مطالبات بتثقيف السعوديين المبتعثين للدراسة في الخارج

الجهل بالأنظمة قد يحرم الطلاب حقوقهم

يمثل الجهل بالقوانين الدولية أحد عوائق انسجام الدارسين السعوديين بالخارج مع المجتمعات الجديدة («الشرق الأوسط»)
TT

تبدأ السبت المقبل أعمال وفد السعودية المشارك في المؤتمر الآسيوي ودول المحيط الهادي للموهوبين بدبي منتصف يوليو (تموز) الحالي، برئاسة الدكتورة هيا بنت عبد العزيز العواد وكيل وزارة التربية والتعليم لشؤون التعليم (بنات) التي اجتمعت أمس بجميع الطلبة والطالبات المشاركين قبل الانطلاق إلى دبي، وذلك في إطار التهيئة والاستعداد لإنجاح المشاركة السعودية.

وأكدت الدكتورة هيا العواد لجميع المشاركين على دعم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع على النهوض بسبل الموهبة والإبداع في المملكة وتعزيز مكانة الموهوبين السعوديين من طلبة وطالبات ومجالات استثمارها وفقا لنظم وقواعد اقتصاديات المعرفة في عالم اليوم.

جاء ذلك في الوقت الذي استعرضت فيه اللجنة المنظمة للمشاركة السعودية جهودها لإنجاح المشاركة، حيث تم توزيع الطلاب على عدة ورش علمية من أهمها الاستكشاف في مجال الهندسة، مسابقة الابتكارات الجديدة، تصميم إنسان آلي، مختبرات الفيزياء والكيمياء والرياضيات، غرف التقنيات الحديثة، وتغطي جميع الأعمار والتي تبدأ من سن: 12 - 18 سنة وتساهم هذه البرامج العلمية العالمية في تطوير وتعزيز قدرات الطلاب والطالبات العلمية، ولا سيما أن هناك طلابا وطالبات سيشاركون في هذه الورش من جميع دول العالم مما يفيد في التعرف على الثقافات والخبرات العالمية الأخرى.

وقد تم ترشيح 64 طالبا وطالبة من الموهوبين من جميع مناطق السعودية وفق ضوابط ومعايير تم اعتمادها من قبل اللجنة العلمية المنظمة للمؤتمر تشمل على درجة حاصل الذكاء والتحصيل العلمي والإبداعي.

وستتم إقامة معرض لمنتجات ومخرجات جميع الطلاب المشاركين في الورش ويتم تحكيمها موضوعيا ضمن معايير وأدوات عالمية من قبل محكمين عالميين.

من جهة ثانية، التحق نحو 4 آلاف طالب في منطقة القصيم في 19 ناديا صيفيا تشرف عليها الإدارة العامة للتربية والتعليم بالقصيم ممثلة بإدارة النشاط الطلابي. وتمثل الأندية الصيفية مركز إشعاع يتدفق منه العلم والمعرفة بطابع إبداعي تربوي، ممزوج بالترفيه والتسلية، حيث تساير الأندية الصيفية التطور الكبير للتعليم وقنواته المختلفة، فالمنتسب للأندية الصيفية يخرج بكم وافر من العلم والمعرفة.

وأوضح محمد السلامة رئيس قسم النشاط الطلابي في الإدارة العامة للتربية والتعليم بمنطقة القصيم رئيس اللجنة التنفيذية للأندية الصيفية، أن الإدارة جندت طاقاتها للاستفادة من الإجازة الصيفية، وتقديم عمل مميز وأنشطة مفيدة من خلال الأندية، وتغيير نوعي لحفظ أوقات الطلاب والاستفادة منه.

وأكد إبراهيم الحسن مدير النادي الصيفي بمدرسة «مصعب بن عمير» أن الأندية الصيفية بأسلوبها المتنوع وبأهدافها المرسومة أوجدت متنفسا كبيرا للطلاب، مشيرا إلى الخطط المسبقة والبرامج والفعاليات التي تم الأعداد لها وفق قيم تربوية وأهداف إبداعية. وبين فهد الفلاحي مدير النادي الصيفي بمتوسطة ابن خلدون، أن الأندية الصيفية بواقعها الحالي أوجدت مساحة كبيرة لاحتضان مواهب وإبداعات الشباب، حيث تعد الأندية المكان الأنسب لتنمية مواهب وإبداعات الشباب الثقافية والرياضية، وتنمية الجانب القيادي لدى الكثيرين منهم. الرياض: أشواق بندر حذر عاملون في مجال الخدمات التعليمية في السعودية الطلاب المتوجهين إلى الدراسة خارج البلاد من الجهل بالقوانين الخاصة ببعض الدول، وحملوا بعض المكاتب التعليمية جزءا من المسؤولية الملقاة على عاتقهم نظير تقديمهم هذا النوع من الخدمات.

