مكة المكرمة تمد 60 نفقا لاستقبال 8 ملايين حاج ومعتمر

الفكرة التي ولدت لتغني عن شبكة القطارات

TT

أوضح مسؤولون متخصصون أن مكة المكرمة استطاعت تحقيق رقم صعب في عدد الأنفاق عالميا، بعد أن وصلت إلى الرقم 60. دونما تسجيل أي حالات تلوث بيئية، جراء ما سمته مصادر رسمية بعمليات الإصحاح البيئي الناجحة لسلسلة تلك الأنفاق.

أكثر من ستين نفقا زودت بشبكات المياه ومخارج الطوارئ وقنوات تهوية، فتحت ذراعيها لاستقبال ستة ملايين معتمر سنويا، ومليوني حاج يفدون للمسجد الحرام لتكون أول مدينة سعودية تعنى بالأنفاق رغم صعوبة وأنفة جبالها الصماء.

وأوضح المهندس عصام بصنوي، رئيس لجنة التطوير والاستثمار بمكة لـ«الشرق الأوسط»، أن موضوع الأنفاق في مكة المكرمة ولد قبل خمسة وثلاثين عاما، حينما كانت تراود المسؤولين آنذاك فكرة تخطيط وتطوير مكة وسط سلسلة من الجبال المطوقة لجغرافية مكة الداخلية، فكان كل من يريد الذهاب إلى «الششه» أو العزيزية (أحد أحياء مكة) كان الأمر يستغرق لفة طويلة ولا بد أن يمر عبر زحام البلد متنقلا ما بين المعابدة والجميزة، يستغرق الشخص في قطعها نحو الساعة أو دونها.

وأشار المهندس بصنوي أنه من هذا المنطلق تبلورت فكرة الأنفاق في العاصمة المقدسة، فتم التعاقد حينها مع شركة «دار الهندسة»، وكان الشق الأصعب في كيفية شق صخور مكة «الغرانيتية» المشهورة بصلابتها وقوتها ويحتاج إلى معدات وتجهيزات خاصة جدا، بيد أن شركات ضخمة ومتطورة في حينها استطاعت التغلب بواسطة تكنولوجيا حديثة على جميع المشاكل والعقبات.

وتساءل رئيس لجنة التطوير والاستثمار في غرفة مكة عن الكثير من الشعاب التي اختفت بسبب الحاجة إلى التطوير مثل «شعب علي» و«شعب عامر» في طريقه للحاق به مع الهدميات الجديدة التي لحقت بمكة، وأضحى أهل مكة فقط هم الأدرى بمداخل المدينة ومخارجها، مبينا: والزائرين لمكة بلا شك يعانون في التعرف على أزقة مكة ومنافذها.

وأوضح المهندس عصام بصنوي أنه قبل ثلث قرن كان في مكة أربعة أنفاق وكانت كافية لأهل مكة آنذاك لكن الحال تغير واتضح أن هناك مشاكل مستقبلية، فأصبحت الحاجة ماسة في الزيادة العددية للأنفاق، لدرجة أن مدينة جدة تنبهت مؤخرا لعملية الأنفاق وبدأت فعليا في حل التقاطعات بالأنفاق عوضا عن الكباري، فرأيناها في طريق الملك عبد الله بغية إظهار هذه المدن في شكل حضاري وجمالي وتطويري.

وساق بصنوي أن مكة المكرمة من أربعة أنفاق هي المسفلة والمعابدة ونفق الملاوي قفزت لعدد كبير مؤكدا أنها فقط والوحيدة القادرة على حل أزمة السير والاختناقات في العاصمة المقدسة.

أما الدكتور يحيى كوشك رئيس اللجنة الهندسية في لجنة التطوير والاستثمار فأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن أول نفق تم تصميمه في مكة عمره خمسة وثلاثون عاما في طريق خلف «الصفا» وتمت ترسيته على شركة «عبد الله القصبي»، فاقترح في حينها القصبي على وزارة المالية أن يقطع الجبل قطعا على أن يعمل نفقا نظرا للتكلفة المالية الكبيرة التي تترتب على ذلك وافتقار الشركة للمعدات اللازمة وقتها.

ويتراوح السؤال لماذا الأنفاق في مكة؟ فالسبب هو أن الحرم المكي مطوق بجبال متصلة حباها الله لمكة، لا يوجد إلا واد واحد من جبل النور حتى المسفلة، تستطيع من خلاله الوصول إلى مكة، فمن هذا المنطلق كان لزاما شق هذه الأنفاق حتى يتمكن زوار البيت الحرام التنقل بسلاسة وبكل يسر وسهولة، فاستعانت وزارة المواصلات ببعض المقاولين الأتراك نظرا لوجود أنفاق في تركيا حينها وهم الذين شقوا طريق الصفا، وبعد نجاحه أدرك المسؤولون الحاجة الماسة في مد الأنفاق في جميع مكة، وأثبت في نفس الوقت بطلان مقولة أن جبال مكة من الصعوبة شقها.

وأشار إلى أن العامل الزمني كان مهما في إيصال الزوار والمعتمرين إلى المسجد الحرام وخروجهم منه بالسرعة المطلوبة، حتى لا تأتي تكدسات داخل وحول الحرم، مبينا أن أنفاق مكة تحوي جميع الخدمات اللازم توافرها من شبكات مياه وتهويه لتفادي عوادم السيارات ومراوح شفط ضخمة.

وأبان رئيس اللجنة الهندسية أن أنفاق مكة مرت بكثير من المقاولين، واختلفت باختلاف الدراسات التي تعلقت بهذا الجانب، وبمدى عرض وأطوال هذه الأنفاق توزعت حول الخط الدائري الأول والثاني والثالث والرابع في منظومة دائرية وارتبطت بشكل مباشر بالأنفاق.