زوار المسجد النبوي يدونون أسماء ذويهم على حائط الروضة

عقيل لـ «الشرق الأوسط» : البدع تتناقص سنويا بجهود الدعاة ولا تتجاوز 1%

بعض زوار المسجد النبوي يكتبون أسماء ذويهم على حائط الروضة («الشرق الأوسط»)
TT

تعمد مجموعة من السيدات مختلفات الأعمار والجنسيات إلى تدوين أسمائهن وأسماء ذويهن على الحواجز القماشية التي تحجز القسم النسائي في الروضة الشريفة عن الرجال، وذلك اعتقادا منهن أن من يتم تدوين اسمه في الأماكن المقدسة تتيسر له زيارة هذه البقاع مستقبلا.

أم خالد سيدة في العقد الرابع من عمرها قدمت من دولة المغرب للمدينة المنورة، وحرصت على كتابة اسمي شقيقتها وزوجها، حيث أوصتها شقيقتها بذلك، كي تكتب لهم الزيارة في العام المقبل، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «تمكنت من كتابة اسمي شقيقتي وزوجها في هذا المكان المقدس ليكتب الله لهم الزيارة».

واستنكرت أم خالد منع المشرفين على الروضة لهم كتابة الأسماء في هذا المكان المبارك، معتقدة بذلك أنها لا ترتكب أي مخالفة أو بدعة، بل على العكس هي تحاول أن تتقرب إلى الله بذكرها ذويها في هذه الأماكن المقدسة حتى يتسنى لهم أداء فرائضهم من حج وعمرة.

كما أبدت الحاجة فاطمة السيد، من جمهورية مصر تضجرها لمنع المشرفين والمشرفات كتابة الأسماء التي أوصاهم أقرباؤهم وذويهم بها، وقالت: «لا أعلم لماذا يمنعونا من كتابة الأسماء؟ ولماذا يستنكرون مثل هذه الأعمال الخيرة؟»، مبينة أن شقيقتها طلبت منها ذلك، كونها لم تزُر المسجد النبوي وقبر الرسول بعد ولم تتمكن من أداء العمرة.

وفي السياق ذاته، تعمد أم أحمد وهي سيدة باكستانية في الـ35 من عمرها إلى كتابة اسم شقيقتها بإصبعها في الهواء داخل الروضة، كما أنها تكرره وتنطق به داخلها لنفس الغرض، وترى أن ذلك العمل من شأنه أن يجعل البركة تحل عليهم وعلى أهلهم مدى الحياة، كما أنه ستُكتب لهم زيارة هذه الأماكن المقدسة قريبا.

وعلى الرغم من الجهود التي يبذلها رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعاة والوعاظ، فإن المخالفات ترتكب خفية عن الأنظار لا سيما في موسمي الحج والعمرة وزحمة الناس حيث تصعب المراقبة عليهم.

بينما لوحظ في الآونة الأخيرة بعض المخالفات والبدع التي يرتكبها زوار بيت الله الحرام ومسجد الرسول والأماكن المقدسة، حيث يفتعلها بعض الحجاج والمعتمرين اعتقادا منهم أنها ستقربهم من الله (عز وجل)، وتكون سببا في إجابة دعائهم وصلاح أحوالهم.

من جانبه، بين طلال عقيل مستشار وزير الشؤون الإسلامية ورئيس اللجنة الإعلامية للتوعية الإسلامية لـ«الشرق الأوسط»، أن نسبة هذه البدع والمخالفات تتناقص سنويا، مرجعا ذلك إلى جهود الدعاة والمرشدين والواعظين، وقال عقيل: «نطمح إلى أن تزول هذه المخالفات، التي هي الآن لا تتجاوز 1 في المائة إذ نلحظ تناقصها بشكل مستمر من سنة إلى أخرى».

وشدد عقيل على ضرورة التعامل معهم برفق، لا سيما أن القسوة قد تزيد من ارتكاب المخالفات والإصرار عليها، وقال: «يجب أن لا نتعامل مع هؤلاء المتجاوزين والمبتدعين بقسوة وشدة، بل ينبغي أن نتعاون مهم بإحسان ورحمة، وفقا لما هو معمول به من قبل الدعاة، وانطلاقا من توجيهات ديننا الإسلامي، الذي هو حريص على عدم التعامل إلا بالتي هي أحسن».

وأكد مستشار وزير الشؤون الإسلامية ورئيس اللجنة الإعلامية للتوعية الإسلامية على أهمية تقديم المشورة والإرشادات بالطريقة التي تتناسب مع حجم ثقافتهم ومستوى تعليمهم، إضافة إلى عدم معارضة ذلك مع ما لدى الحجاج والمعتمرين من تعليمات وتوجيهات من علماء وفقهاء بلادهم.

وحول جهود وزارة الشؤون الإسلامية في محاربة البدع والحد من انتشارها، لفت إلى أن الوزارة لديها أكثر من 850 داعية وظيفتهم توعية الحجاج والمعتمرين، إضافة إلى وجود تعاون مع قنوات تلفزيونية لبت برامج توعوية تحارب البدع، مبينا أن لديهم تعاونا مع أكثر من 70 قناة فضائية لهذا الغرض.

وزاد: «لدينا أكثر من 15 مليون مطبوعة متوفرة بـ26 لغة، يتم توزيعها على الحجاج والمعتمرين، جميعها تصب في النواحي الإرشادية والتوعوية»، مبينا أنه يتم التنبيه من خلالها على بعض المخالفات الشرعية والسلوكية وحتى النظامية.

وأشار إلى حاجة الزوار والمعتمرين لمعرفة السنة والأحكام والواجبات والأركان المتعلقة بالأماكن المقدسة والمناسك، مشيرا إلى وجود تعاون مسبق ما بين وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والسفارات السعودية الموجودة بالخارج في دول العالم، في سبيل التوعية الدينية للراغبين بأداء مناسك العمرة أو الحج.

وشدد على أن معالجة هذه البدع والقضاء عليها لا يكون إلا بالتوعية من خلال نشر السنة النبوية وتعريف الناس بها، وليس بالمنع والإكراه انطلاقا من قوله تعالى: «فذكر إنما أنت مذكر * لست عليهم بمسيطر» وقال: «التوعية دائما يكون لها أثر إيجابي في نشر السنة النبوية»، موضحا أن الوزارة تبذل كل ما لديها لتقديم العون للحجاج والمعتمرين، حيث وضعت الآن هاتفا إرشاديا، ليتمكن الحاج أو المعتمر من الاتصال به للحصول على إجابة عن أي استفسار يريده مجانا، حتى وإن طالت فترة المكالمة، فالدولة متكفلة بقيمة هذه المكالمات التي هي عبارة عن خدمة للحجاج والمعتمرين تعمل طوال العام على مدار الساعة.