المدن السعودية تعيش حالة استنفار تأهبا للعودة إلى المدارس

البعض جهز المستلزمات المدرسية قبل شهرين هربا من الغلاء

الأطفال يطلبون الحقائب والأدوات المدرسية ذات الألوان الزاهية («الشرق الأوسط»)
TT

ازدحام شديد تعيشه المدن السعودية هذه الأيام، استعدادا لموسم العودة إلى المدارس، فالمحال التجارية التي طال هجرانها من قبل المستهلكين تعلن منذ يوم السبت عن عروض وخصومات تنافسية لاستقطاب المشترين؛ حيث لم تقتصر الأدوات المدرسية على المكتبات، بل طال التنافس المحال الأخرى التي تتفنن في بيع أشكال مختلفة من الحقائب المدرسية.

اللافت أن تلك الحقائب التي تحمل صورا وشعارات كرتونية باتت مطلب الطلبة والطالبات بالمرحلة الابتدائية، وأصبحت المحال المهتمة بعرض تلك النوعية من السلع تبحث عن أشهر الشخصيات الكرتونية المطبوعة على الحقائب المدرسية للترويج لها وبيعها.

فدوة العلي «معلمة» تقول لـ«الشرق الأوسط»، «غالبا يتم توجيه الطالبة إلى أن الحقائب المدرسية التي تحمل صورا لشخصيات كرتونية غير مسموح بها في المدرسة، ولكن تشجيع الأهالي للطالبات وتكلفة الحقيبة تدفعهم للإصرار على إبقائها دون مراعاة لقوانين التعليم، وعلى ذلك تحتدم المنافسة بين الطالبات، لنجد أن تلك النوعية من الحقائب تملأ أرجاء المدرسة».

وهران يوسف «بائع في أحد المحال التجارية» يقول، «كثير من الأطفال يطلبون الحقائب والأدوات المدرسية بألوان زاهية، كما أن بعضهم أصبح يبتاع أدوات تعد ككمالية فقط دون حاجة ملحة لها»، وحول الزحام. يقول وهران «منذ يوم السبت ونحن نستقبل أعدادا كبيرة من المشترين، حيث إن اقتراب موعد العودة إلى المدارس هو الموسم الحقيقي بعد انقطاع دام قرابة الـ3 أشهر».

سمية عسيري «ربة منزل» تعاني التسوق للمدرسة وذلك لأن أطفالها وبحسب قولها يمرون بمرحلة تردد عند اختيارهم للحاجيات، حيث إنهم جيل لا يقبل أن تفرض عليه شيئا محددا بل على العكس فهم يرون ويؤمنون بأن من حقهم اختيار ما يريدونه دون أن يلزمهم شخص بذلك، وإن أجبروا أحيانا على شكل معين أو ذوق آخر مناقض لأذواقهم فسيضطر الأهل إلى العودة مرة أخرى والانصياع للطفل وتلبية حاجاته التي تتناسب مع رغباته.

اختلاف الأزمان والأجيال يبرز كثيرا مع تقدم الوقت؛ حيث كان الطلبة والطالبات قديما يعتمدون على أولياء أمورهم في شراء حاجياتهم دون رفض ما يجلب لهم من المكتبات.

خالد القحطاني «موظف متقاعد» يذكر أنه كان يذهب بمفرده للمكتبة بعد أن يدون أبناؤه احتياجاتهم، ويبتاع كل ما يذكرونه دون تعلل منهم أو رفض، وأضاف: «لم تكن الطلبات المدرسية قبل خمسة عشر عام كما هي الآن، فالطلبات حاليا كثرت، وأصبح أبنائي المتزوجون يبتاعون الأدوات المدرسية لأبنائهم بشكل شبه يومي، كما أن الأسعار اختلفت كثيرا فهي في ارتفاع مستمر».

مي العواد «باحثة اجتماعية» أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن للطلاب والطالبات دورا كبيرا في أثقال كاهل الأسرة ماديا، من خلال شراء احتياجات جانبية تفوق الاحتياجات الأساسية، وهذا يضيف عبئا آخر لحقيبة الطالب التي إما أن يجرها أو يحملها على ظهره الصغير.

وأردفت «هناك طلبة وطالبات وضع أسرهم المادي أقل من المتوسط، ورؤيتهم للأدوات المدرسية باهظة الثمن مع أقرانهم الطلبة يثير لديهم الإحساس بالدونية، وأنهم أقل حالا ومستوى عن غيرهم». لذا وبحسب قول الباحثة الاجتماعية لا بد من مراعاة الجانب الإنساني والصحي لأبنائنا الطلبة والطالبات وعدم المبالغة والتبذير في شراء الأدوات المدرسية.

من جانب آخر، استغلت الكثير من الأسر شهر شعبان والنصف الأول من رمضان في قضاء الحوائج المدرسية، والسبب كما يذكره المدرس معاذ القرني، هو الهروب عن الزحام واستغلال الركود الذي يأتي قبل بدأ موسم العودة إلى المدارس.

ويزيد القرني بأن الأسعار التي سجلت على الأدوات المدرسية في شعبان ورمضان كانت أقل بكثير منها الآن، ولهذا فنحن حريصون كل عام على الانتهاء من قضاء تلك الحاجيات وهذا لأن موسم العودة إلى المدارس يأتي تزامنا مع العيد ورمضان والصيف، فكان لا بد أن نعكف على ترتيب جدول اقتصادي معين دون الإخلال بميزانية العيد أو الصيف وهذا من وجهة نظري أفضل بكثير مما يحدث الآن من زحام وغلاء مبالغ فيه.