القنفذة: «هدية الطعام» عادة رمضانية عمرها 80 عاما

TT

في عادة سنوية رمضانية تعود لما يزيد على 80 عاما يتسابق أطفال القنفذة (غرب السعودية) بأطباقهم المنمقة والممتلئة بالطعام إلى بيوت الجيران في حيهم السكني، كبادرة تسامح ومحبة ينشرها أهالي الحي في ما بينهم طوال شهر رمضان المبارك، وهي عادة توارثوها جيلا بعد جيل.

وتتعدى معاني «هدية الطعام» أمور التواصل بين الجيران إلى تسابق الفتيات الصغيرات في المبادرة لتعلم فنون الطبخ، ليتجاوز ما صنعته أياديهن أفراد الأسرة إلى المجتمع المحيط، وتعين الأطفال على اختيار نوع الطعام الذي سيحملون إلى أقرانهم على امتداد الحي السكني، كما تذيب «هدية الطعام» كل الضغائن والمشاحنات المتراكمة من أوقات مضت بين الجيران.

وقال محمد بن أحمد، أحد أهالي القنفذة أن هذه العادة تقوم على مبدأ أن تهادي البيوت بعضها أطعمة متنوعة من صنع البيوت مثل السمبوسة، والخمير، والسمك، والمطبق، والعيش، موضحا أنها من الأطباق الغذائية التي يكثر تناولها بين أهل القنفذة في شهر رمضان.

بينما تبين فاطمة الفقيه، ربة منزل، أن العادة جرت منذ عهد بعيد، وما زالت قائمة، أن تقوم الأمهات بتسيير أبنائهن بالأطعمة لإهدائها للجيران وفق تنسيق معين، بحيث لا تتكرر «هدية الطعام» بين البيوت، موضحة أن من تهدي السمبوسة لجيرانها لا تهديها مرة أخرى، حيث يكون الرد أيضا من الجارة على الهدية بهدية طعام أخرى.

وتشير الفقيه إلى أن ميزة التهادي بين الجيران تأتي من باب تأكيد باب الوصال، والمحبة بين الجيران، وتضيف لهدية الطعام ميزة جميلة بدأت بالتلاشي رويدا رويدا خلال هذه الأيام وهي زرع باب الثقة في الأطفال من خلال الاعتماد على النفس عند أخذ الأطعمة لبيوت الجيران.

الدكتور الأديب حمزة بن عامر الشريف، عضو هيئة التدريس في الكلية الجامعية بالقنفذة، يبين أن محافظة القنفذة هي امتداد لعادات وتقاليد مدينة مكة المكرمة، ففيها كثير من العادات والتقاليد المطابقة لعادات وتقاليد مكة المكرمة.

وأضاف: «ما زالت بيوت كثيرة في القنفذة تحرص بشكل كبير على بقاء مثل تلك العادات الجميلة، على الرغم من التطور ودخول وسائل التقنية»، لافتا إلى أن تلك العادات زرعت كثيرا من الفوائد؛ منها الثقة بالنفس لدى الأطفال، وتعليم البنات فنون الطبخ، وتحل كثير من المشكلات بين البيوت، حيث يقرع باب شهر رمضان الكريم قلوب الناس فيرمي ما بها من غل، وهم ويعيد التواصل بين البيوت.