مجلس الشورى: تشريعات جديدة لمكافحة «جرائم المعلوماتية»

في ظل تصاعد وتيرة البيانات الحكومية النافية لعلاقتها بحسابات شبكات التواصل الاجتماعي

TT

كشف لـ«الشرق الأوسط» عضو في مجلس الشورى السعودي، عن نظام لمشروع جديد يعمل عليه المجلس، يقضي بمنع التداول غير المشروع للبيانات الإلكترونية وحماية خصوصيتها، ومراقبة تداولها، مؤكدا أن المجلس يراقب ويطلع على دور الجهات المعنية في تنفيذ ما ورد في هذه الأنظمة من أحكام من خلال تقاريرها السنوية التي ترفع للمجلس.

وأوضح الدكتور فهد العنزي، عضو مجلس الشورى السعودي، أن هذا النظام ينص على أن تتولى هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات (وفقا لاختصاصها)، تقديم الدعم والمساندة الفنية للجهات الأمنية المختصة خلال مراحل ضبط هذه الجرائم، والتحقيق فيها قبل وأثناء المحاكمة.

وأشار إلى إسناد النظام سلطة التحقيق في هذه الجرائم إلى هيئة التحقيق والادعاء العام، معتبرا أن هذا الأمر يتطلب من الجهات المعنية إيجاد وسائل رقابية صارمة على مثل هذه الأعمال، وتسهيل إجراءات البلاغات والشكاوى، وتفعيل ما ورد بالنظام من أحكام، بحيث تكون هذه العقوبات رادعا قويا لكل من يحاول الإساءة والإضرار بالآخرين.

ووصف عضو الشورى الدكتور فهد العنزي، الذي كان يشغل منصب عميد كلية الحقوق في جامعة الملك سعود سابقا، ما يحصل حاليا من انتحال للبيانات الشخصية لمسؤولين أو مؤسسات حكومية من خلال «الحسابات المزورة» على مواقع التواصل الاجتماعي مثل «تويتر» و«فيس بوك»، بأنه من أكبر الجرائم المعلوماتية في هذا العصر، الأمر الذي أثار قلقا متزايدا لدى الجهات المسؤولة في البلاد.

وحذر الدكتور فهد، الذي يتولى ملف الشؤون الاقتصادية والطاقة في مجلس الشورى، من استغلال كيانات الدولة أو المساس بها من خلال تدوين مواقع على الإنترنت أو حسابات شخصية، معتبرا أن ما يحصل حاليا يعد من الجرائم المغلظة التي تؤدي إلى الإضرار بسمعة مؤسسات الدولة، مطالبا في الوقت نفسه بعقوبات أشد صرامة، وتعويض من وقع عليه الضرر سواء كان فردا أو مؤسسة حكومية.

ولفت عضو مجلس الشورى إلى وجود نظام صادر من مجلس الوزراء، مفيدا بأنه قائم ومعمول به حاليا، يعنى بمكافحة الجرائم المعلوماتية، التي تكون التقنية الإلكترونية إحدى وسائلها، والتي تتضمن التشهير بالآخرين عن طريق هذه الوسائل التقنية والإضرار بهم أو بمراكزهم الاجتماعية، وهي جريمة مشمولة بأحكام النظام (حسب وصفه)، مضيفا أن هناك عقوبات مرنة حيال هذا الأمر، من ضمنها عقوبة السجن التي تصل أحيانا إلى 10 سنوات وهي الحد الأعلى لعقوبات السجن.

وتأتي تلك التحذيرات في الوقت الذي يتوالى فيه إصدار البيانات من جهات حكومية تنفي علاقتها بحساب مزور على مواقع التواصل الاجتماعي، أو انتحال أسماء وهمية لمسؤولين كبار في الوزارات السعودية وبعض القطاعات الحكومية، الأمر الذي دعا الشارع السعودي إلى أن يتساءل «من المستفيد من انتحال تلك الشخصيات التي تتحدث زيفا بأسماء عدد من المسؤولين الحكوميين؟».

