انقراض «زمن الجدات» بالسعودية بعد عمليات التجميل

العجائز في القرى والأرياف أكثر تمسكا بتاريخ «الجدة»

تواصل الأجيال بين الحفيدات والجدات يحافظ على كثير من الموروثات («الشرق الأوسط»)
TT

زمن الجدات يكاد ينقرض بفعل عمليات التجميل التي أصبحت تشكل رافدا هاما لاقتصاديات بعض الدول، فالحفيدة والأم والجدة بتن يشبهن بعضهن كثيرا، ولكن بفكر وأسلوب مختلف، فوجه الشبه يكمن في محاولة الجدة مجاراة زمن حفيدتها، والتقرب من زمن ابنتها، حيث يعتقد أن زمن الجدات يواجه أزمة الانقراض.

تساؤلات عدة تكتسح فكر مخيلتنا للمستقبل، هل سنفتقد تجاعيد الجدة وظهرها المنحني، وعصاها التي تتوكأ عليها طوال يومها!، وهل ستكون تلك الخطوط المرسومة على محيا الجدة ظاهرة تستحق المحاربة!، أم أن تلك الدول التي ابتكرت عمليات التجميل والتي تروج لها بشدة ستنتج لقاحا جديدا يغني عن عمليات القص واللصق وتبقى الجدة حفيدة وابنه؟.

الدكتور موسى سيد استشاري التجميل أكد أن عمليات إزالة التجاعيد أكثر العمليات التجميلية شهرة، حيث اقتصرت في البداية على نجوم السينما والأرامل، كما كانت في السابق عملية بدائية تشد جلد الوجه فتصبح المريضة بعد العملية وكأنها ترتدي قناعا على وجهها، إلا أن مع تطور الجراحة التجميلية في الوقت الحاضر التي تعتمد على إعادة عضلات الوجه المترهلة إلى وضعها الأصلي، واستئصال الجلد المترهل الزائد، أصبحت وسيلة للحصول على وجه أكثر نضارة وأكثر جاذبية.

وأضاف الدكتور موسى أنه وفي السابق كانت عمليات إزالة التجاعيد تتم بطريقة شد الجلد عن طريق غرز خلفية، وهذا ما يجعل العملية تظهر بشكل اصطناعي يمكن ملاحظته بسهولة، وسرعان ما يتمدد الجلد ويترهل مرة أخرى وتعود التجاعيد كما كانت في السابق.

ويستدرك استشاري التجميل بقوله «ولكن مع تقدم الجراحة التجميلية وفهم التشريح العضلي للوجه، أصبح الجراحون الآن يقومون بعملية إزالة التجاعيد عن طريق شد الطبقات العميقة تحت الجلد بدلا من شد الجلد السطحي ويتم ذلك لجلد الوجه والرقبة معا في نفس الوقت، إما تحت التخدير الموضعي أو تحت التخدير العام ومع تقدم الوقت والتطور الملحوظ وكثرة الطلب على تلك العمليات فإننا سنشهد طرقا جديدة وأكثر أمانا وسهولة وتعكس شكلا طبيعيا للمريضة في المستقبل».

وحول عمليات التجميل التي تجريها عدد من السيدات كبيرات السن وتأثيرها على الصورة الاجتماعية الأسرية يقول استشاري التجميل «عادة لا نبالغ في عمليات التجميل فالمبالغة تنعكس سلبا على المراجعة كبيرة السن، والسبب أن الواحدة قد تطلب أن تجرى لها عملية تعيدها عشرين سنة إلى الوراء وبذلك سيبدو جليا عليها أنها خضعت لعملية تجميل مبالغ فيها، كما يسميها هو وتفقد هي دورها ومكانتها الأساسية وسط أسرتها فعمليات التجميل التي نجريها لمن هن في سن الجدات عبارة عن رتوش وإخفاء نسبي لتجاعيد الوجه دون المساس بالطبيعة الكونية لعاملها السني حتى تخرج بمظهر مقبول ومعقول».

من جانبه يشير فؤاد الراسي الباحث الاجتماعي لـ«الشرق الأوسط» إلى أن عمليات التجميل المكثفة والمبالغ فيها تقتص من دور كل فرد في المجتمع والأسرة بشكل خاص.

ويبين الراسي أن بعض الجدات يحاولن أن ينافسن حفيداتهن في الوصول إلى أعمارهن أو تقريب السن بقدر المستطاع وتلك الجهات الطبية من دون تعميم تستغل تلك الرغبة من أجل الكسب المادي. ويؤكد الباحث الاجتماعي أن للجدات قيمة اجتماعية وأسرية عالية جدا ووجودهن بكامل عوامل السن دون تحريف يعطيهن مكانة في أنفس المحيطين من أفراد الأسرة، وقال «بالأمس كنا نوجه الانتقاد للجدة التي تسعى خلف أبسط عمليات التجميل ونعتبرها شخصية تعاني من نقص في حين أن في وقتنا الحاضر بدأنا نتقبل الأمر مرغمين وسيتحول الأمر مستقبلا لأمر طبيعي يدفعنا إلى الاستغراب من التجاعيد التي ستكسو محيا الجدة».

مريم الخالدي (16 سنة) تقول «لا أتخيل أن أرى جدتي تنافسني على مساحيق التجميل والأحذية ذات الكعب أو حتى على بنطال الإسكني وهذا لأنني أرى جدات لصديقاتي يحاولن الوصول إلى أعمارنا من خلال مجالستهن لنا والسعي خلف عمليات التجميل والتحدث بنفس الطريقة التي نتحدث نحن المراهقات بها وهذا في بعض الأحيان يسبب حرجا لصديقاتي ولنا نحن الموجودات لأنه ومهما كان أسلوب الجدة ومجاراتها لنا إلا أننا نستطيع أن نميز فارق السن الكبير بيننا».

بينما توضح فاطمة عبد الله، التي تعمل موجهة في قطاع التعليم، أن أغلب الجدات التي عشن في المدن هن اللاتي يسعين خلف عمليات التجميل في حين أن الجدات اللاتي ما زلن في القرى والأرياف هن الصورة الحقيقية للجدة وينتقدن أي وسيلة قد تنتقص من حقهن في عمرهن وحق عمرهن منهن ويتعايشن مع أحفادهن بصورة الجدة المطلوبة وكما يجب أن تكون حتى من ناحية اللبس.