شهدت سوق السمك في جدة (غرب السعودية) ارتفاعا ملحوظا في المنتجات تجاوز 15 في المائة من أنواع الأسماك المعروضة للبيع في المزاد العلني، الذي يقام صباح كل يوم بعد عودة الصيادين لبيع حصادهم داخل السوق، وما يأتي من أنواع مختلفة للأسماك من خارج المدينة.
ووفقا لمتعاملين في سوق السمك المركزية في جدة، ستواصل الأسماك ارتفاعها في الأيام الأخيرة من رمضان، وقد تصل إلى 30 في المائة عما كان متداولا قبل الشهر الكريم، وهي الفترة التي يكثر الطلب فيها، لانشغال السكان بأداء الفرائض والتبضع من الأسواق لقضاء حاجاتهم.
وفي ذات السياق، أوصى متخصصو تغذية وأطباء قلب بضرورة رفع معدل تناول وجبة الأسماك بمختلف أنواعها إلى 10 وجبات شهريا، أي ما يعادل 120 وجبة سنويا، وذلك لتجنب «السكتة القلبية» التي تؤدي إلى الوفاة.
وكانت نتائج دراسة طبية صدرت في وقت سابق على أكثر من 9 آلاف شخص تتراوح أعمارهم بين 50 - 59 عاما يعانون من أمراض تاجية في القلب، وبينت الدراسة أن الأشخاص الذين يتناولون السمك أكثر من مرتين في الأسبوع الواحد هم أقل عرضة للإصابة بالسكتة القلبية، ويقل لديهم تسارع نبضات القلب.
وأوضحت الدراسة أن المعدل الطبيعي لنبضات القلب يتراوح بين 70 - 80 نبضة في الدقيقة، وفي حال زيادة معدل نبضات القلب عن 90 نبضة يزيد من مخاطر الإصابة بالسكتة القلبية.
وذكرت مروج أحمد متخصصة التغذية أن الذين يتناولون الأسماك وزيوتها هم أقل عرضة من غيرهم للإصابة بأمراض القلب والسكتات القلبية، وذلك لأن الجليسريدات الثلاثية في الأسماك تحتوي على كميات هائلة لاثنين من الأحماض الدهنية العالية في درجة عدم إشباعها وهما حامض إيكو سينتويك، وحامض دوكو ساهيكسنويك، وهما من الدهون غير المشبعة والتي تؤدي إلى خفض مستوى الكولسترول الضار، ومستوى الكولسترول الكلي في الدم، وهما غير موجودين بكميات كبيرة في أطعمة أخرى.
وأشارت متخصصة التغذية إلى ضرورة تناول الأسماك صغيرة الحجم وقليلة الدهن عن غيرها من أنواع الأسماك الأخرى، مع الامتناع عن تناول أسماك مثل «التونة، والسردين، والكابوريا، والجمبري» لزيادة معدل الدهون بها.
وتقول التقارير الطبية في هذا الشأن إن غالبية مرضى القلب والتصلب الشرياني ينصح لهم بزيادة تناول وجبة السمك تحت إشراف طبي مختص، بسبب وجود زيوت تساعد في انخفاض ضغط الدم، إضافة إلى تنظيم دقات القلب، وهي ما أثبتته الدراسات، حيث إن الأحماض الدهنية في زيوت الأسماك لها تأثير وقائي على الجهاز الدوري، وهي قادرة على تقليل حدوث التهابات في المخ وتجديد الخلايا العصبية.
ويبلغ الإنتاج السنوي من المصايد السمكية في المملكة العربية السعودية أكثر من 60 ألف طن سنويا، تستحوذ منطقة مكة المكرمة على نحو 5 آلاف طن، في حين يبلغ الاستهلاك المحلي للأسماك بمختلف أنواعها أكثر من 100 ألف طن، بينما تعتمد السوق السعودية على الأسماك المستوردة بنسبة تتجاوز 55 في المائة من إجمالي الاستهلاك.
وفي هذا السياق اتخذت وزارة الزراعة جميع التدابير لزيادة نمو الثروة السمكية، وشرعت المكاتب في وضع خطط وآلية بالتنسيق مع الجهات المختصة لمنع عمليات الصيد العشوائي في البحر الأحمر والخليج العربي وفق ضوابط دولية، بينما تم تحديد مواعيد لمنع صيد أسماك الناجل والطرادي خلال فترة التكاثر تحسبا لانقراضها بعد أن شهدت السنوات الأخيرة عمليات صيد واسعة لأسماك الناجل والطرادي.
