مهرجان « بريدة للتمور» مدرسة اقتصادية لنقل موروث تجارة الأجداد

تتعالى بها حناجر «الدلالين» منادية على خير الثمر

TT

أضحت ساحات مهرجان «بريدة للتمور» ملتقى يجمع بين جنباته خبرات تجارية لجيل كبار التجار وفئات من الشباب ورجال الأعمال، ممن وجدوا في قطاع النخيل مساحة رحبة للاستثمارات، في وقت ظهر فيه المهرجان مدرسة اقتصادية تتناقل فيها الأجيال خبراتها الاستثمارية التجارية للمحافظة على موروث تجاري اشتهر به رجالات منطقة القصيم منذ الأزل.

ويرى عبد العزيز التويجري أحد تجار التمور، والذي يصطحب اثنين من أبنائه لتسجيل الصفقات التي يقوم بشرائها في رحلة تدريبية كما يصفها، فهو يؤمن بأن «ابن الوز عوام» معتبرا أن ابن التاجر يجب أن يصبح تاجرا مثل أبيه، ولافتا إلى أن والده نقل له تجارة التمور لينقلها هو بدوره لأبنائه.

ويعد المهرجان الذي أطلقته بريدة (وسط السعودية) أول مهرجان تسويقي للتمور قبل نحو 10 أعوام، ليكون قوة اقتصادية يشارك فيها الجميع بالربح والخسارة، ولتحتضن القطاع الزراعي بالمنطقة الذي يدر أرباحا مالية على كافة أطراف العملية من مزارعين وتجار ووسطاء.

وأشار سليمان الفايز أمين لجنة التمور بـ«مهرجان بريدة»، إلى أن معطيات النجاح للمهرجان طيلة السنوات الماضية، أملت على المسؤولين في أمانة منطقة القصيم تطوير منهج للمهرجان، ومعها أتت مدينة التمور بمساحة إجمالية بلغت 300 ألف متر مربع، وتستوعب أكثر من ألفي سيارة تحمل ألف طن من التمور الفاخرة، التي بدأت مراحلها الأولية تظهر باكتمال مركز النخلة وتتابع بقية المفردات باستكمال البنية التحتية والأساسية لأرض المهرجان، ومشيرا إلى توجههم ليكون المهرجان منارة لقيادة صناعة اقتصادية ذات أبعاد سياحية واعدة، عبر ضخ استثمارات مالية لتنمية مرافق ترفيهية وإيوائية وتسويقية.

ومع بدء الأيام الأولى لمهرجان «بريدة للتمور» في نسخته العاشرة لعام 1433هـ بدأت ساحات مدينة التمور تكتظ بآلاف السيارات من باعة التمر مع زيادة ملحوظة في الكميات المباعة داخل باحات السوق، وقد سجل يوم الجمعة الماضي دخول أكثر من 3 آلاف سيارة لجراج السوق، ويتوقع دلالون ومحاسبون في السوق أن تتضاعف هذه الأعداد خلال الأيام المقبلة.

وفي السياق ذاته، يوضح الدكتور خالد النقيدان الرئيس التنفيذي لمهرجان «بريدة للتمور»، أن المهرجان أسهم في إيجاد سوق دائمة للتمر، وملتقى لمنتجي ومصنعي التمور داخل السعودية وخارجها، موضحا أن المهرجان استعاد للنخلة مكانتها، مساهما في رفع القدرة الإنتاجية من ثمار النخيل محليا.

وشدد النقديان على أنه تم الاستعداد للمهرجان لهذا العام بشكل مختلف وبتنظيمات جديدة تسمح بسلاسة البيع داخل السوق ولضمان عدم تكدس السيارات، وأن يكون البيع دون عوائق، واستحدثت هذا العام بوابات إلكترونية بحسب المدير التنفيذي لتسهيل العمل داخل السوق.

وبين الدكتور خالد النقيدان أنه «تم التعاقد مع جمعية البطين لإحصاء السيارات القادمة للسوق والمحملة بالتمور، وحتى تكون إحصائياتنا دقيقة، وتعمل هذه الجمعية بشكل متواصل، ويستخدم العاملون في مركز الإحصاء وسائل حديثة وإلكترونية».

إلى ذلك وبعد صمت لمدة عام كامل عادت أصوات الدلالين للحياة من جديد، عبر مناداتهم على حمولات التمر في مزايدات صوتية تستمر طوال موسم التمور على مدى يوما، حيث يطلق الدلالون العنان لحناجرهم في الساحات المكشوفة بأرض المهرجان، لفتح باب السعر والمزايدات بين المشترين ليظفر بها أحدهم.

ويدخل في مهنة الدلالية سنويا ما لا يقل عن 20 دلالا جديدا، يكون قد عمل مع أحد الدلالين الكبار في السوق، وتحتاج مهنة الدلالة إلى مبالغ مالية ليتم ضمان المشتري في البضاعة التي تم شراؤها، فيما يعمد بعض الدلالين للبيع بالأجل.

ويحصل الدلال على 7 في المائة من قيمة الصفقة من المزارع، والتي عادة يتم تصفية الحسابات في نهاية كل موسم، ويمتلك الدلالون مجموعة من المحاسبين الذين يتابعون العمليات اليومية، ليتم تسجيل ورصد المبالغ بشكل يومي، ويوفر الدلالون هذا العام نقاط بيع إلكترونية لخدمة المتسوقين والتجار في ظاهرة جديدة هذا العام.

وهنا يقول محمد المشيطي أحد الدلالين الشباب: «إن العمل في مهنة الدلالة ليس جديدا وإنما هي منذ فترة طويلة ويعمل فيها مجموعة كبيرة وهي مقتصرة على السعوديين»، مضيفا: «يعمل دوما الدلالون القدامى على تدريب دلالين جدد، حيث ينفصل بعض الدلالين في كيانات مستقلة بعد تلقي التدريب وفهم أسرار الدلالة»، لافتا إلى أن القلة منهم ينجحون بعد الانفصال، فيما يتم تكوين شبكة من المتعاونين في مهنة الدلالة في كل عام.