بردة عكاظ بطابع نسائي لأول مرة هذا العام

البشري لـ «الشرق الأوسط»: طعمت البردة بكلمات القصيدة الفائزة

شاعر عكاظ في النسخة السابقة يرتدي البردة بحضور الأمير خالد الفيصل (تصوير: ثامر الفرج)
TT

منذ الوهلة الأولى لإعلان الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة رئيس اللجنة الإشرافية لسوق عكاظ، فوز الشاعرة السودانية روضة الحاج محمد عثمان شاعرة لعكاظ، وحصولها على جائزة نقدية قيمتها 300 ألف ريال، وبردة شاعر سوق عكاظ، توجهت الأنظار نحو مصمم «البردة»، كونها تذهب لأول مرة إلى امرأة، وهو ما يعني اختلاف شكل وتصميم «البردة».

المصمم السعودي، يحيى البشري، مصمم عالمي معروف، هو من أوكلت إليه مهمة تصميم البردة أكد لـ«الشرق الأوسط» أن تصميمها لن يختلف كثيرا في الشكل العام، إلا أنه سيأخذ في الاعتبار أنها ستصمم لشاعرة، وستكون هذا العام باللون الأخضر وستخاط بقماش الحرير والكريب، وستطرز بنحو 3 كيلوغرامات من القصب الفضي والذهبي، بكلمات القصيدة الفائزة التي سترسم بالخط العربي الحر، وسيبلغ طول قماشها 8 أمتار.

وبين يحيى البشري، أنه سيستغرق تنفيذ البردة شهرا، وأعلن أن الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة رئيس اللجنة الإشرافية لسوق عكاظ، وجهه بتنفيذ نسختين من البردة، تمهيدا لوضعها في متحف «برد» الفائزين بسوق عكاظ، وقال إنه يحقق بتصميمها أمنية كبرى ظلت تراوده، وذلك بعد أن قرأ الكثير عن هذه المظاهرة التاريخية، التي كانت منذ قديم الزمان موقعا ومركزا لتبادل الثقافات والشعر.

وبحسب البشري فإن البردة مزجت في تصميمها بين البردة القديمة والمشلح السعودي الحديث، ومزجت في زخرفتها تاريخ عكاظ، وأشعار الفائز بها لهذا العام، إضافة إلى التراث التي تتميز به منطقة الحجاز.

البشري كان قد قدم الشهر الماضي في باريس عرض أزياء تحت عنوان «20 عاما من الموضة»، حضره عدد من نجوم السينما والموضة، استعرض خلاله تجربته طوال العشرين عاما الماضية.

وروضة الحاج محمد عثمان شاعرة سودانية من مواليد مدينة كسلا بشرق السودان، وتعمل مذيعة بالهيئة السودانية للإذاعة والتلفزيون؛ وتمتلك لغة خاصة ورؤيا عميقة تجاه التعبير عن المرأة.

ومثلت الحاج السودان في مسابقات شعرية عربية، وفازت بالمركز الأول في كثير منها، مثل منافسات أندية الفتيات بالشارقة عام 2002 ومهرجان الإبداع النسوي ومسابقة الأدب المقاتل، كما فازت في استفتاء وكالة أنباء الشعر العربي (الإمارات) بالمركز الأول على مستوى الشاعرات الفصيحات.

ولروضة أربعة دواوين حتى الآن، وهي «عش القصيد» و«في الساحل يعترف القلب» وديوان «للحلم جناح واحد»، إضافة إلى ديوان «مدن المنافي»، ولها تحت الطبع الآن ديوان «ضوء لأقبية السؤال» وهو يمثل منعطفا مهما في تجربتها الشعرية، وتستعد لإصدار الأعمال الكاملة الأولى. وحصلت روضة الحاج على لقب أفضل شاعرة عربية في استفتاء وكالة أنباء الشعر عام 2008 وعلى الجائزة الذهبية كأفضل محاور من مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون عام 2004.

وبالعودة لسوق عكاظ، فهو يعد أهم أسواق العرب وأشهرها على الإطلاق؛ حيث كانت القبائل تجتمع في هذا السوق شهرا من كل سنة، يتناشدون الشعر ويفاخر بعضهم بعضا.

وظل السوق يقام سنويا للاحتفاء بأهل الشعر في مناسبة تجمع الكثير من زخم الأدب والثقافة والشعر، وكان أمير منطقة مكة المكرمة قد أعلن الثلاثاء الماضي فوز الشاعرة روضة الحاج من بين 35 شاعرا، تنافسوا على الجائزة من ثماني دول عربية؛ فبالإضافة إلى السعودية تقدم شعراء من المغرب، سوريا، تونس، الأردن، اليمن، عمان، السودان.

ولم يكن سوق عكاظ مكانا ينشد فيه الشعر فحسب، بل كان أيضا موسما اجتماعيا قبائليا له دوره السياسي والاجتماعي الكبير، فقد مثل عكاظ لقبائل العرب منبرا إعلاميا يجتمع فيه شيوخ القبائل بعشائرهم، وتعقد فيه مواثيق وتنقض فيه أخرى، كما كان السوق مضمارا لسباقات الفروسية والمبارزة، وسوقا تجاريا واسعا تقصده قوافل التجار المقبلين من الشام وفارس والروم واليمن، ومنتدى تطلق فيه الألقاب على الشعراء والفرسان والقبائل وغير ذلك، ومنبرا خطابيا تقال فيه الخطب، وينصت له الناس، ومجلسا للحكمة تحفظ فيه الحكم وتسير بها الركبان ويتمثل بها الناس. ويعود تاريخ عكاظ إلى ثلاثة أو أربعة قرون قبل الميلاد، وقد نشط في الفترة السابقة لظهور الإسلام، واستمر في عهد النبوة وصدر الإسلام أيام الراشدين وزمن بني أمية حتى سنة 129هـ؛ حيث ثار الخوارج ونهبوه، وقد تأثر سوق عكاظ بتوسع الدول الإسلامية وانتقال مراكز الحضارة من الحجاز إلى دمشق ثم بغداد؛ حيث المدن الكبيرة، وبدأت الحياة الجديدة في الشام والعراق ومصر تجذب الناس إليها مع الاهتمام بالفتوحات مما أضعف الحاجة لسوق عكاظ ودوره التجاري خاصة.