«الربيع العربي» يكبح حافلات النقل البري في السعودية

آمال عريضة على السياحة الداخلية عقب «كبوة» الرحلات الخارجية

الكساد ضرب استثمارات النقل البري والحل في السياحة الداخلية («الشرق الأوسط»)
TT

ألقت الأحداث السياسية الجارية في بعض دول الربيع العربي بظلالها على قطاع النقل البري في السعودية، حيث تصاعدت شكاوى المستثمرين في قطاع حافلات النقل البري بسبب الخسائر الفادحة التي تعرضوا لها خلال إجازة الصيف الحالية نتيجة ضعف الإقبال على السفر لدول كالأردن وسوريا وتركيا ومصر، على اعتبار أن زبائنهم في الغالب من ذوي الدخل المحدود والذين لا يتحملون دفع تذاكر الطائرات التي ارتفعت بنسبة كبيرة عما كانت عليه حتى مواسم قريبة.

وبلغت خسائر المستثمرين في قطاع الحافلات - بحسب مختصين - أكثر من 75% وكانت الخسائر الأكثر وطأة وتأثيرا على من يقومون باستئجار الحافلات من أصحابها بعقود طويلة الأمد لا تقل عن الخمسة أعوام في فترات الإجازات الصيفية حيث إن مداخيل الحافلات لم تعد مجزية لتعويض المستأجرين حتى مبالغ إيجاراتهم.

وقال سعيد آل سليم، المستثمر في هذا المجال منذ أكثر من 22 عاما «لا أحد يمكنه نكران أو تجاهل تعرض القطاع السياحي المتعلق بالحافلات إلى الضرر الكبير في الإجازة الصيفية الحالية، خصوصا في ظل المشاكل التي تعاني منها عدد من الدول المجاورة والتي تفرض نفسها على أرض الواقع».

وأضاف آل سليم «الجميع يعلم أن من يلجأون إلى التنقل إلى الدول المجاورة بالحافلات بغرض السياحة وغيرها، وهم من أصحاب الدخل المحدود، ولكن لم يعد هناك إلا القليل جدا ممن يرغبون السفر بهذه الوسيلة، نظير المخاطر المتزايدة عليهم في بعض الدول مثل سوريا ومصر على سبيل المثال، وإن كانت الأخيرة أكثر استقرارا قياسا بالوضع في سوريا».

وقال آل سليم «بالنسبة لنا، توقفنا عن تسيير حافلات إلى بعض الدول التي ندرك أن بها مخاطر أمنية، لأن الأمان هو أساس ولا يمكن تجاهله، وبالتأكيد المستثمرون في أي قطاع يضعون في اعتبارهم احتمالات الربح والخسارة، ففي حال تعرض أي من العاملين لدينا أو من عملائنا إلى ضرر أو خطورة فبالتأكيد ستكون الخسائر مضاعفة، ونحن بتنا نعتمد على الكثير من البرامج السياحية الداخلية سواء إلى الحرمين الشريفين (مكة المكرمة والمدينة المنورة) أو غيرها من المناطق ولكن المؤكد أن غالبية الراغبين في السياحة الداخلية يركزون على السياحة الدينية».

وزاد آل سليم والذي تملك الشركة العائلية التي يديرها أسطولا كبيرا من الحافلات «نعم تأثرنا في فصل الصيف كثيرا ولكن الحمد لله لدينا عقود داخلية مع وكالات متعاقدة مع وزارات كثيرة من بينها وزاره التربية والتعليم، وكذلك مع بعض الجهات في القطاع الخاص مثل الفنادق، وهذه العقود تجعلنا نعوض الفترة الراكدة التي فرضتها الظروف الخارجة عن إرادتنا، وفعلا من خسر كثيرا في هذا الاستثمار من يعتمدون عليه في فترة الصيف من مستأجري الحافلات لأغراض سياحية أما الملاك فالضرر أقل حدة».

من جهته قال علي العبادي أحد المستثمرين في هذا القطاع منذ قرابة العشر سنوات من خلال استئجار حافلات من الشركات الكبيرة وتسيير رحلات داخلية وخارجية إن هناك شبه عزوف عن السفر البري لخارج المملكة من خلال الحافلات، وهناك من بات يفضل السفر بالسيارة الخاصة في الرحلات الداخلية إلى الأماكن المقدسة أو بعض الدول الخليجية المجاورة وخصوصا الإمارات وهذا ما جعل الأوضاع متأزمة جدا للمستثمرين بهذه الطريقة على اعتبار أنهم باتوا عاجزين حتى عن تسديد مبالغ الإيجار للثلاثة أشهر وهي مدة الإجازة الصيفية حيث تبلغ تكلفه الحافلة الكبيرة ما يزيد عن 100 ألف ريال.

وأشار العبادي إلى أن الفرصة الوحيدة لهم من أجل حصد مبالغ الإيجارات على الأقل هو توجيه الرحلات إلى الداخل كرحلات لمكة المكرمة والمدينة المنورة خلال شهر رمضان المبارك من خلال الإعلان عن عروض مغرية للسفر البري، وعلى اعتبار أن هناك تراجعا في من يرغبون في السفر بسياراتهم الخاصة خلال هذه الشهر الفضيل.

وهناك عروض كثيرة وتسابق على الحصول على زبائن ركاب في الأيام الأولى من عيد الفطر حيث تسير حافلات إلى دول خليجية وتحديدا الإمارات وقطر للسياحة.

وشدد على أن استمرار الوضع على حاله لا يشجعه على الاستمرار في الاستثمار في هذا القطاع واللجوء إلى نوع آخر من الاستثمار.

وبين العبادي أن الخسائر مجملة للمستثمرين في النقل البري السياحي قد تتجاوز الـ90 مليون ريال على اعتبار أن عدد المسافرين سنويا عبر الحافلات وتحديدا في الإجازة الصيفية يتجاوز الـ250 ألف مسافر سواء كانوا مواطنين أو عربا أو غيرهم من الجنسيات الأخرى والراكب الواحد يدفع ما لا يقل عن 200 ريال للسفر للأردن أو سوريا أو حتى مصر وتركيا.

وتبلغ الشركات العاملة في هذا المجال في المنطقة الشرقية تحديدا أكثر من عشر شركات غالبيتها عائلية تتركز في الدمام والقطيف والأحساء والجبيل وتتزايد ما بين حين لآخر أعداد صغار المستثمرين في هذا المجال خصوصا ممن سبق وأن عملوا في الشركات الكبيرة وحصلوا على خبرة كافية في كيفية جلب الزبائن وإبرام العقود.