السعوديون والطيور المهاجرة.. عشق لا تبدده تحذيرات «الإنفلونزا»

متعاملون في بيع مستلزمات الصيد يقدرون الزيادة بـ 120% مقارنة بالعام الماضي

TT

الولع قد يفقد المرء صوابه في بعض الأحيان، لما نسمعه عمن يعرض نفسه للتهلكة بسبب حب وغرام لحبيبه، وهو الحال ذاته مع السعوديين ممن عشقوا صيد الطيور المهاجرة، التي تعرف منذ الأزل في المناطق الصحراوية السعودية، وتأتي عبر خط سير لهجرتها من قارة لأخرى، وما زالوا يصطادونها ويأكلونها حتى هذه اللحظة، بعد أن حظرت وزارة الداخلية السعودية صيدها أو تناولها خوفا من انتقال عدوى مرض إنفلونزا الطيور مرة أخرى للبلاد.

ورغم حظر وزارة الداخلية السعودية صيد الطيور المهاجرة في بيانها الذي نشرته قبل أكثر من أسبوعين، فإن هواة الصيد مستمرون في متعتهم، ضاربين عرض الحائط بالحظر وغير مبالين بخطر انتقال عدوى مرض إنفلونزا الطيور مرة أخرى. وأكد لـ«الشرق الأوسط» الدكتور خالد مرغلاني، المتحدث الرسمي لوزارة الصحة السعودية، أنه لا توجد حالات مصابة بإنفلونزا الطيور، موضحا أن هذا المرض لا يشكل خوفا من انتقاله بين البشر كما هو الحال في إنفلونزا الخنازير.

وخلال جولة ميدانية لـ«الشرق الأوسط» في أماكن بيع مستلزمات الصيد والبنادق الهوائية وبعض أماكن الصيد، وجد أن المحال المتخصصة في بيع مستلزمات الصيد فاتحة أبوابها لروادها بزيادة أسعار بلغت 120 في المائة، كما يؤكد العاملون في تلك المحلات، وما زال محبو الصيد يتبضعون منها، وفي الشق الآخر التقت «الشرق الأوسط» بمجموعات كبيرة من الصيادين حاملين أمتعتهم ومتجهين إلى أحد الأماكن البرية التي يكثر بها صدي الطيور ووجوههم عليها البسمة.

وأشار محمد الفايز (30 سنة)، محب للصيد، إلى أنه رغم صدور بيان وزارة الداخلية في كل عام، فإن محبي الصيد مستمرون في ممارسة هوايتهم المحببة لأنفسهم، موضحا أنه وعدد من زملائه بدأوا منذ شهر رمضان في الصيد والتغذي على لحوم تلك الطيور المهاجرة.

وزاد: «نحن لا نواجه حرصا شديدا في منع الصيد، بل الكل يذهب ويعود كما يريد دون أدنى مشكلة في أي زمن وأي وقت، والمحال التجارية لبيع مستلزمات الصيد قد رفعت أسعارها أكثر 120 في المائة وزاد المستهلكون لها»، مؤكدا أن بعض المحال قد باع الكمية من البنادق الهوائية في ظرف ساعات ولم يتبق سوى رديء الصنع منها.

وتعبر صحراء نجد التي تقع في أواسط السعودية غالبا ما تكون موقعا مميزا لأسراب الطيور المهاجرة من أفريقيا والأميركيتين إلى الجزء الشرقي من العالم لتأخذ قسطا من الراحة فيها، وهي المواقع التي يجدها عشاق وهواة الصيد أماكن خصبة لصيد تلك الطيور التي يفضل هواتها أكل لحمها كعامل أساسي في «الكبسة» و«الشواء»، لتميزها بمذاق خاص بها دون غيرها.

ففي كل عام في مثل هذا التوقيت في الغالب تشهد بعض المناطق الصحراوية، التي تحتضن أنواعا من الأشجار الصحراوية، التي تفضل الطيور المهاجرة الاستراحة في ظلالها، وهنا الحديث عن أشجار السدر الصحراوية، التي تعد أحد أكثر أنواع النباتات الصحراوية قدرة على مواجهة عوامل الطبيعة والمناخ الحار والجاف كما هو حال أجواء منطقة الخليج.

وما إن تبلغ أسراب الطيور تلك «الفياض والشعاب» (وهي المناطق التي تحوي أشجارا برية بأنواع مختلفة كما تسمى في اللهجة العامية السعودية)، إلا وتجد هواة الصيد، والباحثين عن تذوق ما تخفيه أجساد تلك الطيور من نكهات في استقبالها، لمزج ملاحقة تلك الطيور ببعض أسلحة الصيد الهوائية وجمال مذاقها في آن واحد. فـ«القميري والصفارة» من أهم أنواع الطيور المهاجرة التي يأخذ السعوديون في وسط المملكة على عاتقهم الإقامة، ربما أياما، في انتظارها على أشكال أسراب من الطيور المهاجرة، ويجد الشباب متعة في صيدها، وإطلاق النار عليها، وجمعها بعد إصابتها، إلى أن تصل المرحلة إلى التمتع بطعمها الذي يضاهي طعم كثير من الوجبات المحلية.

وما إن يقترب موعد هجرة الطيور من أفريقيا إلى شرق آسيا مرورا بالأراضي السعودية، إلا ويأخذ بعض الهواة بث تقارير تحوي معلومات عن أسراب الطيور إذا وصلت للمواقع التي انتظروها فيها، حيث باتت بعض من تلك المواقع أقرب إلى أن تكون مواقع إخبارية، تهتم بمتابعة سير تلك الأسراب المهاجرة، ليستفيد منها هواة الصيد في الأماكن البعيدة، وبالتالي لا يجدون إشكالا في التأكد من وصولها إلى المواقع المفضلة لدى تلك الطيور.