في الوقت الذي تفضل فيه مجموعة من الشباب الهجرة إلى العالم الغربي والعيش هناك بعيدا عن العادات والتقاليد التي قد تعوقهم عن تحقيق أحلامهم، قدم أبو عبد الرحمن من إيطاليا قبل أكثر من 20 عاما في سن مبكرة ليتعايش مع المجتمع السعودي ويبني حياته من الألف إلى الياء في السعودية نتيجة حبه لها.
ولم يكتف أبو عبد الرحمن بإنشاء مشروع ليكون مصدر رزق له فقط، وإنما ارتبط بزوجته السعودية التي تعود جذورها إلى مدينة مكة المكرمة، وذلك بعد أن اعتنق الإسلام، عدا عن تعلمه اللهجة المكية من خلالها، والتي قد لا يتحدث بها إلا في مواقف معينة.
ويقبع أبو عبد الرحمن الإيطالي الذي يرفض تماما أن تلتقط كاميرات الإعلام صورة شخصية له، بإحدى زوايا مطعمه «بورتافينو» الواقع في شارع الروضة بمدينة جدة ليقوم بمهام العمل على أكمل وجه دون الاعتماد كليا على موظفيه الموجودين.
أبو عبد الرحمن الذي ما زال يقول إن اسمه «لالو» على الرغم من أنه اعتنق الدين الإسلامي منذ نحو أكثر من 20 عاما بعد أن قدم إلى السعودية في سن مبكرة نفى أن تكون لزوجته علاقة بإسلامه.
وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «الكثير يعتقدون أن زوجتي كانت سببا في إسلامي، غير أنني أسلمت بعد أن أتيت لهذا البلد، لا سيما أنني قرأت الكثير عن الإسلام، إلى جانب أن الديانات السماوية جميعها تؤمن بالله، إلا أنني آمنت بمحمد، صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا».
ويرفض أبو عبد الرحمن التحدث نهائيا عن عائلته نتيجة ظروف خاصة تتعلق بأسرة زوجته المتدينة، غير أنه أشار إلى أنها سعودية من إحدى عائلات مدينة مكة المكرمة، مبينا أن لديه ثلاث بنات وولدا واحدا.
وأضاف «يتحدث أولادي العربية والإنجليزية إلى جانب اللغة الإندونيسية بحكم وجود الخادمة والطباخ، عدا عن كون جدتهم لأمهم تعود جذورها إلى إندونيسيا غير أنها قدمت للسعودية منذ أكثر من 70 عاما».
وحول مشروع مطعمه أفاد بأن فكرته لا تعد حديثة، إذ إنه منذ نحو ست سنوات كان يملك مطعما آخر، رفض الإفصاح عن اسمه، بمشاركة مجموعة من أصدقائه، إلا أنه تعرض للاحتيال واستحوذوا عليه بالكامل، ما جعله ينشئ «بورتافينو» بمفرده.
وأضاف «حينما كنت أفكر في اسم مناسب لمشروعي قمت بكتابة مجموعة من الأسماء وعرضتها على أبنائي الذين لم يستطيعوا قراءة أي واحد منها بشكل جيد سوى (بورتافينو)، الأمر الذي جعلني أطلق عليه هذا الاسم».
ولفت إلى أن المطعم يحمل اسم مدينة إيطالية ساحلية تتميز بمذاق خاص يمتزج بين الأصالة والرومانسية، إذ بدأ المشروع بفكرة تمخضت من حوار مع أربعة من أصدقائه كي يقدم المأكولات الإيطالية بشكل جيد في السعودية، إضافة إلى تقديم الكثير من الأطباق البحرية.
ويرى أبو عبد الرحمن أن الزي السعودي الرجالي جميل في مجمله، إلا أنه يشعر بالراحة في ارتدائه للبنطلونات، لكنه حريص جدا على لبس الثوب والشماغ في المناسبات كالأعراس والعزاء.
وعلى الرغم من أن «لالو» يفهم جيدا ما يقال حوله باللغة العربية، فإنه يفضل التخاطب باللغة الإنجليزية الممزوجة بلكنة إيطالية، إلى جانب استخدامه للهجة الحجازية المكية عند دخوله في أي نزاع أو خصام. بحسب قوله.
ويحرص أبو عبد الرحمن على وجوده الدائم في المطعم بهدف مراقبة سير العمل، وعلى الرغم من وجود نحو ثمانية طباخين داخل المطبخ، فإنه يشرف على إعداد الطعام بنفسه كونه التحق بدورات مختلفة في الطهي، إضافة إلى أن شغفه بالقراءة حول هذا المجال عبر شبكة الإنترنت.