«المطار» الذي تحول من مرعى للأغنام إلى أبرز معالم نجران

من 18 راكبا إلى 29 ألف مسافر أسبوعيا

جانب من المطار الجديد في نجران («الشرق الأوسط»)
TT

شهدت منطقة نجران طفرة كبرى في المشاريع التنموية، ولعل من أبرزها إنشاء مطار جديد يعد تحفة معمارية ليس على مستوى نجران فحسب، ولكن على مستوى السعودية، وهو أنموذج للتحول الكبير الذي طرأ على البلاد، عبر خطى تنموية متلاحقة.

حمد بن حسين آل شيبان نائب مدير الخطوط السعودية بنجران سابقا يعود بالذاكرة إلى أكثر من 40 عاما مضت، حيث تحدث عن إنشاء أول مطار في نجران عام 1973 وكان مقره في حي الأمير مشعل خلف شارع الجوافة حاليا، ولا يزال الموقع يعرف باسم المطار القديم، والذي يتكون من مدرج وغرفة وحيدة من دون برج مراقبة أو حتى أسوار، حيث إن الماشية من الإبل والأغنام كانت ترعى هناك لتشكل أحد العوائق التي تمنع الطيارين من الهبوط.

ويشير آل شيبان إلى أن عملية هبوط الطائرات في المطار كانت تتم بشكل بدائي، تعتمد على الرؤية المجردة، فإن أمال الكابتن جناح الطائرة الأيمن في اتجاه وادي نجران عرفنا أنه سيهبط، وهرعنا لاستقباله.

وحول عدد العاملين في المطار، يقول آل شيبان «كان عددنا محدودا، ولم تكن هناك خدمات تذكر، من استقبال أو ضيافة، وكانت جميع الرحلات تتم في النهار فقط، لأن المطار غير مجهز بالإنارة، وكنا نواجه مشاكل إبان تقلبات الجو من أمطار وأتربة، تجبر الطائرة على عدم الإقلاع أو الهبوط، إضافة إلى أنه لم يكن هناك أي تذاكر أو كروت صعود للطائرة، ولم يكن متوفرا سوى بعض الكشوفات بأسماء الركاب الذين سيستقلون الطائرة، والبالغ عددهم 18 راكبا حسب حجم الطائرة».

وذكر آل شيبان أن الطائرة لم تكن فقط تنقل الركاب، بل كانت تنقل المؤن والمواد الغذائية والمواشي إلى مدينة شرورة، والتي كانت منطقة عسكرية في قلب الصحراء في بداية نشأتها، حيث كنا نزود المسؤولين بقائمة محتويات الطائرة من عدد الركاب من البشر والماشية والمواد الغذائية.

ويضيف نائب المدير السابق للخطوط السعودية بنجران، أن عدد الرحلات من نجران إلى الرياض ومن نجران إلى جدة لم يكن مثل الوقت الحالي، بل كانت رحلة أسبوعية واحدة، لم تكن تقتصر خدمتها على الركاب السعوديين أو المقيمين في نجران، بل أيضا يستقلها ركاب من جمهورية اليمن، ومنهم مسؤولون يغادرون إلى الرياض وجدة، إما في زيارات عمل أو علاج أو زيارة المشاعر المقدسة.

وبين آل شيبان أن من أغرب القصص التي عاصرها في ذلك الوقت نشوب خلاف بين قبيلتين في المنطقة، حيث أصيب عدد من أبناء تلك القبيلتين، ولما كانت الخدمات الصحية غير متوفرة في المنطقة، تقرر إخلاء المصابين ومرافقيهم من الطرفين عبر إحدى الطائرات إلى الرياض، وأثناء تحليق الطائرة تجدد الخلاف ووقع شجار عنيف على متنها مما جعل قائد الطائرة يعلن حالة الطوارئ، ويعود إلى مطار نجران، وعندما شاهدها العاملون ظنوا أن خللا فنيا أصاب الطائرة، لكن قائدها أخبر بالقصة، حيث تم تكليف عدد من رجال الأمن بمرافقتهم في الرحلة لعلاج المصابين.

