%80 من السعوديين مقترضون من البنوك

مؤسسة النقد سجلت أعلى ارتفاع لحجم القروض الشخصية في الربع الثاني

لم يعد بمقدور الأسر السعودية الإيفاء بمتطلباتها دون الاستعانة بالبنوك أو شركات التقسيط («الشرق الأوسط»)
TT

كشف مصدر مسؤول في أحد البنوك السعودية لـ«الشرق الأوسط» عن تصدر السعوديين قائمة المقترضين في العالم العربي، مبينا أن 80 في المائة من السعوديين لديهم قروض بنكية إلى جانب قروض بطاقات ائتمانية.

وبحسب التقرير الصادر عن مؤسسة النقد، أكد التقرير ارتفاع حجم القروض الاستهلاكية للربع الثاني من العام الحالي إلى 277.5 مليار ريال مقابل 246.9 خلال الربع الأول، وهو مؤشر خطير وغير مسبوق ينتج عنه أعباء مالية كبيرة على الأفراد. وأوضح التقرير الإحصائي الصادر عن المؤسسة، أن التمويل العقاري ارتفع خلال هذه الفترة إلى 47.8 مليار ريال مقابل 31 مليارا خلال الربع الأول، كما ارتفعت قروض السيارات والمعدات إلى 54 مليار ريال مقابل 51 مليار ريال في الربع الأول. واستنادا إلى التقرير ارتفعت القروض الأخرى إلى 175 مليار ريال مقابل 163 مليارا خلال نفس الفترة، وقدر التقرير إجمالي قروض بطاقات الائتمان بنحو 7.9 مليار ريال مقابل 7.7 مليار خلال الربع الأول. وأشار التقرير إلى أن القروض الاستهلاكية سجلت في 2011 نحو 242 مليار ريال، وفي 2010 قرابة 198 مليارا، وفي عام 2009 نحو 179 مليار ريال.

وبالعودة إلى المصدر المسؤول، اعتبر انعكاسات أزمة الأسهم التي حدثت في السنوات السابقة، وضياع أموال الكثير من المضاربين في سوق الأسهم السعودية، أتت بمصلحة كبيرة على البنوك، مبينا أن هذه الانتكاسة العنيفة غيرت معتقدات الكثيرين وحولت مسار تفكيرهم، وجعلتهم يبحثون عن الأمان من خلال الاستثمار في العقار، والذي يتم الحصول عليه من خلال الاقتراض من البنوك، والذي عاد عليه بالفائدة، وتسبب في تحقيق أرباح تفوق عشرة أضعاف ما كانت عليه في السنين السابقة.

وبين أن هذه «الضارة النافعة» تسببت في حدوث نقلة فكرية في وعي المجتمع السعودي، وحرصهم على امتلاك ما هو في الواقع، وترك المضاربة الخطرة في سوق الأسهم، التي لم تتسبب إلا في ضياع أموال ومستقبل الكثيرين، مما جعلت الجيل الحالي يتعظ، وتظهر لديه ثقافة الادخار والاستثمار الآمن التي افتقدتها الأجيال السابقة.

وأشار إلى أن اختلاف آلية البنوك في تسديد القروض تسببت في ضياع المواطن، موضحا وجود عدد قليل من البنوك تشترط تسليم القرض بنزول راتب العميل في نفس البنك واقتصاص ما يعادل ثلث راتبه، ووجود بنوك أخرى لا تشترط ذلك، مما يجعل العميل، الاقتراض من البنكين للحصول على المبلغ المطلوب، وبذلك تصل نسبة ما يقتص من راتبه إلى 80 في المائة، ويتبقى 20 في المائة فقط لتوفير المتطلبات الأساسية، والتي على أثرها ينتهي ما تبقى من الراتب قبل نهاية الشهر، أو منتصفه.

ويرى أن جيل الشباب الحالي على قدر كبير من الوعي المالي عن الأجيال السابقة، حيث إن الطفرة الحالية في سوق العمل، ساعدت الشباب على امتهان بعض المهن التي لم تكن موجودة في السابق، والتي كان يخجل الشاب السعودي من امتهانها، مثل المهن الفنية والتقنية إلى جانب وجودهم في سوق الخضار، فكثير من المهن الحالية ساعدت الشباب على تغير نظرتهم لمفهوم الادخار، وامتلاك الأساسيات، والكماليات من حر ماله، وعدم استسهال الحصول على القروض والبطاقات الائتمانية.

من جهته، يرى عضو جمعية الاقتصاد السعودي وعضو الجمعية السعودية للجودة عصام خليفة في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الإغراءات الموجودة في الوقت الحاضر كثيرة ومتنوعة، وأن وسائل الاستغلال دفعت الأسرة السعودية إلى نمط معيشة لا يتناسب مع دخلها. وبين أنه لم يعد بمقدور رب الأسرة الإيفاء بمتطلباتها، دون الاستعانة بالبنوك أو شركات التقسيط، وذلك إما لشراء منزل أو سيارة أو أثاث أو كماليات أخرى، دون مراعاة دخله المتدني، الذي لا يكفي حتى تغطية حاجت أسرته من شراء الملابس والمواد الغذائية وتسديد الإيجار، إلى جانب الخدمات الشهرية المرتفعة.

وأوضح أن هناك الكثير من الأسباب أسهمت في تعثر الديون، والتي من أبرزها المنافسة القوية بين البنوك المحلية وشركات التقسيط، والتي أدت إلى ابتكار أساليب جديدة لجذب أكبر عدد ممكن من العملاء، انطلاقا من سهولة وأهمية الأرباح القياسية التي تحققها هذه القروض الشخصية.

ولفت إلى أن غالبية المقترضين من البنوك وشركات التقسيط، لا يقرأون شروط العقد عند اقتراضهم، لذلك تستغل البنوك وشركات التقسيط الثقة المفرطة بهم، والتي ينتج عنها تراكم الفوائد والعجز في سدادها، وبالتالي تعرضهم للسجن أو التوقيف.

ولفت إلى أن طغيان المظاهر السلوكية الشكلية، على ثقافة الفرد والمجتمع، نتيجة حب التظاهر والمباهاة والتقليد الأعمى، والبعد عن التفكير المنطقي والعقلاني، أدى إلى السياسة التوسعية في الإقراض الاستهلاكي «برهن الراتب»، والذي تسبب في جعل حياة الأسرة مضطربة تعيسة مثقلة بالديون طوال العام، وسرعان ما يجد المرء نفسه بين مطرقة المظاهر الخداعة، وسندان القروض الشخصية.

وأوضح أنه في حالة عدم قدرة رب الأسرة الحصول على قرض بنكي، فإنه يسعى للحصول على بطاقة ائتمان تستخدم بشكل سلبي تؤدي إلى تراكم الديون والفوائد، مما يؤثر سلبا على ميزانية الأسرة.

وبين أن الكثير من مستخدمي البطاقات الائتمانية يتعاملون بها، دون أن تكون لديهم القدرة على سداد مبلغها، مما يضطرهم إلى بيع بعض من ممتلكاتهم، أو الاقتراض من آخرين، لسداد قيمتها، مشيرا إلى أن عدد بطاقات الائتمان بلغت 3 ملايين بطاقة، منها ما يقارب 400 ألف من الحاصلين عليها، وضعوا في القائمة السوداء.