«خطوات الحوامل» من أسوار الوزارات إلى «ممشى مجهز»

ثقافة دارجة فرضها غياب المرافق العامة

TT

تتأهب ثقافة السير مشيا على الأقدام حول أسوار مباني الوزارات والمؤسسات والدوائر العامة في مدينة جدة، للدخول في ذمة التاريخ، حيث تتحول الأقدام الراجلة من «أسوار الحوامل» إلى مماش رياضية ترفيهية بمواصفات عالمية، حيث تعمل أمانة جدة لتحويلها إلى متنفس للأهالي في نطاق الأحياء السكنية.

وكشف المهندس إبراهيم كتبخانة، وكيل أمين جدة لتعمير والإنشاء، لـ«الشرق الأوسط»، عن قرب الانتهاء من مشروع ممر مشاة مجرى السيل الشمالي، بدءا من طريق المدينة المنورة باتجاه الشمال، بتكلفة 5 ملايين ريال، وستتبعها المرحلة الثانية من طريق المدينة باتجاه الجنوب، ليمتد طول المجرى بنحو 12 كيلومترا، كما سيتم إنشاء ممشى آخر في حي الجامعة في شارع الجامعة، بنحو 5 ملايين ريال، إضافة إلى ممشى حديقة الأمير ماجد في حي الربوة، كما تم توقيع عقود صيانة لممشى في شارع الأمير فيصل بن فهد.

وبين كتبخانة أن المشروع يهدف لإنشاء مماش داخل الأحياء، مستغلا الزوائد التنظيمية، ليتسنى تجهيزها وتشجيرها وإنارتها، لتصبح متنفسا لسكان الحي وأماكن لممارسة الرياضة الخفيفة، للرجال والنساء، مع إضافة بعض من ألعاب الأطفال، لتتمكن الأسرة ككل من أن تستفيد من تلك المواقع. وتعد ثقافة المشي حول أسوار الوزارات والإدارات الحكومية ثقافة دارجة عند كثيرين في جدة، بسبب غياب المماشي العامة، فبعد أن كانت تعرف بـ«أسوار الحوامل» وكانت خاصة بالحوامل لممارسة رياضة المشي، تطورت فأصبحت أماكن ممارسة الرياضة لذوي الاحتياجات الخاصة والمصابين بالسمنة والسكري وأمراض ضغط الدم المنتشرة بكثرة في السعودية.

وطبقا لما أبرزته آخر الدراسات الطبية المتعلقة بهذه الرياضة، فإن ممارسة المشي السريع يوميا، تعتبر تدبيرا وقائيا لحماية الجسم من قائمة طويلة من الأمراض والإشكالات الصحية، كأمراض السكري، والعقم، وأمراض القلب والشرايين، وهشاشة العظام والمفاصل.

وأكدت الدراسة أن المشي المنتظم يحسن حالة الإنسان النفسية ويجعل العضلات أقل توترا، ويبعد المشاعر السلبية ويحسن أداء الدماغ، بينما تسهم الرياضة في تحسن المزاج، لدخولها في تنظيم عملية خلق مادة الأندروفين، وبقية الهرمونات، التي تؤثر إيجابيا على حالة الإنسان النفسية، وبالتالي يسهم في إطالة عمر الإنسان.

وأبرزت الدراسة ضرورة تقضي بأن على الإنسان أن يمشي بشكل يومي، مسافة تتراوح بين 10 آلاف و12 ألف خطوة، بينما الواقع القائم يؤكد أن مشي الإنسان المتوسط نحو 1500 خطوة فقط.

وتؤكد الدراسة أن 10 في المائة فقط من الناس يعملون على تأدية الحركة الكافية، بينما تبرز أن البدانة وزيادة الوزن تتنامى بشكل خطير في مختلف المجتمعات، ولذلك يتم الحديث عنها باعتبارها وباء خطيرا يهدد البشرية.

وكانت أمانة منطقة جدة قد أعدت دراسة أولية، قيمت مدى توافر الساحات العامة في البلديات الـ13 التابعة لها، وأشارت الدراسة إلى أن توافر الساحات محدود جدا، إذ إن معظم البلديات تعاني من نقص عدد الساحات العامة، أو أن مزيج أنواع الساحات فيها غير متوازن. وبينت الدراسة أن الساحات المتوافرة في معظم أجزاء جدة أقل من المعدل الذي حددته منظمة الصحة العالمية، وهو 8 أمتار مربعة للفرد الواحد، ويتضح النقص أكثر في المناطق المبنية بكثافة في المدينة، مثل بلديتي الجامعة وبريمان، حيث تبلغ نسبة الساحات العامة لكل منهما أقل من 0.2 متر مربع لكل فرد، وفي بلدية البلد 0.4 متر مربع لكل فرد، وفي بلدية قصر خزام 0.5 متر مربع لكل فرد.

واعتبرت الدراسة المحلية أن التحدي الذي يواجه المناطق يكمن في خارجها، من حيث توفير المزيد من الساحات العامة مع تزايد السكان، فيتمثل في توفير مزيد من الساحات العامة التي تدخل ضمن المناطق المبنية بكثافة بأسرع ما يمكن.