فكر جديد يجني عوائد استثمارية عبر «الهويات التجارية» في السعودية

الحماية القانونية تتوعد المزورين بعقوبات قاسية

عرض الشعارات في مركز تسوق ضخم لجذب مرتادي المركز («الشرق الأوسط»)
TT

حذر خبير سعودي في صناعة العلامات التجارية من مواجهة الهوية (رمز العلامة التجارية) السعودية مشكلة عالمية، نتيجة تدخل الأذواق الشخصية في اختيار الهوية المناسبة، بغض النظر عن الدراسات التي عملت من أجلها.

واعتبر الشعار أو (اللوغو) المؤثر والمحرك الأساسي لصناعة الهويات التجارية، وغالبا ما تعمد الشركات التجارية إلى تغييره لخدمة توجهات مرحلتها المقبلة، وتغير استراتيجيتها بالكامل، بعد موافقة المنظمة بأكملها على التغيير.

من جهته يرى الخبير السعودي في صناعة الهويات إبراهيم السحيباني، أن القرار النهائي حول تحديد الهوية يعود لصاحب القرار، مشيرا إلى أن البعض يتدخل في تصميم الهوية، ليصبح بالنهاية ذا طابع شخصي، بدلا من أن يعكس مفاهيم معينة خاصة بالجهة، سواء من خلال الألوان أو الرسوم أو الخطوط أو حتى شكل الهوية ذاتها.

وأوضح أن المؤسسات تستعرض شرحا مفصلا لمدلول شعاراتها وهوياتها، بشرح مكتوب يرفق عادة مع رؤيتها وأهدافها وربطها بالشعار، إلا أنه يرى بمنظوره الخاص أن الأهم هو اكتشاف الجمهور لمضمون الشعار وفكرته، وأن يكون جاذبا ومستساغا من أبسط الأشخاص عوضا عن الإسهاب في شرحه مكتوبا.

ووفق تقسيم شخصي وضعه السحيباني فإن تصميم الهويات التجارية ينقسم برأيه لثلاثة أنواع، وهي تأسيس هوية جديد كمنشأة جديدة أو هوية شخصية، أو تغيير الهوية وإعادة تصميمها، أو تطوير الهوية بوضع لمسات جديدة عليها، كتغيير لون الشعار أو الخطوط المستخدمة في التصميم يسمى بـ«تنظيف الشعار».

وشدد على أن تتضمن هذه التقسيمات حدوث شيء جديد حدث داخل المنظمة أو المنشأة، كتغيير نشاطها أو تطويره أو إنشاء شعار لمنظمة جديدة تختلف كليا عما سبق.

وأوضح أنه عند تصميم الشعارات يبدأ المختصون بالتحضير لدراسة مستفيضة قبل عمل الشعار الخاص بالجهة أو المنظمة، لتحديد شخصية الهوية، والقيم التي تقوم عليها، إلى جانب أن جزءا كبيرا منها يعتمد على الفن واللغة.

واعتبر علم النفس المحرك الرئيسي لها، نظرا لوجود فريق متخصص يجري هذه الدراسات، مستندا إلى مواد علمية تعطيهم المفاتيح الأساسية لإنجاز عملهم، كتوزيع العناصر القوية في التصميم وبعض التفاصيل.

وأشار إلى أن أبرز ما يميز المصمم المتخصص في التصميم الرقمي «الغرافيكس»، الخلفية العملية التي تتطلبها دراسات تصميم الهوية وتنفيذها، مشيرا إلى ندرة المختصين السعوديين في هذا المجال، واعتماد الجهات والشركات الخاصة على المصممين المغمورين لإنجاز تصاميم هوياتهم، كون الشركات المتخصصة تأخذ وقتا كبيرا لإنجازها والانتهاء منها لتظهر الهوية بشكل احترافي.

ولفت إلى ظهور فكر جديد في صناعة الهويات التجارية بالسعودية، لدى بعض الوكلاء والشركاء، من خلال اتخاذهم وسيلة تغيير الشعارات أو تجديدها، كطريقة لإعلام شريحة المستفيدين، بوجود تغيرات في نشاطات المنظمات أو المؤسسات التابعين لها.

وضرب السحيباني مثالا حيا بالشركات العائلية التي ترتبط بملاكها بشكل مباشر، مشيرا إلى أن الجيل الشبابي الأصغر من أبناء المؤسسين العاملين في نشاط هذه الشركات بالسعودية، في سعي حثيث نحو تطوير عملها، من خلال صناعة هوية تجارية تلفت الناس لوجود الشركة، وبالتالي تزيد عوائدها من دخل هذا الاستثمار.

ومن جهة أخرى ذكر المحامي بندر النقيثان لـ«الشرق الأوسط» أن الحماية القانونية للهويات والعلامات التجارية تعد من أهم العناصر للحفاظ على الهوية المميزة للجهة، وأن حمايتها هي بالحقيقة حماية للاقتصاد ككل، معتبرا العلامات التجارية للكثير من الشركات من أهم أصولها، وتعتمد عليها اعتمادا كليا في تسويق منتجاتها، وارتباط الاقتصادات القوية في العالم بحماية صارمة للعلامات التجارية المسجلة فيها.

ويشير المحامي النقيثان إلى أن الطريقة المثلى لحماية العلامة التجارية في السعودية، هي المبادرة بتسجيلها عبر إدارة العلامات التجارية بوزارة التجارة والصناعة، التي تقوم ببحث مدى قابلية العلامة للتسجيل وعدم تسجيل العلامة سابقا، وبعد الموافقة الأولية يتم نشر تسجيل العلامة التجارية في الجريدة الرسمية بالسعودية «أم القرى»، ويمنح الآخرون فرصة 90 يوما من تاريخ النشر للاعتراض على قرار الوزارة تسجيل العلامة التجارية، وفي حالة انتهاء المهلة دون اعتراض تتم مراجعة الوزارة لاستخراج شهادة تسجل العلامة، وهي لمدة عشر سنوات قابلة للتجديد.

يقول النقيثان: «من المهم جدا على الشركات والمؤسسات أخذ هذا الأمر بغاية الجدية، وقد وقفت شخصيا على عدة حالات لعلامات تجارية لم يتم تسجيلها رسميا، وقام أشخاص آخرون بتسجيلها لدى الوزارة، واستعمالها ومنع صاحب العلامة الأصلي من استخدامها».

يشار إلى أن السعودية أصدرت نظاما خاصا بما يتعلق بالعلامات التجارية، وتم تطوير النظام إلى أن وصل إلى النظام الحالي الصادر في العام الهجري 1423هـ، بالإضافة إلى لائحته التنفيذية، كما تمت موافقة مجلس الوزراء عام 1428هـ على قانون نظام العلامات التجارية لدول مجلس التعاون لدول الخليج.

وبحسب نظام العلامات التجارية، تترتب عقوبات قاسية على مخالفي النظام من المزورين والمقلدين وغيرهم، بالحبس لمدة لا تزيد على السنة، وغرامة بين 50 ألفا ومليون ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كما يعاقب مستخدمو العلامات غير المسجلة ومزوروها بالحبس لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر، وغرامة مالية ما بين عشرين ألفا و250 ألف ريال، أو بإحدى العقوبتين.