وقال شيبان إن المتابع لمسيرة الخطوط السعودية من ذلك الوقت وحتى الآن يعرف حجم القفزات الجبارة التي شهدتها مسيرتها، وفي الوقت الحاضر يشهد مطار نجران آلاف الرحلات لتستقبل وتودع أكثر من مليون راكبا سنويا من مطارها الحالي.

ويحول المشروع الجديد مطار نجران الجديد إلى واحد من جيل المطارات الجديدة، بعد أن شرعت هيئة الطيران المدني السعودية في إنشائها، واعتمدت في تصاميمه على توفير كافة المرافق المساندة والتجارية، حيث أخذ في الحسبان عند تشييد مباني المطار الزيادة المطردة في أعداد المسافرين بين مدن المملكة، وتأتي تلك الخطوة ضمن خطة استراتيجية لتهيئة بعض المطارات الإقليمية، ومنها مطار نجران لمرحلة التشغيل الدولي، ليتصل بالمطارات الدولية في الدول المجاورة.

وقد روعي عند تصميم وإنشاء المطار أن يستقبل الطائرات ذات الحجم العريض إلى جانب إمكانية تسيير الرحلات الدولية من وإلى مطارات الدول المجاورة بطاقة استيعابية سنوية تقدر بنحو 1.400 مليون مسافر سنويا، وبمعدل 1500 رحلة جوية.

وتشمل الأعمال التطويرية والإنشائية للمطار الجديد مبنى صالة ركاب بمساحة 13 ألف متر مربع ويتكون من طابقين وساحة أمامية تتسع لوقوف 6 طائرات، أما الطابق الأرضي فجاء بمساحة تزيد على 6 آلاف متر مربع، ويشمل صالات المغادرة والقدوم الداخلية والدولية ومكاتب الخدمات والإدارة ومصلى وكافيتريا ومحلات تجارية.

فيما يشغل الطابق الأول مساحة 6 آلاف متر مربع، ويتكون من 3 جسور لصعود الطائرات وصالات المغادرة الداخلية والدولية وقاعات ركاب الدرجة الأولى وانتظار النساء ومصلى وكافيتريا ومحلات تجارية.

كما تحتوي صالات السفر على منطقة ترفيهية في صالات المغادرة الداخلية والدولية خاصة بالأطفال تضم بعض الأجهزة والمواد الترفيهية الخاصة بهم.

واشتملت مباني المطار الجديدة على مبنى برج المراقبة ويتكون من 4 طوابق بمساحة 530 مترا مربعا، بارتفاع 22 مترا وكابينة مراقبة الهبوط والإقلاع والخدمات الخاصة بالملاحة الجوية وصالة التحكم في حالات الطوارئ ومبنى الإدارة ويتكون من طابق واحد بمساحة ألف متر مربع تشغله مكاتب الإدارات الحكومية وإدارة المطار.

وهناك مبان لمحطات الطاقة الفرعية ويتكون من طابق واحد بمساحة 186 مترا مربعا للمبنى الواحد، ويحتوي على محولات كهربائية و3 خزانات للمياه ومحطة معالجة الصرف الصحي، وهي محطة معالجة ثلاثية صديقة للبيئة، تتكون من 3 خزانات ومحطة رفع وثالثة لتحليل وتأمين معالجة مياه الصرف وإعادة استخدامها في ري النباتات والأشجار، ومبنى الإطفاء الذي تمت إعادة بنائه وتطويره ويحتوي على طابق واحد بمساحة 1750 مترا مربعا، وبرج مراقبة تابع للمبنى، ومواقف للسيارات أمام مبنى صالة الركاب الجديد لعدد 651 سيارة وبوابة رئيسية للمطار.