تعليق ذبائح وأنصاف وأرباع اللحوم المبردة.

وذكر متعاملون لـ«الشرق الأوسط» أن الأسعار في تصاعد قبل صدور قرار الهيئة منذ فترة، ومع ذلك فإن قرار الهيئة صعد بسعر الطن إلى نحو 450 دولارا، إضافة إلى وجود عدد من العوامل التي تؤثر على رفع الأسعار، من بينها قلة الصادر من الدول المنتجة للحوم، وزيادة الطلب المحلي عليه في البلاد.

وبينت الهيئة العامة للغذاء والدواء في تعميم عاجل، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أنه، ونتيجة لاجتماعاتها مع المسؤولين في الهيئة وفي الشحن الجوي في الخطوط الجوية العربية السعودية، والمتضمنة وجود بعض العوائق الفنية في توفير حاويات مبردة ذاتيا بكومبريسور لنقل اللحوم المبردة جوا، وتعهد الخطوط الجوية العربية بتأمين الأدوات والمعدات الخاصة بضبط درجات الحرارة المطلوبة في حاويات نقل اللحوم المبردة، وذلك باستخدام العزل الحراري للحاويات، على أن تقوم الخطوط الجوية العربية السعودية بإعداد الدراسات العلمية والفنية اللازمة مستقبلا لتوفير حاويات تبرد ذاتيا بكومبريسور لنقل اللحوم المبردة من البلد المصدر إلى السعودية، وتزويد الهيئة بالنتائج التي يتم التوصل إليها، ونظرا لاقتناع الهيئة بالمبررات المقدمة من الخطوط السعودية، بحسب تعميم الهيئة العامة للغذاء والدواء.

وأضافت الهيئة: «تحقيقا للمصلحة العامة، وحرصا على سلامة الأغذية، التي تنعكس بالتالي على صحة وسلامة المستهلك، وحفاظا على رؤوس الوطنية ولتلافي تعرض الأصناف من المستوردات للرفض وعدم السماح لها بالدخول لأسواق المملكة من قبل الهيئة، وبناء على ذلك قررت الهيئة الاستمرار مؤقتا في نقل اللحوم المبردة بحاويات من نوع LD3 AKE (كشف تقلبات الحرارة خلال الرحلة)».

وأوضح التجار أن قرارات هيئة الغذاء والدواء أدت إلى رفض وإتلاف لإرساليات اللحوم في مطارات السعودية، وتمت إعادة التصدير لكثير من شحنات اللحوم المستوردة وهي سليمة إلى بلد المنشأ، وبناء على ذلك رفضت بعض الشركات تصدير اللحوم إلى السعودية خوفا من إتلافها في الوقت الحالي، ونتج عن ذلك شح في السوق السعودي انعكس على رفع الأسعار بنحو 450 دولار من الدول المصدرة للحوم، بسبب تأثير تلك القرارات والإجراءات على المخزون الاستراتيجي للحوم في الدول المصدرة، وبالتالي أدت إلى رفع الأسعار على المستهلك في السوق السعودية. وأوضح أحد كبار المستوردين للحوم المبردة للسوق السعودية (فضل حجب اسمه) أن الهيئة العامة للغذاء والدواء تراجعت عن إقرار مواصفة تعليق الذبائح خلال نقلها عبر الطيران، بعد التأكد من خطرها على سلامة الطيران، وقال إنه تفاجأ بتراجع الهيئة، متسائلا عن المستندات والدراسات التي اعتمدت عليها لتطبيق هذا القرار، الذي لا يطبق في جميع دول العالم، ولا يمكن لأي طائرة أن تنقل الذبائح معلقة لتأثيرها على سلامة الطيران، وواصل بالقول: «مثل هذه القرارات ستؤدي إلى نقص للمواد الغذائية الأساسية في السوق السعودية، وبالتالي زيادة الطلب ونقص المعروض مما يؤدي إلى ضرر على المستهلك وشح في المواد الغذائية الأساسية في السوق السعودية، وبعد أيام سندخل موسم رمضان».

وبين أن كميات اللحوم المستوردة تصل إلى المطار حسب المواصفات والمقاييس ودرجات الحرارة المطلوبة، التي تحافظ على سلامة اللحوم، ولكن بسبب تقاعس الجهات المعنية، والتأخر في إنهاء الإجراءات، يتسبب ذلك في ارتفاع درجات الحرارة للحوم المستوردة، ويتم إتلافها وضياع حقوق المستوردين، وبالتالي أصبح هناك إحجام لدى التجار والمستوردين عن استيراد كميات اللحوم المبردة بالشكل المطلوب قبل موسم رمضان، خوفا من إتلاف الشحنات وضياع حقوق المستوردين.

وفي المقابل، أوضح المستورد أن الهيئة العامة للغذاء والدواء أتلفت كثيرا من شحنات اللحوم المبردة المستوردة بسبب ارتفاع درجات الحرارة للحوم، على الرغم من أنها ليست من شؤون التاجر وقت ارتفاع درجات الحرارة، وإنما بسبب عدم التنسيق بين الجهات المعنية المختصة داخل المطار، التي تتضمن الهيئة العامة للغذاء والدواء، الجمارك، والشحن، والخدمات الأرضية (SGS). وقال لـ«الشرق الأوسط» ماهر العقيلي، مدير إحدى المؤسسات العاملة في القطاع، إن اللحوم إجمالا تزيد في الأسعار دون تدخل أي جهة، فعلى سبيل المثال صعدت أسعار الدول المصدرة التي تنتج اللحوم الهندية بنحو 400 دولار في الطن، وبالتالي فإن المستثمر لدية هامش ربح معين، وزاد: «الأمر الذي سيكون محسوسا لدى المستهلكين، في حين لو خفضت الجمارك السعودية الرسوم فنحن دولة مستهدفة من قبل الدول المنتجة التي ستصعد الأسعار». وأضاف العقيلي: «إن أخذ القرارات قابل للتطوير، ولعل هناك وجهات نظر من قبل الهيئة في صالح المستثمر والمستهلك، فلدينا ارتفاعات كثيرة في أسعار عدد كبير من الأصناف، وليس لها دخل بهيئة الغذاء والدواء بسبب قلت إنتاج الدولة المصدر وزيادة الطلب المحلي».

وأشارت مصادر إلى عقد اجتماعات بين رجال الأعمال والمستوردين مع الجهات ذات العلاقة، لحل الخلاف القائم، ووضع الحلول لسرعة إنهاء إجراءات الاستيراد والكشف، لتوفير الكميات المطلوبة من اللحوم للسوق السعودية، والمحافظة على استقرار الأسعار.