وذكر مسؤول في أحد مكاتب الخدمات التعليمية في الرياض أن الجهل متفشٍّ بنسبة واسعة بين صفوف المبتعثين حول قوانين الدول الأجنبية المبتعث إليها قبل السفر، معتبرا ذلك «يوقع البعض تحت طائلة المساءلة عند ابتعاثه».

وحمل أسامة عبد الهادي، المدير التنفيذي لأحد المكاتب الوسيطة التي تعمل على مراسلة وتحصيل القبول في الجامعات والمعاهد خارج السعودية، مسؤولية جهل الطلاب لمكاتب الخدمات التعليمية، التي غالبا ما تزف للطالب نبأ القبول دون تدريبه أو إعطائه الإرشادات اللازمة قبل السفر، مطالبا في الوقت ذاته بتكاتف جهود الجهات المعنية بالقطاع الخاص والحكومي بالمشاركة الفعلية لمسيرة تنمية الطاقة البشرية بمجال التعليم.

وأضاف: «يتوجب على موظف مكاتب الخدمات التعليمية كجهة يلجأ إليها الطالب، سواء المبتعث من الدولة أو الدارس على حسابه الشخصي، أن يكون على معرفة جيدة بالدولة التي يعكف على الذهاب إليها، فضلا عن القوانين الأخرى الخاصة بالولاية أو المقاطعة التي سيدرس فيها تحديدا»، مستطردا: «تشمل المعرفة جميع التفاصيل، قانونية كانت أو مناخية، إضافة إلى التعرف على طبيعة السكان وثقافاتهم وعاداتهم»، وعلل ذلك بأنه «لإعطاء الطالب الإرشادات الصحيحة والوافية قبل سفره وترجمتها له إن كان هناك عائق لغوي».

وزاد عبد الهادي: «إن النقطة المهمة تكمن في اختيار الجامعة والمعهد الصحيح حسب التخصص الذي يرغب الطالب في الالتحاق به ابتداء من مرحلة اللغة، وهي مرحلة مهمة جدا لأنها تحدد مكانة الطالب بمشواره التعليمي، فيجب عليه اختيار نوع الدورات الملائم حسب المستوى، بعد تقييم الطالب من قبل الموظف المعني في بلده الأصلي، وإلا سوف يواجه تغيرات وتنقلات ومدة أكثر من المتوقع، وهذا ما يحصل على الأغلب، فالمهمة التي يقوم بها مكتب الخدمات حساسة جدا لأنه بمكانة استشاري تعليمي وليس كما يعتقد الجميع بأن الموضوع مجرد حصول الطالب على القبول فقط».

وتتمثل الخطوة الثانية بحسب عبد الهادي في «ما بعد القبول»، وتكمن في الإرشاد والتعريف بقوانين الدولة التي سيذهب إليها الطالب للتعليم والتي يجب أن تكون واضحة ويكون ملما بها بالكامل، وفي نفس الوقت يجب على موظف مكتب الخدمة التعليمية أن يكون مستعد لأي سؤال واستفسار قابل للشرح الوافي للطالب أو ولي أمره لكي يتجنب أمورا كثيرة يجهلها قبل أن تقع الفأس برأس الطالب بعد سفره ومخالفته للقوانين. ويستدل عبد الهادي بجهل الطلاب للقوانين بدولة أستراليا، التي لا يتوفر فيها تأمين طبي للطلاب إذا ما قدموا بتأشيرة سياحة.

من جانبه يقول صالح السديس، وهو طالب مبتعث في الولايات المتحدة الأميركية: «عندما وصل إلي قرار ترشحي النهائي من برنامج خادم الحرمين الشريفين للبعثات لمرحلة الماجستير.. كانت الفرحة كبيرة، لكن لم تلبث أن تلاشت في مرحلة البحث عن جامعة ومعهد لغة ومدينة ملائمة للعيش فيها دراسيا، لم أتمكن من معرفة المعايير التي أقيس من خلالها الأفضلية، ولم يكن لدي في الأساس مرجع أسأل من خلاله، فاتجهت بعدها للبحث على الإنترنت عن المدينة والجامعة، ولم يخذلني البحث إلا بالسكن الذي عانيت من آثاره في الأشهر الأربعة الأولى من الابتعاث».

