مكة تطلق أول جمعية متخصصة بفوائض الطعام

لتوزيعها على المحتاجين المقيدين لدى الجمعية بعد التنسيق مع كافة الجهات المهتمة وقصور الأفراح

مئات الملايين حجم الإنفاق على موائد رمضان، بحسب متابعين ومتخصصين محليين («الشرق الأوسط»)
TT

تعتزم الجهات المختصة في السعودية إنشاء جمعية متخصصة هي الأولى من نوعها، تهتم بجمع فائض موائد الأعراس والإفطار الجماعي التي يكثر انتشارها في شهر رمضان المبارك أمام المساجد وداخل الأحياء الشعبية.

وستهتم هذه الجمعية قيد التأسيس، وفقا لبدر السحاقي مدير الجمعيات الخيرية في الشؤون الاجتماعية بمنطقة مكة المكرمة (غرب السعودية)، بجمع الفائض من تلك الموائد، بعد التنسيق مع كافة الجهات المهتمة وقصور الأفراح، وتوزيعها على المحتاجين المقيدين مسبقا في هذه الجمعية.

وقال السحاقي إن هناك أعمالا خيرية وجهودا مبعثرة من أفراد أو مؤسسات ينتج عنها عدم التقنين والإسراف، وهي تعمل خارج نطاق الجمعيات والمؤسسات الخيرية القادرة على العمل وفق برامج معدة وكوادر بشرية في إيصال الزكاة والأطعمة لمستحقيها، مشيرا إلى أن الجمعية المختصة بالفائض من الأطعمة ستعمل بالتنسيق مع 150 جمعية ومؤسسة خيرية في منطقة مكة المكرمة للحد من إتلاف فائض الولائم ووجبات الإفطار.

ويأتي إنشاء هذه الجمعية متزامنا مع تزايد الأصوات المطالبة بالاعتدال في الإنفاق على ولائم الأفراح، والموائد الرمضانية التي يكثر انتشارها في 13 منطقة في السعودية تحتوي على أكثر من 55 ألف مسجد وجامع، يتكفل بها محسنون (فاعلو خير) أو تلك الموائد التي يقوم على إعدادها وتحضيرها سكان الحي، وعادة ما تكون هذه الموائد داخل الأحياء الشعبية.

وطالب مهتمون بالعمل الاجتماعي بأن تذهب مبالغ هذه الموائد للقنوات الرسمية «الجمعيات الخيرية» القادرة على إيصالها لمستحقيها، أو الاستفادة من كميات الطعام المهدرة للمائدة الرمضانية في الحي من خلال دفع تكاليف المواد الغذائية للمحتاجين من سكان الحي، وتقديم تلك الوجبات على مدار شهر رمضان لهذه الأسر، حسب احتياجها من الوجبات.

وقال عبد الله آل طاوي، مدير الشؤون الاجتماعية في منطقة مكة المكرمة، لـ«الشرق الأوسط»: «إن شهر رمضان المبارك يتسارع فيه الناس لعمل الخير، وذلك من مؤشرات ترابط المجتمع وتلاحمه الذي يظهر جليا في هذا الشهر، ألا أن بعض موائد الإفطار يشوبها كثير من الفوضى والبذخ الذي يحتاج إلى عملية إشراف وتقنين».

وأشار مدير الشؤون الاجتماعية في منطقة مكة إلى أن «ضبط هذه الموائد يكون من قبل الجمعيات الخيرية التي تمتلك الأدوات والعناصر في إيصالها لجهتها ومستحقيها، وهذا لا يلغي انتشار هذه الموائد في جميع الأحياء، ولكن وفق ضوابط واشتراطات تمنع الإسراف وعدم الاستفادة من فائض هذه الموائد».

وتشير تقديرات مختصين بالعمل التطوعي إلى أن تكلفة وجبة إفطار في شهر رمضان لفرد واحد تتراوح ما بين 5 - 8 ريالات، وتختلف قيمتها باختلاف محتواه من الأطعمة التي تحتوي على «السمبوسك، المعكرونة، بعض المعجنات الخفيفة مع أحد أنواع العصير»، في حين تقدم بعض الموائد «أرز ولحم، أو دجاج» في أوعية مغلفة.

وفي حين لم يتم الإعلان عن إجمالي ما يتم إنفاقه خلال شهر رمضان على الموائد الرمضانية، إلا أن المختصين يقدرونها بمئات الملايين من الريالات، وهو ما يدفعهم لمطالبة المحسنين بتوجيه تلك المبالغ للجمعيات الخيرية والهيئات الرسمية لتوزيعها على الأسر والأفراد ممن يعانون الفقر. وذكر السحاقي، أن الجمعيات الخيرية تعمل بكل طاقتها في رمضان من خلال التنسيق المستمر مع المساجد لجمع فائض موائد الإفطار وتقوم بتوزيعها وفق الأسماء المدرجة لديها، مشيرا إلى أن الجمعيات والمؤسسات تقوم بأدوار مختلفة لإيصال رسالتها في المجتمع ضمن برامج المسؤولية الاجتماعية.

وتشهد منافذ تجهيز الوجبات «المطاعم» في المدن السعودية هذه الأيام نموا في حجم إنتاجها من الأطعمة الخفيفة وأنواع المشروبات التي تتم صناعتها وإنتاجها في منازل شعبية، ومنها «السوبيا» كمشرب يقبل عليه سكان المنطقة الغربية، وهناك المعجنات والسمبوسة التي تصنع من قبل عمالة وافدة وتقدم قبيل صلاة المغرب. وتسعى الجهات المختصة إلى رفع عدد وكفاءة الجمعيات الخيرية في السعودية لأكثر من 800 جمعية ومؤسسة خيرية لتقوم بأدوار مختلفة لخدمة المجتمع من منظور أكاديمي ومعرفي خلال السنوات المقبلة، بحيث لا يقتصر دورها على تقديم المساعدات المالية والعينية، وإنما يتجاوز حدود ذلك من خلال رفع مستوى الفرد أو الأسرة المنتسبة لتلك الجمعية.

وتقوم وزارة الشؤون الاجتماعية في المملكة، تماشيا مع الأنظمة والضوابط، بدور محوري في تنظيم وإدارة الجمعيات الخيرية، ودعمها بما يتناسب وإمكانية وأهداف الجمعية، وفي هذا الصدد يعول مهتمون بالشأن الاجتماعي على ضرورة وجود الشفافية في عرض المعلومات المالية والإدارية للجمعيات لمعرفة أدائها وقدرتها على تقديم الخدمات، كما تتيح للمتبرعين فرصة الاختيار في دفع الأموال «صدقة، زكاة» على ما تعرضه الجمعية من ميزانيات ونشاط إداري واجتماعي.

وهنا، عاد مدير الجمعيات الخيرية في الشؤون الاجتماعية بمنطقة مكة المكرمة ليؤكد أن «دور الجمعيات الخيرية لا يقف على الدعم المادي والعيني، فهي تقوم بإدراج الأسر المحتاجة، من رصد نواقص تلك الأسر الآنية للتمكن من العيش، وفي نفس السياق تقوم برفع مستوى الأسرة من أسرة غير منتجة لأسرة منتجة وفق برامج وآليات تعتمدها كل جمعية على حدة».