«شؤون المسجد الحرام»: تشكيل لجنة «تصدّي» للعاملين المخالفين في عربات الطواف والسعي

نتيجة ارتكابهم مخالفات «مادية» و«شرعية» في حق الحجاج

يحقق كل العاملين المخالفين في عربات الحرم المكي مكاسب مادية لا تقل عن 700 ريال يوميا («الشرق الأوسط»)
TT

شرعت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام بمكة المكرمة أخيرا في تشكيل لجنة لمواجهة بعض الممارسات الخاطئة من أصحاب العربات الخاصة غير المرخصة في الحرم المكي، وذلك بعد أن وصلت أسعار تأجيرها إلى 500 ريال خلال مواسم العمرة والحج، عدا عن استغلال جهل بعض المعتمرين والحجاج بتفاصيل المناسك، من خلال عدم إكمال أشواط الطواف والسعي وذلك بهدف المتاجرة بأكبر قدر ممكن من مرتادي المسجد الحرام.

وأوضح محمد بن علي الشمراني مدير إدارة العربات التابعة للرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام بمكة المكرمة، أن الهدف من تشكيل تلك اللجنة هو مواجهة الممارسات الخاطئة ومعاقبة مرتكبيها، والقضاء على ما تسببه العربات غير المرخصة من إزعاج ومضايقة لضيوف بيت الله الحرام.

وقال الشمراني في حديث لـ«الشرق الأوسط»، «تم تكوين هذه اللجنة من إدارة العربات وقوة أمن الحرم المكي الشريف للتصدي لهذه الممارسات المخالفة، إلى جانب التشديد على المعتمرين بخصوص رفض دفع مبالغ تتعدى الأسعار الرمزية المحددة من قبل الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام بمكة المكرمة».

وأشار محمد بن علي الشمراني إلى ضرورة تعاون المعتمرين والحجاج مع الرئاسة من خلال إعادة العربات بعد الانتهاء من أداء المناسك إلى مكتب تسليم العربات كي يستفيد من خدماتها غيرهم، مطالبا بالامتناع عن التعامل مع العاملين في العربات غير المرخص لهم.

يأتي ذلك في وقت أكد فيه أحد المواطنين السعوديين العاملين في العربات بشكل مخالف، على وجود تلاعب كبير من قبل أقرانه مع المعتمرين والحجاج؛ حيث إنهم لا يكملون الأشواط السبعة، وذلك رغبة منهم في توفير الجهد وكسب أكبر قدر ممكن من الأموال.

وقال الشاب الذي رفض ذكر اسمه ويبلغ الـ28 من عمره، في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»، «أعمل في هذه المهنة منذ نحو خمس سنوات بعد انتقالي من المنطقة الشرقية إلى الطائف، فقد أصبحت بالنسبة لي مهنة مؤقتة لحين حصولي على وظيفة رسمية».

ولفت إلى أنه يشتري العربة ويتوجه بها للحرم المكي كي يعمل بها على الرغم من منع مزاولة هذه المهنة من دون تصريح رسمي من قبل الجهة المسؤولة عن المسجد الحرام، مبينا أن وضعه المادي الذي وصفه بـ«السيئ» هو ما يجبره على فعل ذلك.

واستطرد في القول، «أستطيع أن أقوم بدفع أربعة معتمرين في اليوم الواحد، غير أن هناك مجموعة من صغار السن بإمكانهم دفع عدد أكبر من ذلك، إلى جانب من يغشون الحجيج لتحصيل أعداد أكثر، خصوصا أن بعض المعتمرين يغلبهم النوم أثناء السعي، إضافة إلى جهل آخرين بتفاصيل المناسك وكيفية عد الأشواط».

وأبان بأن أسعار تأجير عربته تبدأ من 250 ريالا وتصل حتى 500 ريال بحسب المواسم، إلا أنه يحقق يوميا من المكاسب ما لا يقل عن 700 ريال كحد أدنى، مضيفا: «أحيانا أعمل لمدة يومين فقط بهدف سد حاجتي، وأنقطع فترة لأعود مجددا وقت الحاجة».

وفيما يتعلق بأبرز الإشكاليات التي يواجهها مع الجهات المسؤولة عن المسجد الحرام، بين أنه تعرض لمصادرة عربته أربع مرات يوميا، وفي كل مرة يذهب لشراء أخرى جديدة من خلال المكاسب التي يحققها، موضحا في الوقت نفسه أن العقوبة التي تطال السعوديين أصبحت تتمثل فقط في مصادرة عرباتهم بعد أن كانوا يحالون سابقا إلى مكافحة التسول، إلا أن هذا الإجراء بات يقتصر على الأجانب العاملين بشكل مخالف.

وأرجع سبب لجوء الحجاج والمعتمرين للعاملين المخالفين في مجال العربات، إلى جهلهم بالأنظمة والخدمات المقدمة من قبل الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام، والتي تقدّم لهم خدمة العربات بشكل مجاني.

وهنا، علّق مدير إدارة العربات في الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام بمكة المكرمة قائلا، «هناك ثلاثة أنواع للعربات المقدمة من قبل الرئاسة في الحرم المكي، تتضمن عربات مجانية يتم طلبها من قبل مكتب تسليم العربات في الساحة الشرقية ومنطقة الشبيكة للمسجد الحرام، والتي يصل عددها إلى 10 آلاف عربة خلال مواسم العمرة والحج، فضلا عن 200 عربة كهربائية يتحكم فيها المعتمر بنفسه ويطلبها من مكتب الصفا بالطابق الأول من الحرم». وذكر أن نحو 521 عربة أجرة موجودة في الصفا بالطابق الأرضي من المسجد الحرام؛ حيث يتم تأجيرها بأسعار رمزية ويتم دفعها من قبل أفراد مرخص لهم رسميا العمل بها من قبل الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام.

من جهته، أوضح أحمد المنصوري مدير إدارة العلاقات العامة والإعلام في الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام بمكة المكرمة، أن عربات الأجرة المرخصة من قبل الرئاسة موجودة بالطابق الأرضي من المسعى فقط.

وقال المنصوري في حديث لـ«الشرق الأوسط»، «ثمة تعاون بين كل من الرئاسة ومشروع شباب مكة المكرمة؛ حيث يقوم مجموعة من الشباب بدفع المعتمرين والحجاج تطوعيا دون مقابل»، مؤكدا وجود إشكاليات مع أشخاص يستغلون حاجة المعتمرين والحجاج إليها في تحقيق مكاسب مادية نتيجة جهل ضيوف الرحمن بالأنظمة والخدمات المتوفرة في المسجد الحرام.

وبالعودة إلى محمد بن علي الشمراني، فقد أبان أن إدارة العربات تشرف أيضا على تنظيم العمل المتعلق باستخدام تلك العربات داخل المسجد الحرام ومراقبة سير الأعمال ومنح الرخص لأصحاب العربات ولمساعديهم من الشباب السعودي على مدى الـ24 ساعة لأداء العمل على الوجه الأكمل.

وتابع: «كما تعمل إدارة العربات أيضا على مراقبة الالتزام بالأسعار المحددة لعربات الأجرة وتنظيم الحركة داخل المسار المخصص للعربات عن طريق توزيع المراقبين بالمسعى وتنظيم العربات الخاصة وتفويج عربات المعتمرين للطابق العلوي بواسطة المصاعد الكهربائية».