دراسة لإلزام المشاريع تطبيق «كود» البناء الأخضر

مبنيان فقط بالبلاد موثقان على أنهما من المباني الخضراء

المباني الخضراء مفهوم جديد تدعو إليه دراسة حكومية لتبنيه ضمن المشاريع الإنشائية في السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

كشف الدكتور أسامة البار، أمين العاصمة المقدسة، لـ«الشرق الأوسط»، عن مشروع قرار لإلزام كافة مشاريع البناء الكبيرة والمباني الحكومية والشركات تطبيق كود البناء الأخضر، وقال: «إن دراسة استشارية تجرى في هذا الشأن، من المتوقع الانتهاء منها قريبا، تأخذ في الاعتبار معايير التقييم».

وبحسب المعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط»، فإن أمانة العاصمة المقدسة خطت عدة خطوات نحو تنفيذ هذا المشروع، بداية من تعريف مسؤولي الأمانة بمفهوم المباني الخضراء، من خلال تنظيم عدة ندوات بمشاركة المجلس السعودي للمباني الخضراء زيارة بعض المسؤولين لمدينة مصدر في أبوظبي، وحضور بعض الندوات والمؤتمرات المتعلقة بالمباني الخضراء، مع عقد ورشة عمل للتنمية النظيفة مع أحد بيوت الخبرة العالمية في هذا المجال.

وبدأت أمانة العاصمة، من خلال تلك الجهود، دراسة بيئية واقتصادية لاستصلاح الأراضي الزراعية ومعالجة مياه الآبار الملوثة، وجار إعداد دليل لجميع الشركات والمكاتب والمؤسسات المتخصصة بالتخطيط والدراسات تمهيدا لتطبيق المفهوم.

ويوضح في هذا الشأن المهندس سلطان فادن، مدير مركز التنمية المستديمة بجامعة الأعمال والتكنولوجيا بجدة رئيس اللجنة التأسيسية للمجلس السعودي للمباني الخضراء المشرف على المشروع في العاصمة المقدسة لـ«الشرق الأوسط»، أن «المملكة بشكل عام تفتقد ثقافة المباني الخضراء، وأن مبنيين فقط في السعودية موثقان كمبان خضراء، هما: مبنى جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، ومبنى أكاديمي لشركة (سابك)، وأن نحو 48 مشروعا مسجلا للتوثيق، وهو رقم ضعيف جدا مقارنة بالدول الأخرى، ففي الإمارات العربية المتحدة يوجد نحو 58 مبنى موثقا، و552 مشروعا مسجلا». وقال فادن إن من أهم تصنيفات المباني الخضراء في العالم المعيار الأميركي «لييد»، ويبلغ عدد المباني الخضراء المسجلة عالميا نحو 25 ألف مبنى، منها أكثر من 11 ألف مبنى.

وبحسب ما قاله الدكتور أبو عشي مدير عام الإدارة العامة للصحة والبيئة والسلامة المهنية بالرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، لـ«الشرق الأوسط»، «يأتي التفكير في المباني الخضراء من منظور أن البيئة - وقضاياها - أصبحت تستقطب اهتمام العالم أجمع، إذ أضحت كثير من بلاد العالم تواجه مشكلات تراجع وتناقص مدخراتها من الموارد الطبيعية، وظهرت الكثير من مشاكل التلوث التي باتت تهدد وتحاصر الإنسان في جميع أوجه حياته ونشاطاته المختلفة، جميع ذلك دق ناقوس الخطر وأوجد مسببات للانطلاق في مجالات بحوث وتقنيات التصاميم الهندسية والبيئية المختلفة للمحافظة على الموارد البيئية وخفض استهلاك الطاقة واستعمال مواد صديقة للبيئة، وبالتالي تحقيق جميع مبادئ التنمية المستديمة».

ويرى الدكتور أبو عشي أن المباني الخضراء توفر نحو 95 في المائة من النواحي الصحية في المباني، إضافة إلى 65 في الطاقة، و50 في المائة من هدر المياه، و30 في المائة من تكاليف التشغيل.