وفي مطلع الأسبوع المنصرم، على وجه التحديد، نفت الجمارك السعودية وجود أي حساب لها أو لأي منفذ جمركي على «فيس بوك» أو «تويتر»، وهو ما جاء على لسان متحدثها الرسمي عبد الله الخربوش، الذي بدوره أبدى استياءه من تزوير بعض الأشخاص لصفة الجمارك والتحدث بصفة غير رسمية في مواضيع تتعلق بالعمل الجمركي، ونشرها لمعلومات غير صحيحة وآراء غير دقيقة.

وقال الخربوش «لوحظ مؤخرا وجود أكثر من حساب أو معرف باسم الجمارك السعودية أو باسم أي من المنافذ الجمركية على (تويتر)، مما جعل بعض المتابعين يروجون لهذه المعرفات بأنها حسابات رسمية لمصلحة الجمارك السعودية أو فروعها».

من جانبه، نفى محمد العقلا، وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية لشؤون الضمان الاجتماعي، أن يكون لديه أي حساب على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، مؤكدا أن الحساب المسجل على «تويتر» ويحمل اسمه منتحل لشخصيته ومزور، وأنه لا علاقة له بهذا الحساب.

وبين العقلا أنه سيعمل على مخاطبة الجهات المعنية لاتخاذ اللازم حيال الحساب المزور، نافيا علاقته بالحساب المزيف الذي حمل اسمه وصورته، متضمنا «تغريدات» حول مواضيع تخص وزارة الشؤون الاجتماعية ووكالة الضمان الاجتماعي.

وبالعودة إلى الدكتور العنزي، فإنه يعزو هذه الممارسات إلى انتحال أسماء أفراد أو جهات خاصة أو حكومية على مواقع التواصل الإلكتروني والنشر باسمها عبر الإنترنت بقصد الإساءة لها والنشر باسمها، مما يؤدي إلى تشويه سمعتها أو الإضرار بها أو تحقيق مكاسب غير مشرعة عن طريق استغلال ما لهذه الجهات من سمعة أو مكانة اجتماعية أو انتحال شخصية مؤسسات خاصة أو حكومية والتحدث باسمها، مما يؤدي إلى الإضرار بسمعة هذه المؤسسات أو حتى الإضرار بالاقتصاد الوطني أو بث إشاعات مغرضة عن طريق استغلال ميزة الخدمات التي تقدمها هذه الجهات وبما لها من مصداقية باعتبارها جهات تتبع الدولة.

وتطرق العنزي إلى نص نظام لدى مجلس الشورى للحد من وقوع الجرائم المعلوماتية، وذلك بتحديد هذه الجرائم والعقوبات المقررة لكل منها، وبما يؤدي إلى المساعدة على تحقيق الأمن المعلوماتي وحفظ الحقوق المترتبة على الاستخدام المشروع للحاسبات الآلية والشبكات المعلوماتية، وكذا حماية المصلحة العامة، والأخلاق، والآداب العامة، وحماية الاقتصاد الوطني.

وقال «يتضمن النظام عقوبات صارمة تصل في حدها الأعلى إلى السجن عشر سنوات وغرامة قد تصل إلى خمسة ملايين ريال في حالة جرائم المعلوماتية ذات الطابع الإرهابي أو تلك التي تمس أمن الدولة أو اقتصادها الوطني».

وأكد الدكتور فهد العنزي دعم مجلس الشورى لكل إجراء من شأنه حماية حقوق الغير، وأنه يسعى لأن يكون استخدام التقنية استخداما نظيفا ومثاليا قدر الإمكان، مبينا أن المجلس يمارس دوره في هذا الصدد من خلال محورين أحدهما المحور التشريعي، حيث أكد أنه لا يرى وجود فراغ تشريعي كبير، فوجود نظام لمكافحة جرائم المعلوماتية ووجود نظام آخر باسم نظام التعاملات الإلكترونية أمران مكملان ويضفيان الثقة على جانب التقنية، والمحور الثاني محاربة كل سلوك مخالف يتم باستخدام هذه التقنية وإيجاد بيئة تقنية نظيفة.