الاتصالات تهدد المستخدمين والبائعين لشرائح مسبقة الدفع مع أرقام الهوية

سوق سوداء تتشكل مع القرار والأنظار تتجه للسوق الخارجية

تخوف من استغلال وتوجه المشتركين لخيارات أخرى في عمليات امتلاك شرائح الهاتف الجوال («الشرق الأوسط»)
TT

هددت أمس هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية عبر «الشرق الأوسط» بأن بيع الشرائح مسبوقة الدفع مصحوبة بأرقام الهوية يعتبر مخالفا للأنظمة ولا يخدم الصالح العام، وقالت: «المستخدم هنا يعرض نفسه للمساءلة والعقوبة، حيث إن المسؤولية لا تنحصر في البائع فقط، بل تمتد إلى مستخدم الشرائح».

وقالت هيئة الاتصالات في ردها على استفسار «الشرق الأوسط» أمس: «من المتوقع أن يلجأ بعض ضعاف النفوس إلى محاولة الالتفاف على قرار الهيئة لتحقيق مكاسب مالية سريعة، إلا أن قرار الهيئة قد حقق نتائج إيجابية كبيرة نلمسها من خلال الإقبال الكبير من قبل المشتركين على مكاتب الاشتراكات لتحديث بياناتهم، الأمر الذي من شأنه الحد من الآثار السلبية على المجتمع الناتجة عن استخدام هذه البطاقات المخالفة».

وجاء تهديد الهيئة بعد أن أثار قرارها قبل فترة ربط شحن شرائح الاتصالات مسبقة الدفع للهاتف الجوال أو إعادة شحنها أو تحويل رصيدها برقم الهوية الذي تم بموجبه الاشتراك في الخدمة، جدلا واسعا في سوق الهواتف الجوالة في المملكة، في الوقت الذي يتوقع أن يتسبب القرار في خروج عدد كبير من الشرائح المفعلة والبالغ عددها نحو 54.3 مليون شريحة، حسب آخر إحصائية أصدرتها هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات.

ووفقا لهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية، فإن عدد المشتركين بلغ 54.3 مليون اشتراك بنهاية الربع الأول من عام 2012. وشكلت الاشتراكات مسبقة الدفع الغالبية العظمى من هذه الاشتراكات بنسبة قاربت الـ85 في المائة، لتكون بذلك نسبة انتشار خدمات الاتصالات المتنقلة على مستوى السكان نحو 188.5 في المائة.

ويتوقع أن ينخفض هذا العدد بنسبة كبيرة مع تطبيق القرار، في الوقت الذي كشفت مصادر - فضلت عدم ذكر اسمها - أن القرار قد يساعد شركات الاتصالات في الدول المجاورة على الاستفادة من بيع شرائح مسبقة الدفع، والاستفادة من خدمات التجوال، في حين يرى البعض أن ذلك لم يكن على شكل واسع.

وبحسب متعاملين، فإن سوقا سوداء نشأت بهدف بيع بطاقات مسبقة الدفع مع أرقام هوية، الأمر الذي قد يدفع إلى استخدام مثل هذه التعاملات لتجاوز القرار، مشيرين إلى أن كثيرين من المتعاملين يجهلون الأبعاد القانونية والأمنية التي قد تترتب على مثل هذا القرار.

وذكر مصدر في إحدى شركات الاتصالات العاملة في المملكة أن القرار سيجعل حياة العميل أصعب، وذلك بعد زيادة إجراءات الشحن، مشيرا إلى أنه لا يوجد في العالم قرار مشابه لهذا القرار، في الوقت الذي يصعب من الحصول على خدمات الاتصالات، ويفتح الباب على ممارسات أخرى قد تكون لها نتائج مختلفة عن ما كانت عليه في السابق.

إلى ذلك، أشارت هيئة الاتصالات إلى أنها تعمل بالتعاون مع الجهات المعنية المختصة والشركات المشغلة للتصدي لأية أساليب تهدف إلى الترويج للشرائح غير النظامية، وقالت: «يمكن للمشتركين التحقق من عدد الشرائح المسجلة بأسمائهم من خلال إرسال رسائل قصيرة للمشغل الذي يتبع له المشترك وتقدم هذه الخدمة بالمجان».

ودعت هيئة الاتصالات، خلال ردها على استفسارات «الشرق الأوسط»، أمس، كافة المواطنين والمقيمين إلى التعاون معها، في سبيل عدم إتاحة الفرصة لمن تسول له نفسه بيع الشرائح مسبقة الدفع غير النظامية.

من جهته، قال الدكتور عبد العزيز الغدير، الخبير والكاتب المتخصص بقطاع الاتصالات والاقتصاد، إن عدد أرقام الهواتف يعتبر مرتفعا، وذلك يدل على أن الكثير من البطاقات لم تستغل الاستغلال الأمثل، مشيرا إلى أن «هذا القرار يعتبر نوعا من أنواع الحماية الأمنية، وهو ما صاحبه غرامات كبيرة وتشديد في تطبيق القرار، والهدف يكمن في الحد من التأثيرات الأمنية السلبية للبطاقات مجهولة الهوية».

وقال إن من يتجرأ ويبيع بطاقات مجهولة الهوية يتوقع أن يكون تحت طائلة النظام الذي أصبح قاسيا، مؤكدا أن هناك عمليات ضبط بشكل أكبر مما كان عليه قبل عام، وذلك من خلال التسيب في بيع تلك البطاقات من قبل العمالة الجائلة وعدد من المحال، متوقعا الحد من انتشارها، وموضحا أنه «لا يمكن الحد من المخالفات بشكل كامل، حيث إن كل بلد في العالم توجد فيه مثل هذه المخالفات، ولكن يجب أن تكون تلك المخالفات في حدود المعقول».

ولفت إلى أنه سيكون هناك تأثير على مبيعات شركات الاتصالات خلال الربع المقبل، مؤكدا وجود من يحاول خرق النظام للكسب من وراء ذلك، إلا أنه توقع أن تكون أقلية في حال قيام الأجهزة الأمنية والنظامية بمتابعة تنفيذ النظام.

وأشار الغدير إلى توقعه التشديد في تنفيذ القرار، لكونه يحمل مخالفات أمنية لما هو عليه في الوقت الحالي، في الوقت الذي توقع أن تكون هناك بدائل قانونية لما كان عليه من خلال وجود حلول بشراء بطاقات تحمل اسمه الحقيقي، وهذا الأمر سيخلق عملاء واضحين وسوقا طبيعية.

وعن استفادة الشركات المجاورة التي يمكنها بيع شرائح داخل المملكة من خلال اتفاقيات التجوال الدولي، قال الغدير: «إن ذلك غير مجد، حيث إن السوق السوداء توفر خيارات أفضل من الذهاب إلى شرائح الشركات الإقليمية».

إلى ذلك، قال فهد أحمد، الموظف الحكومي، إن القرار قد يشكل صعوبة عليه في حال دخل في مشكلة مع واحدة من شركات الاتصالات، حيث مر في فترة ماضية بمشكلة مع واحدة من شركات الاتصالات لم يستطع حلها، وتوجه إلى شراء شريحة مؤقتة، ففي حال انقطعت سيصبح من دون شريحة نظرا لوضعه من قبل شركة الاتصالات على قائمة المتعثر عن السداد في قوائم شركة المعلومات الائتمانية. وأكد أن المشكلة لا تكمن في السداد وإنما في اختلاف المبلغ، وهو ما جعل القضية تأخذ فترة أطول لحلها.