«هاوي بر» ينقذ 4 أشخاص من كارثة محققة مطلع رمضان

خبير في مناطق الرمال المتحركة اقتلع السيارة قبل أن تبتلعها الصحراء

السيارة الغارقة في رمال الصحراء لحظة الإنقاذ («الشرق الأوسط»)
TT

أنقذت العناية الإلهية، ثم مهارة أحد هواة الرحلات البرية، رجلين أحدهما مسن ومصاب بعدة أعراض صحية خطيرة، والآخر شاب وبرفقتهما ابناهما 5 و7 سنوات، من «كارثة» ليلة شهر رمضان المبارك بعد أن غاصت السيارة التي يستقلونها للتنقل فيما يعرف بـ«بحر الأصفر» بمدينه العمران التابعة للقرى الشرقية بمحافظة الأحساء.

وكان مصدر التهديد الذي يحاصر الغارقين وسط الرمال، هو عدم توافر أدوية للمسن الذي يعاني من مرض السكر والقولون العصبي، وكذلك يعاني من الفشل الكلوي ولا يحتمل الأجواء الحارة، فضلا عن قلة مؤونة الماء والغذاء اللذين بدآ في النضوب بالفعل، ولكون هذه الصحراء يصعب الوصول إليها إلا للمتمرسين، وتبعد عن أقرب قرية نحو 10 كيلومترات، ولكن من حسن الحظ أن هذه الصحراء تخلو من الحيوانات المفترسة من ذئاب وكلاب وغيرها.

وتعود القصة إلى أن الشاب علي الكاظم، قام بإيصال أحد أقربائه إلى منزله، وحينما هم بالعودة مع مرافقيه إلى مدينة الدمام، تلقى نصيحة من قريبه بأن يسلك مسارا جديدا للوصول سريعا إلى طريق الدمام الجديد، والذي سيوفر له قرابة ربع ساعة على الأقل عن الطريق التقليدي، والذي يعرفه الكاظم، وعلى اعتبار أن الوقت كان متأخرا، حيث الظلام الدامس، سلك سائق السيارة الطريق الذي وصف له من قبل قريبه، ولكن سائق آخر أربكه بالإشارات أنه يسلك طريقا غير نظامي، فتراجع عن ذلك الطريق واتجه لطريق آخر.

ومع أن الطريق الذي سلكه في المرة الثانية كان وعرا وغير معبد، فإن السير الكثيف للسيارات فيه شجع الشاب على الاستمرار فيه إلى أن توقف عند مقهى جديد وسأل عن الطريق المؤدي للدمام فأجابه أحد زملاء الدراسة السابقين بأنه بات على مقربه من الطريق الذي يود الوصول إليه للاتجاه للدمام وعليه تحمل الشارع الوعر لمسافة لا تتجاوز الكيلومترين، وفعلا واصل الشاب بسيارته، وفجأة وجد نفسه وسط ظلام دامس وفي قلب «بحر الأصفر» فاتصل الكاظم بقريب له، ووصف له ما حدث ومدى تورطه وسط البر، وسيارته غارقة في الرمال المتحركة فطلب وصف الموقع، ولكن الشاب لم يكن صاحب خبرة في المنطقة التي يوجد فيها، وعبر السؤال عن آخر موقع كان به (المقهى) وصلها قريبه بعد ساعة من الوقت ثم توغل في الصحراء لأكثر من كيلومتر حتى لاحت السيارة وهي غائرة وسط الرمال، فوصلها بعد أن كاد الجوع والعطش أن يفتك بمن فيها. النجدة التي وصلتهم تاهت أقدامها هي الأخرى وسط الرمال المتحركة فغطست بالقرب من السيارة الأولى. بعدها بدأت محاولات العثور أو استجلاب سيارة أكبر حجما لسحب السيارتين من وسط أكوام الرمال المتحركة.

بدأ الليل يرخي سدوله وما من أمل للخروج من هذا الموقف، الذي لم يتصد له إلا صديق لهم من هواة البر وصل إلى الموقع واستطاع أن يقوم بإخراج السيارات العالقة في الرمال بعد عدة محاولات.

عبد العزيز فهد المبارك، الذي اختبر دروب الصحراء، وأصبح أحد الخبراء فيها، كان هو النجدة التي جاءت لإنقاذ العالقين بإجراء عدة محاولات منها اليدوية كالحفر تحت الإطارات وتخفيف الهواء منها وكذلك تحريك «الدبل الثقيل» وغيرها من الأجهزة الموجودة في السيارة الغارقة، التي لم تخرج إلا بعد أربع ساعات من العمل المتواصل لعبت فيها خبرة المبارك دورا كبيرا في إنهاء هذه المعاناة التي كانت يمكن أن تتحول إلى كارثة.

يذكر أن بحيرة الأصفر هي من الصحاري التي شكلت رمالها المتحركة خطورة كبيرة على قرى الأحساء الشرقية منذ قرابة الأربعة عقود وهذا ما جعل الملك فيصل بن عبد العزيز رحمه الله يعتمد مشروعا لحجز الرمال حتى لا تصل بكثافة إلى بعض قرى مدينة العمران وتهدد بإخفائها حيث تمت زراعة آلاف الأشجار بمشروع ضخم إلا أن ذلك لم ينه تماما خطورة هذه المنطقة الصحراوية بشكل تام.