جدل بين هيئة مكافحة الفساد ومؤسسة الخطوط الحديدية

«نزاهة» تطالب بإحالة المتسببين في حادث قطار الدمام إلى هيئة الرقابة والتحقيق

TT

دخلت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والمؤسسة العامة للخطوط الحديدية في جدل على خلفية حادث قطار الركاب رقم 1 الذي كان في رحلة بين الدمام والرياض في 27 من يونيو (حزيران) الماضي، حيث تعرض 46 من ركابه الـ332 لإصابات متفرقة بين المتوسطة والخفيفة.

وطالبت هيئة مكافحة الفساد بإحالة المتسببين في الحادث على اختلاف مسؤولياتهم إلى هيئة الرقابة والتحقيق لمحاسبتهم، في حين علمت «الشرق الأوسط» أن المؤسسة لا تلجأ إلى هيئة الرقابة والتحقيق في التحقيق في الحادث ومحاسبة المتسببين، وإنما توقع عقوبات على المتسببين في الحادث بناء على مسؤولياتهم وفق نظام الموظفين وتقوم بإخطار هيئة الرقابة والتحقيق بنتائج التحقيق والعقوبات. واتفق بيان المؤسسة وهيئة مكافحة الفساد على أن السرعة الزائدة للدخول في منطقة التخزين حيث توجه القطار لمنطقة التوقف وهو يسير بسرعة 119 كيلومترا في الساعة بينما كانت تعليمات السلامة تشير إلى دخول المنطقة بسرعة لا تتجاوز 30 كيلومترا في الساعة.

وفرد بيان هيئة مكافحة الفساد المجال لأسباب أخرى ساهمت في الحادث منها عدم التقيد بتعليمات السلامة وتسليم قائد القطار دفة القيادة لمساعده الذي وصفه البيان بأنه غير مؤهل مما اعتبرته «نزاهة» مخالفة تستوجب المحاسبة كما أكد البيان أن قائد القطار ومساعده لم يتقيدا بما تعنيه الإشارات الضوئية العاملة على السكة قبيل الوصول إلى محطة التخزين، وهي إشارات ضوئية واضحة تعني تهدئة السرعة أو التوقف.

وكذلك من الأسباب غير المباشرة للحادث عدم تقيد المؤسسة بجدول محدد للرحلات وعدم الدقة في إعطاء الأوامر والتعليمات لقائدي القطارات من قبل غرفة المراقبة والتحكم في المقر الرئيسي، وتغيير الأوامر بشكل دائم، ووجود ازدحام في مواعيد رحلات القطارات، وفي التقاء القطارات، على الخط الوحيد بين الدمام والرياض.

وصرح مصدر مسؤول في الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (نزاهة) بأن الهيئة، وبناء على اختصاصاتها الواردة في تنظيمها، ومنها متابعة الشأن العام للمواطنين، قد قامت بمتابعة الحادث الذي تعرض له قطار الركاب التابع للمؤسسة العامة للخطوط الحديدية، المتجه من الدمام إلى الرياض صباح يوم الأربعاء الموافق 7-8-1433هـ، ونتج عنه انقلاب القاطرة الرئيسية مع ثلاث عربات أخرى، وإصابة نحو (44) شخصا بإصابات مختلفة ليس من بينها حالات وفاة.

وقد قامت الهيئة بتكليف فريق من أفرادها بتقصي أسباب وقوع الحادث وملابساته، بمنأى عن دور أي جهة باشرت الحادث، وقام الفريق بالشخوص إلى موقع الحادث، وإلى مقر المؤسسة العامة للخطوط الحديدية، واستمع إلى إفادات ذوي العلاقة.

وبين المصدر أن من أهم الأسباب عدم الاستفادة من النظام الأوروبي، للتحكم في القطارات (ETCS) وشاشة المراقبة (DMI)، بسبب عدم تشغيله، وذلك رغم تأمين النظام، وتركيبه منذ فترة طويلة، بتكاليف عالية، وهو النظام الذي سيؤدي دورا فعالا في المراقبة والتحكم يتمثل في منع قائد القطار من تجاوز السرعة المحددة، وإيقاف القطار إجباريا عند الإشارة الحمراء، وتحديد حالة الخط أمام قائد القطار.

وأنهى المصدر تصريحه بأن الهيئة قد أوصت بإحالة موضوع حادث القطار والمتسببين فيه إلى هيئة الرقابة والتحقيق، للتحقيق فيه، وتحديد المتهمين بالإهمال والمخالفات، وإحالتهم إلى القضاء الإداري وفقا للأنظمة.