وأضاف: «أمنيتي أن يجد الطالب المبتعث موقعا يلبي احتياجاته فقط يحدد نوع الجامعة ونوع المدينة ونسبة الإيجار بها وبضغطة واحدة يجد ما يريده، وأعتقد أن هذا ليس بعسير على وزارة التعليم العالي».

من ناحيتها تقترح الشابة هاجر القصير، وهي مبتعثة سعودية بمرحلة الماجستير في الولايات المتحدة الأميركية، حصول المبتعث على نسخة ورقية واضحة من قبول الجامعة للدرجة العلمية، إلى جانب مستند قبول اللغة، إضافة إلى حصر الرغبات ومراسلة الجهات مبكرا والاعتماد على موظف واحد للتعامل معه، ليسهل نقل المعلومات.

وأشارت القصير إلى أن الجامعات التي تمنح قبولا مشروطا بإنهاء فتره اللغة بمعهدها هي الأضمن للطالب ولاستقراره مستقبلا إذا ما أراد إكمال الدراسة فيها. وبينت أن الصعوبة تكمن عادة في مرحلة البحث لدى طلاب التعليم العالي بعد مرحلة البكالوريوس، نظرا لكثرة المتطلبات، وتعلق بالقول: «إن المشكلة الحقيقية التي واجهتها كانت في الحصول على قبول جامعي في التخصص الذي تريده ودون تعقيدات وبشروط واضحة، الأمر الذي يجعل الطالب ينتظم في الدراسة بعد وصوله بفترة وجيزة».

إلى ذلك، تستغل بعض العائلات السعودية إجازة الصيف الممتدة لما يقارب أربعة أشهر، بابتعاث أبنائهم لدراسة اللغة الإنجليزية في البلدان التي تتحدث بها كلغة أم، كالولايات المتحدة وأستراليا، لجودة التعليم والرغبة في الاستفادة الكبرى من دراسة وتطبيق اللغة على نطاق واسع.

ويبعث الأهالي بأبنائهم غالبا في المرحلة الثانوية بشكل أولي لدراسة اللغة وإتقانها، رغبة في إلحاق أبنائهم بصفوف المبتعثين السعوديين لدراسة مرحلة البكالوريوس خارج السعودية، وأحيانا لمساعدته في تحديد مساره المستقبلي بعد رجوعه إلى السعودية في العمل أو الدراسة، بحسب مراقبين أشاروا إلى أن غالبية الراغبين في الدراسة في الخارج يتجهون صوب مكاتب الخدمات التعليمية لتحصيل القبول في المعاهد المعتمدة خارجيا واختيار الدولة الأنسب للبقاء فيها.

ويرى الشاب فيصل المليك أن الوعي إن لم يوجد لدى الأسرة لتنشئة الأبناء بتنمية مواهب أطفالهم لتكبر معهم، فإن الطالب ينشأ بلا طموح أو أهداف حتى يتخرج من المدرسة دون أن يحدد وجهته التالية، في ظل عدم تقبل الخطأ منه ومعالجته أحيانا بخطأ أكبر منه، فالأهل يقترحون على أبنائهم دراسة اللغة خارج السعودية على حسابهم الشخصي من خلال مكتب خدمات، فينتهي الأمر بأن يفقد الابن جزءا من المال لأنه لا يعرف الطريقة السليمة لمراسلة المعاهد وتحصيل القبول بنفسه. ويشير المليك إلى المجتمع كمنظومة متكاملة، فالوعي يبدأ بالتوجيه من الأهل ثم المدرسة، بدءا من المرحلة الثانوية لزيادة الوعي حول الدراسة في الخارج لمن يرغب فيها، ولا تكون بالضرورة فقط مناهج دينية وإنما يشمل الوعي كل الجوانب، موضحا أن أضعف الإيمان في هذه الفترة أن مكاتب الخدمات التعليمية تضع في حسبانها توعية الطلاب بأفضل الأماكن تتيح لهم فرص ممارسة اللغة بشكل أفضل.