وأضاف: «هي عبارة عن تطبيق أسلوب إنشائي يحترم البيئة، ويحقق مبدأ الاستدامة عن طريق التوازن والانسجام مع الطبيعة، مع الأخذ في الاعتبار استعمال مواد بناء صديقة للبيئة، واستخدام التقنيات والبرامج الإلكترونية لتقليل استهلاك الطاقة والمواد والموارد، مع خفض تأثيرات الإنشاء على البيئة». وبحسب الدراسات التي أوضحها المهندس سلطان فادن، تعد البلدان العربية، ومنها السعودية، من أكثر دول العالم هدرا للطاقة، ففي ما يخص هدر الطاقة في البناء العادي، يعتبر القطاع السكني أكثر القطاعات استخداما للكهرباء من القطاعات الأخرى، ومن بينها القطاعات السكنية، حيث إن 70 في المائة من الاستخدام لقطاع الكهرباء فيها، وتصرف الدولة نحو مليوني برميل نفط لإنتاج الطاقة الكهربائية بسبب عدم وجود أساليب أخرى لإنتاجها مثل الطاقة الشمسية والاستخدام النووي، الأمر الذي يؤدي إلى هدر النفط.

وبيئيا، بحسب الدراسات، تبلغ القدرة الإنتاجية للمملكة من الكهرباء نحو 45 ألف ميغاوات، كل 100 كيلو تعادل طنا من الكربون، الأمر الذي يتسبب في أضرار بيئية كبيرة على الطبيعة. وفي ما يخص المياه، قالت الدراسات التي أوضحها المهندس فادن، «يهدر ثلثي المياه في السعودية في الشبكات تحت الأرض، والثلث الآخر في المنازل بسبب الهدر من الأدوات الصحية، أي إننا لا نستفيد إلا بجزء بسيط من المياه المحلاة، مما قد يشكل خطرا مستقبليا بسبب عدم وجود مياه طبيعية في البلاد من أنهار ونحوه، إضافة إلى أن المياه الجوفية تشير الدراسات إلى أنها بدأت تجف بسبب التأثيرات الطبيعية من ارتفاع درجات الحرارة والاحتباس الحراري والاستخدام الجائر».

ودعا رئيس اللجنة التأسيسية للمجلس السعودي للمباني الخضراء إلى الاستفادة من النفايات الإنشائية، خصوصا في ظل الطفرة التي تشهدها البلاد، وقال: «تعد تلك النفايات من الكنوز المهدرة، بسبب افتقادنا مصانع إعادة تدوير مواد البناء، إذ إنه لو تمت الاستفادة من تلك المواد لأمكن توفير نحو 30 في المائة من المواد في الإنشاءات، مع الأخذ في الاعتبار الأضرار البيئية التي يسببها الإسمنت والمواد الإنشائية عند ردمها في المرادم من انبعاثات كربونية ونحوه».

وكان عدد من الخبراء المشاركين في منتدى البيئة الخليجي الثالث، المنعقد في جدة، رأوا أن إلزامية تطبيق العزل الحراري على جميع المباني في المدن السعودية الرئيسية بهدف الحد من الاستهلاك الكهربائي وترشيد الطاقة، سيسهم في تخفيض مبالغ فواتير المواطنين بنسبة تتخطى 50 في المائة ويوفر أكثر من 75 مليار ريال.

وإلى ذلك، أعلن الدكتور هاني أبو راس، أمين محافظة جدة، لـ«الشرق الأوسط»، عن توقيع عدد من الاتفاقات والمبادرات مع المنظمة العربية الأوروبية للبيئة، للاستفادة من خبراتهم في وضع معايير لإدخال البعد البيئي والمدن الخضراء والطرق المثلى لتحديد معايير البناء للحفاظ على الطاقة ومعرفة كل التطورات اللازمة في هذا المجال.