وفي بيان مضاد أوضحت المؤسسة العامة لخطوط الحديدية في ردها على البيان الذي أصدرته هيئة مكافحة الفساد (نزاهة) بشأن الحادث الآنف الذكر أن المؤسسة أصدرت الأسبوع الماضي بيانا بنتائج التحقيقات في الحادث المشار إليه وتضمن ما انتهى إليه الفريق المكلف بذلك، وقد تمت الإشارة فيه إلى مخالفات القائد ومساعده وما اتخذته المؤسسة من إجراءات عاجلة لتلافي تكرار مثل ذلك.

كما بينت المؤسسة أن قيام قائد القطار بتسليم القيادة للمساعد لا يعد مخالفة إدارية، ذلك أن من بين مهام المساعد تسلم القيادة في بعض أوقات الرحلة، ومن هذا المنطلق فإن مساعدي قائدي القطارات يخضعون للتقييم الدوري ويتم إلحاقهم بدورات تدريبية مكثفة في مجال قيادة القطارات وفهم مدلول الإشارات والاتصالات، وعدم تقيد المساعد بأنظمة وقواعد التشغيل لا يعني بالضرورة جهله بها.

وقالت المؤسسة في ردها على بيان «نزاهة» إنه لم يتضح بعد ما إذا كان قائد القطار أو مساعده قد تلقيا تعليمات خاطئة تسببت أو ساهمت في وقوع الحادث، وقد تمت الإشارة في بيان المؤسسة إلى أن التسجيلات كانت مشوشة وقد تم إرسالها إلى مركز سلامة النقل بكندا لتحسينها ليتم بعد ذلك معرفة حقيقة ما دار من محادثة بين طاقم القطار وغرفة المراقبة المركزية في الدمام وتحديد المسؤولية بدقة ومعرفة المتسبب في ذلك.

وفي جانب تداخل جداول الرحلات وعدم التقيد بجدول رحلات واضح لحركة القطارات قالت المؤسسة إنها تسير قطاراتها وفق جدولة محددة بدقة عالية ولا يتم تسيير أي قطار في غير موعده المحدد، كما أن أزمنة وصول القطارات إلى المحطات الوسطية ونقاط التخزين والوقت الذي يستغرقه في انتظار مرور قطار آخر محددة بدقة في جدول سير القطارات المعتمد، وهذه الأوقات موضحة بدقة ومعروفة سلفا لكل من طواقم القطارات وغرفة التحكم ونظار المحطات إضافة إلى المسافرين الذين يقومون بالحجز وترتيب سفرهم بناء على هذه الجداول.

وزادت المؤسسة أن حركة سير قطاراتها تتم بمرونة فائقة وسلاسة تمكن من تدفق القطارات في مواعيدها المحددة، مع وجود خطوط تخزين على الخط الرئيسي لقطارات الركاب وتوقفه أثناء مرور قطار آخر واعتبرت أن وجود نقاط تخزين لا يعني ازدحام الجدول أو عدم كفاءة الخط الحديدي وجاهزيته، فهذا النظام معمول به في كل دول العالم تقريبا، علما بأن المملكة من بين دول قليلة على مستوى العالم تقوم بفصل حركة سير قطارات الركاب عن قطارات الشحن من خلال تخصيص خط مستقل لكل منهما، كما أنها تقوم حاليا بتنفيذ مشروع ازدواج خط قطارات الركاب وسيسهم ذلك في توفير مرونة عالية في تشغيل القطارات وسلامتها.

وختمت المؤسسة بأنها تمتلك نظاما متطورا وحديثا للاتصالات والإشارات ويعتبر من الأنظمة المتطورة والمتكاملة على مستوى العالم ويصنف عالميا ضمن المستوى (SIL4) وهو تصنيف عالمي يعني انعدام فرص الأخطاء بنسبة عالية جدا، وقالت: إن هذا النظام يوفر الاتصال بطواقم القطارات وإبلاغهم التعليمات أولا بأول، إضافة إلى إمكانية تحديد موقع القطار، وبالنسبة للنظام الأوروبي الذي أشار إليه النظام فهو نظام مساند ولا يمكن الاستفادة منه من دون النظام القائم حاليا، وأضافت المؤسسة أنها عندما قامت بإدخال هذا النظام كانت ترمي إلى الاستفادة منه في تعزيز منظومة السلامة على قطاراتها وإن تأخر تشغيله كان بهدف توفير كافة متطلباته بما يضمن للمؤسسة مستوى أعلى من السلامة بمن يحقق مرونة وفعالية التشغيل، وأشارت إلى أن النظام مصمم ومجهز للقطارات التي تسير بسرعات عالية تبدأ من 160 كيلومترا في الساعة وأكثر، إضافة إلى دوره في منع الأخطاء البشرية لطواقم القطارات، والمؤسسة جادة في استكمال متطلبات تشغيله.