وشرعت بعض الشركات المحلية الكبرى في إنشاء أحواض زراعية للأسماك على امتداد الساحل الغربي بهدف رفع معدلات الإنتاج المحلي، في خطوة للوصول للاكتفاء الذاتي والتصدير إلى دول العالم.
وبالعودة إلى ارتفاع أسعار السمك، أكد متعاملون في السوق أن عودة الأسعار إلى طبيعتها ستكون مع نهاية أغسطس، محذرين من شراء الأسماك الفاسدة، وذلك من خلال التأكد من لون خياشيمها المائل للوردي والخالية من المواد المخاطية، ونضارة العيون اللامعة، وأن تكون خالية من الروائح الكريهة، وأن يكون سطح الأسماك براقا لامعا خاليا من المخاط البكتيري، وألا تتساقط القشور بسهولة عن الأسماك القشرية، وغير القشرية يكون جلدها أملس وغير مجعد، مع التأكد من عودة لحم منطقة الظهر إلى مستواه الطبيعي بعد الضغط عليه بأصابع اليد.
وفي ذات السياق، شهد طريق المدينة (35 كيلومترا شمال جدة) انتعاشا اقتصاديا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة، وارتفع حجم الاستثمار في مطاعم بيع الأسماك بمختلف أحجامها وأشكالها إلى أكثر من ملياري ريال.
ويبلغ عدد المطاعم والمتنزهات الواقعة على الخط السريع 20 مطعما منها 15 مطعما تقع ما بين جدة وذهبان، وتقدر مساحتها الإجمالية بـ500 ألف متر، بواقع 25 - 50 ألف متر لكل مطعم يحتوي على جلسات عائلية، وألعاب أطفال متعددة، يعمل بها أكثر من 220 شخصا من جنسيات مختلفة، تمثل العمالة الآسيوية 75 في المائة من إجمالي العاملين في المطاعم.
وتستقبل الأمانة طلبات لإنشاء مطاعم تتركز ما بين جدة ورابغ بمساحات مختلفة، وأقرت الأمانة لإنشاء هذه المطاعم ضوابط لبناء المطاعم على الخطوط السريعة تشمل حجم المساحة، والموقع، وتوفر اشتراطات السلامة، والشروط الصحية.
وعرف أول مطعم تم إنشاؤه على الطريق السريع في عام 1959، وأطلق عليه «مطعم السيد للمأكولات البحرية»، وكان يقع ما بين جدة وثول على بعد 65 كيلومترا شمال جدة للطريق المؤدي للمدينة المنورة.
ويشترط ملاك الأراضي المطلة على الشارع الرئيسي ما بين محطة الرحيلي ومفرق ذهبان والتي تعد المنطقة الذهبية للاستثمار في المطاعم المتكاملة من جميع المستلزمات، على المستثمرين عقود إيجار لمدة 20 عاما من تاريخ توقيع العقد، وتقدر تكلفة إيجار المتر الواحد بـ140 ريالا لكل عام.
وتقدر نسبة الإشغال في الصيف ومواسم الأعياد وفقا لملاك المطاعم 100 في المائة، تشكل ما نسبته 50 في المائة من المدن القريبة لمحافظة جدة، الرياض، والمنطقة الشرقية، إضافة إلى حجوزات شركات العمرة التي تقوم بإرسال أفواج من جنسيات متعددة بالتنسيق مع المطاعم لتناول طعام العشاء، وتستوعب جميع المطاعم على امتداد الخط السريع في كل ليلة أكثر من 35 ألف شخص، تختلف من موقع لآخر.
ويسجل موسما الربيع والحج لمنطقة مكة المكرمة نموا على طلب الأسماك، إذ يرتفع حجم الإقبال من الحجاج وزائري المنطقة إلى نحو 50 في المائة لمختلف الأنواع والأحجام من الأسماك التي يتم ترويجها في تلك الاستراحات الواقعة ما بين جدة ورابغ، وتسجل المنافذ دخلا يصل إلى 20 مليون ريال، بينما تقدم الأسماك بطرق مختلفة بعيدا عن الطرق التقليدية (القلي، والشوي) في محاولة لكسب رضا المستهلك المحلي وغير المحلي.