شهر رمضان.. محطة أولى لـ«الإقلاع» عن التدخين

روحانياته جعلت منه نقطة الانطلاقة نحو حياة «نظيفة»

يعد الجانب الروحي في رمضان محفزا لمسألة الإقلاع عن التدخين
TT

ما يتميز به شهر رمضان من روحانيات، جعل منه انطلاقة أولى للإقلاع عن التدخين، وذلك على خلفية ساعات الصيام الطويلة التي قد تساعد بشكل فعلي في تدريب النفس على البقاء لفترات طويلة دون «سيجارة»، إلى جانب رغبة البعض في الابتعاد عن معظم العادات السيئة خلال هذه الفترة من باب تهذيب الروح.

وفي المقابل فإنه ليس من الضروري أن يكون ذلك القرار «دائما» يستمر الفرد في الالتزام به طيلة حياته، حيث إن هناك من يطلق شعار «الإقلاع المؤقت عن التدخين» في شهر رمضان، ليعود مجددا إلى البحث عن السجائر تزامنا مع بهجة العيد، بحسب ما ذكره أبو يوسف، أحد المدخنين الذين يحاولون ترك الدخان في رمضان ومدى الحياة.

ويقول أبو يوسف لـ«الشرق الأوسط»: «في المرة الأولى تمكنت من التوقف عن التدخين طيلة شهر رمضان، إلا أنني عدت مجددا للبحث عن علبة سجائري في أول أيام عيد الفطر، وذلك نتيجة الوهم الذي يسيطر على معظم عقول المدخنين بأن السجائر تعد الملاذ الآمن من كل شيء محيط بهم».

ولفت إلى وجود تحدٍّ كبير بينه وبين أربعة من رفاقه على الاستمرار في ترك التدخين حتى بعد انقضاء أيام الصيام، مضيفا: «منذ البداية تراجع رفاقي عن التحدي وما زالوا مستمرين في التدخين إلى الآن، غير أنني أريد الاستمرار في التحدي بمفردي وبعزيمة قوية»، على حد قوله.

وفي هذا الصدد كشف لـ«الشرق الأوسط» صلاح الزهراني، المدير التنفيذي لـ«جمعية التوعية بأضرار التدخين والمخدرات» بمنطقة مكة المكرمة، عن أن ما بين 55 و60 في المائة من إجمالي أعداد المراجعين للجمعية يقلعون عن التدخين خلال شهر رمضان المبارك، لافتا إلى أن نسبة زيادة المراجعين في هذا الشهر سنويا تتراوح ما بين 15 إلى 20 في المائة مقارنة بأعدادهم خلال بقية أيام السنة الأخرى.

وقال الزهراني في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «يعد الجانب الروحي في رمضان محفزا لمسألة الإقلاع عن التدخين، وهو ما يجعلنا نركز على المساجد لإطلاق جملة من البرامج التذكيرية، فضلا عن التوعية بضرورة استغلال هذا الشهر واستثماره لترك تلك العادة».

وأشار صلاح الزهراني إلى أن استغلال شهر رمضان في ذلك يعتبر إحدى درجات الإقلاع عن التدخين التي من ضمنها اللجوء إلى العلاجات أو بدائل النيكوتين أو العلاج النفسي السلوكي، مبينا أن ترك التدخين في رمضان يندرج تحت أنواع العلاج الناجم عن صدمة عاطفية أو حدث روحي كحالة الوفاة أو زيارة المريض أو نحوه. وأضاف المدير التنفيذي لـ«جمعية التوعية بأضرار التدخين والمخدرات» بمنطقة مكة المكرمة: «يحتل الجانب التثقيفي ما نسبته 80 في المائة من مجمل أنشطة الجمعية، في حين يصل الجانب العلاجي إلى 20 في المائة والمتضمن العلاج السلوكي النفسي المعرفي والاستشارات النفسية والاجتماعية، خصوصا أن البعض يلجأون إلى التدخين على خلفية مشكلات أسرية أو اجتماعية أو مادية».

وأفاد صلاح الزهراني بأن الرجال يشكلون النسبة الأكبر بين المراجعين للجمعية، مرجعا أسباب ذلك إلى الحاجز الاجتماعي الذي ما زال يحول دون تواصل النساء مع الجمعية، ولكنه استدرك قائلا: «نسعى للوصول إلى المدخنات بطرق أخرى دون حاجتهن إلى القدوم إلى الجمعية أو العيادة التابعة لها».

من جهتها أكدت هبة، إخصائية المعالجة في إحدى عيادات الإقلاع عن التدخين الكبرى بجدة، أن نسبة مرتادي العيادة تزداد خلال شهر شعبان بنحو 50 في المائة عن الأيام العادية. وقالت في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «تعود تلك الزيادة إلى الرغبة الحقيقية لدى الكثيرين في الإقلاع عن التدخين خلال شهر رمضان، وهو ما يدفع بهم إلى زيارة العيادة قبل بدء الصيام نتيجة الدوام الجزئي للعيادة في رمضان»، لافتة إلى أن استخدام اللاصقات وغيرها من المنتجات المحفزة للامتناع عن التدخين لم تتجاوز نسبة نجاحها الـ10 في المائة.

وذكرت هبة أن مراحل العلاج في العيادة تبدأ باستشارة مجانية للمريض تتم من خلالها توعيته بأضرار التدخين وتوضيح المواد المكونة للسيجارة في أسلوب «ترهيبي»، ومن ثم إخضاعه لاختبار تحديد نسب النيكوتين والكربون في الدم بعد اقتناعه بالعلاج.

واستطردت بالقول: «يتم إدخال نتيجة هذا الاختبار مع بعض المعلومات الشخصية للمريض في جهاز لإجراء حسابات معقدة، ومن ثم تحديد الخطة العلاجية باعتبارها تختلف من فرد إلى آخر بحسب اختلاف نسب النيكوتين والكربون في الدم»، مشيرة إلى أن المريض ينتقل بعد ذلك لجلسات أشعة الـ«رايس» والمتمثلة في ذبذبات يتم أخذها عبر 18 نقطة في الإذن اليمنى و19 أخرى في أذن المريض اليسرى.

وتابعت إخصائية المعالجة قائلة: «تعمل تلك الذبذبات على إذابة نسبة النيكوتين ليخرج مع البول، إلى جانب رفع معدلات إفراز الهرمون المسؤول عن السعادة في جسم الإنسان، وذلك بهدف حماية المقلع عن التدخين من الأعراض الانسحابية المتوقع حدوثها»، موضحة أنه بعد ذلك تبدأ متابعة المريض لمدة 6 أشهر لضمان عدم عودته إلى التدخين مرة أخرى.