«طراطيع».. كلمة سر لترويج الألعاب النارية غرب السعودية

لغة الإشارة عامل مساعد

TT

يعمد باعة تتراوح أعمارهم بين 15 و20 عاما في جدة، على استخدام لغة الإشارة في ترويج الألعاب النارية. ويضيفون إليها عبارة ينطقونها بلهجة استفهامية، إذ تتفاجأ عند مرورك في إحدى المناطق الشعبية وسط العروس، بصوت يرد إليك من مجهول قائلا: «طراطيع؟».

كما تبرز «الطراطيع» كما يحلو لأهل منطقة مكة المكرمة إطلاقها على الألعاب النارية، كأولى الكلمات الترحيبية التي ستلتقطها مسامعك وأنت تتجه نحو المنطقة التاريخية في جدة، لشراء حاجياتك من منافذ البيع التي تزيد على عشرات المواقع، أو للاستمتاع بما تحويه المنطقة من معالم أثرية يفوق عمرها 500 عام، مرورا بأول الصروح التعليمية المعاصرة في تاريخ المملكة، مدرسة «الفلاح».

وستتطابق الصور في مخيلتك إن رغبت في اقتناء كميات كبيرة تتجاوز قيمتها ألف ريال، مع تلك التي تبثها الأفلام البوليسية من تدقيق في هيئة المشتري، و«تسحيبه» كما يطلقها قاطنو المنطقة التاريخية بين أزقة الحي الشعبي، مع الالتفاف يمينا ويسارا تحسبا لأن يكون المستفيد أحد عناصر الأمن.

وشهدت المنطقة التاريخية تنامي عدد الباعة الجائلين للمفرقعات خلال هذه الفترة المتزامنة مع قدوم شهر رمضان المبارك، وبأسعار تصل إلى 200 ريال لأنواع اعتبرها مراقبون خطرة، من الألعاب النارية، ويطلق عليها من قبل الباعة ومستخدميها «عابرة القارات».

في هذا الصدد تكثف الجهات الأمنية المختصة في جدة، حملاتها لمواقع ترويج الألعاب النارية في منطقة البلد وجنوب جدة، التي تتخذ بدورها بعض منازلها كمستودعات لتخزين الألعاب النارية تحسبا من عمليات دهم وملاحقة من السلطات الأمنية، وتعمل كل الأجهزة الرسمية وفق مصادر، من خلال خطط مسبقة يتم وضعها بالتنسيق مع شرطة المحافظة لملاحقة مروجي الألعاب النارية في السوق المحلية على الأطفال وصغار السن.

وذكرت مصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الجمارك السعودية تشدد إجراءاتها عبر المنافذ الحدودية البرية، وتكثيف عمليات التفتيش والمراقبة على المركبات المقبلة من الدول القريبة خلال هذه الفترة وحتى نهاية شهر رمضان المبارك لضبط الألعاب النارية التي يتم إدخالها بواسطة مركبات النقل.

وتشير التقديرات إلى أن حجم تداول بيع الألعاب النارية في موسم رمضان يقدر بأكثر من 100 مليون ريال في جميع المناطق السعودية، وتنشط في المناطق الغربية والوسطى والشرقية لكثرة تعدد السكان في تلك المناطق، الأمر الذي يدفع بنمو هذه التجارة.

وتأتي بعض حوادث الحريق التي يتم تسجيلها وتمت السيطرة عليها في أوقات سابقة من العام الماضي لتطاير شرار الألعاب النارية واشتعال في بعض الأثاث المنزلي، وذلك وفقا للتحقيقات التي أجريت في أعقاب الحادث.

وكشفت جولة لـ«الشرق الأوسط» في منطقة البلد شدة الإقبال لشراء الألعاب النارية بمختلف أشكالها، بينما تصل أسعار بعض الأنواع إلى 250 ريالا، ورصدت الجولة بعض الأنواع التي يتم تداولها مثل «صواريخ، نافورة مزوج، دسكفري، أبراج الخليج، فحمات، كاتم صوت، فراشة، قنبلة كبير وصغير، أبو حملين، بازوكا، عابرة القارات»، وتعد هذه الألعاب واسعة الخطورة، لاحتوائها على كميات من المواد المتفجرة.

وذكر متعاملون في السوق أن إجمالي ما يتم بيعه خلال شهر رمضان من جميع الألعاب النارية أكثر من نصف مليون قطعة، تقدّر قيمتها الإجمالية بأربعة ملايين ريال، موضحين أن الطلب ينشط في الأيام الأخيرة من شهر رمضان تزامنا مع قدوم عيد الفطر الذي يكثر فيه استخدام المفرقعات.

ويحذر الأطباء من الإصابات الناتجة من انفجار الألعاب النارية في أيدي الأطفال، إذ تتسبب في تشوهات كبيرة لا يمكن السيطرة عليها، خاصة إذا كان الانفجار في مناطق حساسة من الجسم، لافتين إلى أن كميات البارود في بعض المواد تعد عالية وخطرة، وقد تعرّض الأطفال إلى إعاقات وإصابات بالغة.

وتستهوي الألعاب النارية الأطفال دون سن العاشرة لاقتنائها بعيدا عن الرقابة الأسرية لأبنائهم في إجازة تمتد إلى قرابة الثلاثة أشهر، بينما يكثر تداولها بين الفتية داخل الأحياء الشعبية ذات الممرات الضيقة، التي يصعب الوصول إليها في حال وجود إشكالية فيها.

وتقول الروايات إن أول من عرف الألعاب النارية هم الصينيون قبل 2000 عام بمحض الصدفة، عندما ذهب أحد الطهاة بفكره لخلط الفحم مع الكبريت مع قليل من الملح الصخري، وعندما قام بضغط الخليط في أنابيب البامبو، انفجرت محدثة أشكالا جذابة، وهذا ما دفع بعض المواقع الإلكترونية إلى سرد طريقة صناعة الألعاب النارية يدويا لسهولة تكوينها بالمواد الأولية الموجودة في منافذ بيع المنظفات.

وطالب عدد من المختصين في التعليم بضرورة مراقبة تلك المواقع من قبل الجهات المختصة وأولياء الأمور لمنع حدوث كوارث بشرية نتيجة استخدام تلك المواد، مع رصد وتحذير الباعة في هذا القطاع من تسليم هذه المنتجات للأطفال تحت أي بند.