تعاون سعودي ـ ياباني يوظف «الماس الشبيه بالكربون» في الأجهزة الطبية

العنزي لـ «الشرق الأوسط»: تمكنا من تطوير تقنية «الممرضة الذكية» للحد من مضاعفات سكري الأطفال

استخدامات الماس الشبيه بالكربون في القلب الصناعي
TT

تمكن فريق سعودي - ياباني في جامعة طوكيو دنكي باليابان، من تطوير مادة الماس الصناعي الشبيه بالكربون، بعد دراسات وأبحاث استمرت قرابة 15 عاما في اليابان لإدخالها ضمن نطاق المواد الطبية الحيوية.

وجذبت خصائص الماس الشبيه بالكربون، الدكتور علي العنزي أستاذ الهندسة الطبية المساعد بجامعة الملك سعود، والبروفسور كنجي هيراكوري الباحث بجامعة طوكيو دلكي باليابان، إلى بدء أبحاثهما في إدخال المادة ضمن الأجهزة الطبية، نظرا لخصائص المادة في الاستخدامات الصناعية، الطبية، والعلمية كالصلابة، والثبات الكيميائي، فضلا عن التكلفة الاقتصادية المنخفضة، حيث لا تعد مادة الـ(DLC) - اختصار لمسماها بالإنجليزية (DIAMOMD LIKE CARBON) - جديدة في حد ذاتها، وإنما دخلت في وقت سابق ضمن صناعات مختلفة كتصنيع طبقة الحماية للساعات والنظارات.

وذكر الدكتور علي العنزي في حديثه مع «الشرق الأوسط» أن الماس المشابه للكربون، يتميز بالكثير من الخصائص الفيزيائية، الكيميائية، الضوئية، الميكانيكية، والإلكترونية التي تعطي العلماء والمهندسين حرية توظيف تشكيلتها الواسعة من المميزات النادرة في الكثير من المجالات الصناعية والطبية مستقبلا بعد دراسة خصائصها التطبيقية.

وقال الدكتور العنزي: «الماس هو بالأساس كربون، ولكن ما يميزه أنه خامل ولا يتفاعل مع مواد كيميائية أخرى إلا بعد مرور سنوات طويلة، وهو شبيه بالماس في صلابته وخصائصه، وهذه التقنية موجودة من قبل، ولكن تم تطويرها لتدخل في مجال الأجهزة الطبية، والقلب الصناعي، والأجهزة داخل الجسم، والغضاريف، وأيضا كمادة لتصنيع العدسات اللاصقة، تبعا للطريقة التي يشكل بها، فعلى سبيل المثال طبقة الحماية بعازل للقلب الصناعي نحتاج ليونتها، فنشكلها بالطريقة التي نحتاجها».

ولاحظ الدكتور العنزي وفريق الباحثين بجامعة طوكيو دنكي، أن معظم المواد الطبية تفتقد الانسجام التام مع الجسم الحي عند زراعتها في الجسم أو عند تماسها مع الدم بكريات الدم أو البلازما، كما بينت الدراسات الحديثة أن بعض المواد الطبية المزروعة داخل الجسم قد تتسبب في أمراض كثيرة كالسرطان، فضلا عن مقاومة الجسم الحي لها عند زراعتها مما يؤدي إلى حقن الجسم بأدوية تقلل من مناعة الجسم كي يقلل من رفض هذه المواد المزروعة به. ومن هذا المنطلق، كانت من أولويات الدكتور العنزي والبروفسور هيراكوري، دراسة قابلية وانسجام الجسم مع هذه المادة الحيوية ومقارنتها مع المواد الحيوية الأخرى المستخدمة حاليا في زراعة الأعضاء والأجهزة التعويضية، وتمت دراسة مدى انسجام الدم البشري مع هذه المادة بأبحاث تفصيلية نالت جوائز متعددة عالميا، علاوة على حصولها على براءة اختراع عند تطبيقها.

ونظرا لصعوبة إجراء اختبارات دورية داخل الجسم الحي، فقد تم تطوير أنظمة محاكاة لإجراء هذه الاختبارات بشكل متكرر ودقيق، حيث أشار الدكتور العنزي إلى أن الصعوبة الأكبر التي واجهتهم أثناء إجراء البحوث، هي فحص الدم، لمعرفة انسجام المادة معه. وكون الدم حساسا وسريع التجلط عمل الفريق البحثي على بيئة قريبة من بيئة الدم، ليتم فحصه أثناء جريانه دون أن يتجلط، وكأنه بشكله داخل الجسم، حيث حصلت هذه التجربة على براءة اختراع وجائزة بسان دييغو، لغدوها نقلة نوعية في المواد الطبية.

واستخلص الباحثون من جراء الأبحاث والدراسات التي استغرقت أكثر من 15 عاما، أن الماس المشابه للكربون، من أفضل المواد الطبية الحيوية المستخدمة حاليا مقارنة بالمواد الطبية الحيوية الأخرى، التي يتم طلاؤها بمادة «الهيبارين»، فضلا عن تلك المواد التي لم يتم طلاؤها أصلا.

وأبان الدكتور علي العنزي، أن الفريق البحثي لديه الرغبة في تطوير التقنية وتطويعها وبرمجتها لتصبح ذكية في استخدامها بمجالات متعددة في تطبيقات تقنية النانو، كفكرة مشروع الممرضة الذكية «كيكة» التي قد تنهي معاناة الأهل والمربين في متابعة السكري لدى الأطفال، من خلال زرع شريحة متعددة الطبقات داخل جسم الطفل المصاب بالسكري، لقياس نسبة السكر في الدم وضخ الإنسولين بالجرعة المناسبة، وتخزين الفائض منه في الجسم أثناء ارتفاعه.

ويسعى الدكتور العنزي إلى تطوير البحوث حول هذه الفكرة ضمن شراكة بين عدة جهات كجامعة الملك سعود، ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وجامعات دولية أبدت دعمها لدعم وتطوير المشروع خلال السنوات المقبلة.

وأفاد الباحث السعودي بأن التطور الهائل الذي تشهده تقنيات طلاء الماس المشابه للكربون وغيرها من تقنيات النانو، تعتبر معجزة القرن الحادي والعشرين، إضافة إلى كونه البوابة العلمية التي ستدخل بها السعودية التنافسية العلمية عالميا والتطور التقني، كونه ما زال يخفي في ثناياه الكثير من الخصائص والمزايا المثيرة لكثير من التطبيقات الرائعة خاصة في المجالات الصناعية والطبية، التي هي محور الاهتمام وعامل الجذب الكبير للكثير من العلماء والمهندسين.

وتعتبر تقنية النانو مصدر جذب للكثير من الباحثين الجدد لما تمتلكه من محفزات الخيال العلمي وسرعة تطبيقاتها، نظرا للآمال والطموحات التي عقدها العالم بأسره عليها في تحقيق المستحيل عند استخدامها في الصناعات الهندسية والتطبيقات الطبية، والمردود الاقتصادي والقوة العلمية التي ستؤثر بشكل مباشر على مستقبل البشرية.