رمضان العاصمة.. «العزاب» يتباينون في طقوسهم

شباب يعوضون نقص العائلة بتكوين مجتمعهم الخاص.. وآخرون يفضلون البقاء وحدهم

تعد الاستراحات إحدى وجهات العزاب في ليالي رمضان بالسعودية («الشرق الأوسط»)
TT

لم ينقطع الشاب زيد العمري وهو موظف يعمل في القطاع الحكومي، عن التردد على مقهاه المفضل، القابع وسط الرياض، فحتى في رمضان، ينكبّ الشاب البالغ من العمر 26 عاما على ممارسة ألعاب الفيديو عبر الإنترنت، ويقضي خلالها ساعات تصل في أدناها إلى ثلاثة. ويجزم قائلا: «إن كل ما تغير في رمضان هو التوقيت».

ولا يقتصر صنع الطقوس الخاصة في رمضان على الشاب العمري فحسب، فهناك عدد واسع من قاطني العاصمة العزاب أو المغتربين عن مدنهم، يمارسون طقوسهم بعيدا عن الأجواء الروتينية التي تخص رمضان، التي تتسم بتقارب الأهل ومشاركتهم اليومية أو الأسبوعية، وجبات الإفطار. بينما يفضل بعضهم قضاء وقته وحيدا، ويكوّن آخرون مجتمعهم الخاص الذي يجدون فيه ما ينقصهم ليكملوا بذلك ما عاشوه طوال السنوات الماضية خلال الشهر الكريم.

ويفضل شباب تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» إبقاء جدولهم اليومي خارج أوقات العمل كما هو، بينما يشير آخرون إلى أن رمضان يمنح مساحة شاسعة من التغيير وكسر الروتين اليومي لا تتحقق سوى في الشهر الكريم.

يقول الشاب فيصل المبارك، وهو موظف قطاع خاص: «إن الاجتهاد في العبادات بحد ذاته كاسر للروتين، إلى جانب أوقاتنا التي نحاول أن نمضيها مع الأصدقاء سواء في الاستراحات أو المقاهي».

ويقضي الشبان أوقاتهم في المقاهي أو الاستراحات بمشاهدة المسلسلات أو ألعاب الفيديو أو لعب «البلوت»، ويضيف المبارك الذي تخرج للتو من جامعة الملك عبد العزيز ليعمل في شركة قطاع خاص بالعاصمة: «كل الأمور الروتينية تُنكَّه برمضان، إلى جانب الإفطار الجماعي الذي ننظمه كل ثلاثة أيام، فهناك أصدقاء متزوجون أو يعيشون مع أهاليهم، ويحضرون أطباقا منزلية، بينما يتفنن العزاب في اختيارات وجبات المطاعم».

في جانب مماثل، يقضي الشاب عبد الرحمن الخليف وقته خارج العمل في مشاهدة المسلسلات مع أصدقائه، وغير المعتاد هنا هو أنهم لا يلقون بالا لمسلسلات رمضان، ويقرّون بأنها «لا تقدم الجديد من أي ناحية، سوى التكرار»، ويقول إن مشاهدة المسلسلات الأجنبية تمتد لما نتشاركه طوال العام»، كما يضيف الخليف (28 عاما): «إن عملي كمحام يتيح لي فرصة مشاهدة المسلسلات ومطالعة الروايات التي تتعلق بالقضايا والمحاكم بعين المتخصص، لذا أستمتع مع أصدقائي بالمتابعة والنقاش وقت المشاهدة.. وتعتمد المسلسلات عادة على التعقيد وحلحلة قضية أو قضايا متنوعة، وتضيف الكثير إلى خبرتنا القانونية». ويسترسل: «تبقى الاحترافية التي نقرأها ونشاهدها في المنتجات الأجنبية هي ما نسميه باللغة الإنجليزية الـ(هوك)»، ويعني مقدمة صنارة الصيد باللغة الإنجليزية، لكن المقصد هنا هو عامل الجذب أو التشويق. «ولا تستطيع حتى مقارنتها بمخرجات المسلسلات العربية سواء في رمضان أو غيره، لذا لا نعتبر أنفسنا من هواة المسلسلات الرمضانية».

يشار إلى أن عدد المقاهي في الرياض يبلغ نحو 284 مقهى، وفقا لإحصائية حديثة أجرتها وزارة التجارة. ويشير زيد العمري الذي يقضي جل وقته في ألعاب الفيديو على شبكة الإنترنت، إلى أنه يحبذ صنع طقوسه ويلتزم بها. فيقول: «كنت أقضي الوقت في المقهى هنا من بعد صلاة المغرب، وحتى العاشرة مساء، وفي رمضان، تأخر الموعد ليبدأ بعد صلاة العشاء إلى ما بعد منتصف الليل». ويضيف: «ما يعجبني هنا هو الهدوء وعدم التدخين، وسبب ترددي يعود إلى أنني وحيد ولا أملك أصدقاء من خارج العمل، ولا أريد أن أتكلف عناء البحث، فالأصدقاء الافتراضيون يؤدون ما يؤديه الصديق الواقعي، كما أنني لا أحب أن ألتزم بمجموعة أو (شلّة)، لما يترتب عليها من أمور اجتماعية وأخرى مادية قد لا يفعلها الشخص إلا مجاملة».

يعود الشاب ليحملق في جهازه ويرتشف فنجان قهوته، وتبقى قصة الشباب في العاصمة كتابا واسعا، لا تكفي لرصده قصة واحدة.