رمضان في القرى حكايات ومواعظ وتواصل أجيال

دورة «الحكاوي» ارتبطت بأمسيات الشهر الفضيل

TT

يمثل شهر رمضان لأهالي القرى موسما خصبا لتربية الأبناء، في شكل تواصل حي بين مختلف الأجيال، من خلال الالتقاء بكبار السن لتكون جلسات أحاديث ودية تتمحور حول قصص الماضي المستندة على التوجيهات والإرشادات.

ويحرص كثيرون ممن يعملون في المدن على قضاء شهر رمضان كاملا بين أهاليهم وذويهم في القرى، كونها بعيدة عن الضوضاء والزحام الذي تشتهر به المدن في هذا الموسم من كل عام، وفرصة مواتية لتعليم الأطفال العادات والتقاليد، وفتح صفحة الماضي المضيئة أمامهم وهي حياة ممزوجة بالحكم والمواعظ والدروس.

حسن هزازي يحرص على مغادرة المدينة ليخلد إلى الدعة ودفء الأسرة الممتدة - بحسب وصفه - ويقول «أحرص خلال شهر رمضان على العودة إلى قريتي بمنطقة جازان؛ حيث يلتف أبنائي حول جدتهم، فتحكي لهم القصص القديمة، وتعلمهم كثيرا من الأمور الدينية أثناء مكوثهم معها».

ويعتبر هزازي أجواء القرى مناسبة لسرعة التعلم، كونها بعيدة عن الضجيج وامتيازها بالهدوء وتقارب السكان من بعضهم وتعاونهم، ويؤكد أن القرى بشكل عام في جنوب البلاد تتشابه كثيرا في العادات، والتقاليد ويحرص أبناؤها على عدم تركها وزيارتها بين الفينة والأخرى كون رمضان موسما مميزا للزيارات، وتعليم الصغار.

من جهتها تقول المواطنة زهرة فقيه «يندهش كثير من سكان المدن عند سماعهم قصصا حول حياة أهل القرى في رمضان، القرى البعيدة عن الصخب والضوضاء وتسارع التقنية، كونها بدائية وتحمل في ثناياها البساطة، والبعد عن التكلف مع الحفاظ على العراقة من خلال التفاف كبار السن حول الأطفال وتوجيههم».

وتؤكد فقيه على أنها تحرص منذ أكثر من 35 عاما على العودة إلى قريتها لتتذكر الماضي، وكيف تعلمت كثيرا من أجدادها، على الرغم من ضعف التعليم في تلك الحقبة من الزمن، وتواصل بقولها «كنا نجتمع مع بعضنا كأطفال في شكل حلقة، وتبدأ جدتي الحديث معنا حول القصص القديمة والقصص والبطولات الإسلامية، وكانت تتخلل تلك القصص بعض الأسئلة حول الصلاة والوضوء وأهميتهما».

وتعتبر فقيه شهر رمضان أفضل فرصة في العام للعودة للقرى، والتفاف الأبناء حول كبار السن والاستزادة منهم في كل شيء، ماضية في قولها «رمضان موسم خصب للتعاون، وكسب الأجر من خلال الزيارات أيضا».

بينما تؤكد من جانبها عواطف محمد الشهري الاختصاصية الاجتماعية أن مبدأ الزيارات في رمضان وفي غير رمضان مهم جدا من أجل التآخي وتوثيق الروابط، وتؤكد الشهري أن كثيرا من سكان القرى ما زالوا يحرصون ويؤمنون بمسألة عودة أبنائهم إليهم من أجل توثيق الصلة بالقرية، وتعليم الأطفال عن الماضي وأصالة وعراقة القرى، وعاداتها وتقاليدها.

وتضيف الشهري: «من الضروري أن يحرص كل أولياء الأمور على الاهتمام بأطفالهم من خلال الجلوس معهم، وسرد قصص الماضي من باب العظة والتذكير والتعليم، كما أن الزيارات تزيد من حبل الوصال بين العائلات، وهو ما فقدته كثير من العوائل بسبب بعض المشكلات الاجتماعية»، وتواصل القول «يجب على جميع أولياء الأمور أن ينفتحوا على أبنائهم خصوصا في الشهر الفضيل كونه فرصة للتواصل سواء للقريب، أو البعيد، مؤكدة أن عمليات التعليم وذكر المواعظ والإرشادات من الممكن أن تكون عن طريق المنزل أيضا».