برنامج الأمم المتحدة للبيئة يحدد مليوني دولار «مبدئيا» لتنفيذ استراتيجية مدينتي جدة والرياض

أعطت البيئة أهمية قصوى في تطبيق العمليات التنموية

بدء إلزام القطاع الصناعي باستخدام المواد البديلة المتطابقة مع اشتراطات السلامة في البناء مطلع العام المقبل («الشرق الأوسط»)
TT

حدد برنامج الأمم المتحدة للبيئة نحو مليوني دولار أميركي كتمويل مبدئي لدراسة شاملة تتعلق بوضع استراتيجية لمدينتي جدة والرياض، التي تتمثل أهميتها في أخذ البيئة كأحد عناصر التنمية في ظل اعتبارها محورا ثانويا في أي عملية تنموية، حيث من المزمع البدء في تنفيذ تلك الاستراتيجية خلال الفترة المقبلة.

وأوضح الدكتور إياد أبو مغلي، المدير والممثل الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة في منطقة غربي آسيا، أن هذه الدراسة حظيت مؤخرا بموافقة الهيئات المعنية في المملكة، معتبرا أن حجم التمويل المبدئي لها «غير كبير» من ناحية وضع الخطة والبدء في تنفيذ ما سماه بـ«المؤسسة».

وقال الدكتور إياد أبو مغلي في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إذا تحدثنا عن كل حيثية ذات علاقة في التنفيذ من ضمنها الصناعات البتروكيميائية والاستخدام الأمثل للتخلص من النفايات، فإن حجم التمويل سيصل إلى مئات الملايين»، مؤكدا أن ذلك التمويل ليس بالضرورة أخذه من الحكومة كاملا، وإنما قد يأتي من القطاعات المختلفة.

ولفت أبو مغلي إلى أن برنامج الأمم المتحدة للبيئة يضع مجموعة من التصورات التي تؤدي إلى الاستخدام الأمثل للمصادر الموجودة في البيئة حاليا، مشيرا إلى أن الاستراتيجية التي يجري العمل عليها الآن راعت وضع قيمة للبيئة كي تصبح جزءا لا يتجزأ من التنمية الاقتصادية.

وأضاف الدكتور إياد: «إذا ما تم استغلال المصادر النفطية أو المائية أو حتى مصادر التنوع الحيوي، فإن البيئة تكون الخاسر الوحيد، غير أن الاستراتيجية ستأخذ في عين الاعتبار حساب الخسائر البيئية ومعالجتها وكيفية تعويضها بأكثر منها في أي عملية تنموية، وذلك بهدف خلق تكامل في وجهة النظر التنموية بالمنطقة».

وبيّن المدير والممثل الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة في منطقة غرب آسيا، أنه تم عقد كثيرا من الفعاليات المهمة التي شهدت مشاركة المجتمع المحلي، كونه بندا مهما لوضع الاستراتيجيات الوطنية، حيث تضمنت ورش عمل شارك فيها ممثلون عن الهيئات غير الحكومية والمنظمات الأهلية والجامعات والشركات الخاصة، موضحا أن تلك الفعاليات ولّدت وعيا مهما بإدماج البيئة في التنمية الاقتصادية. وأفاد الدكتور إياد أبو مغلي بأنه تم طرح عملية لتنفيذ المبادرة المتعلقة باستراتيجية مدينتي جدة والرياض من قبل القطاعين الحكومي والخاص، مشددا على «ضرورة الشراكة بين هذين القطاعين، وذلك من أجل تنفيذها على أرض الواقع بالمملكة في المستقبل القريب».

جاء ذلك، على هامش اجتماع شبكة مسؤولي الأوزون في دول غرب آسيا الذي بدأ أعماله يوم أول من أمس باستضافة الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة والوحدة الوطنية للأوزون، وذلك من خلال الورشة الإقليمية حول مكونات كود البناء والمواصفات الخاصة بالمنتجات والخدمات التي تستخدم المواد الخاضعة للرقابة، والتي تنظمها «الأرصاد وحماية البيئة» بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة.

وفي سياق متصل، كشف لـ«الشرق الأوسط» المهندس محمد الصحافي مدير عام المقاييس البيئية والمنسق الوطني للأوزون عن وجود عدة تدابير وإجراءات لإلزام القطاع الصناعي باستخدام بدائل مواد البناء المتطابقة مع اشتراطات الأمن والسلامة، وذلك ابتداء من العام المقبل.

وذكر المهندس محمد الصحافي أن أولى تلك الإجراءات سيتم تطبيقها بشكل إلزامي على القطاع الصناعي، مطلع العام المقبل، ومن ثم التدرج فيها خلال عام 2015، مشددا على أن «المواد البديلة ستقل في السوق مما يتسبب في ارتفاع أسعارها، الأمر الذي يمنح أصحاب المبادرة باستخدامها إلى أن يكونوا اللاعبين الرئيسيين في الأسواق».

وحذر الصحافي من رفض القطاع الصناعي لتلك البدائل، خصوصا أن المنتمين إلى هذا القطاع يبحثون عن الربح بالدرجة الأولى، مضيفا: «إن أي تغيير جديد لن يكون أمرا سهلا كونه يحتاج إلى وقت لاعتماد تقنيات جديدة وتجريبها، فضلا عن صعوبة التسويق للمنتجات الحديثة في مجال الصناعة».

ولكنه استدرك قائلا: «تعد المملكة جزءا من المنظومة العالمية، وما يسري في هذه المنظومة يسري عليها من منطلق الالتزام بالبروتوكولات والاتفاقيات، وهو ما يحتم ضرورة تطبيقها عاجلا أم آجلا، إلا أن التعجيل في إدخال هذه البدائل، والتعرف على إيجابياتها وسلبياتها والتأقلم عليها يكون أفضل، ولا سيما أن التأخير ليس في صالحنا». وطالب الصحافي بضرورة تواصل القطاع الصناعي مع الجهات الحكومية والقنوات الرسمية، من ضمنها الغرف التجارية والأرصاد، كونها جهات تشريعية، فضلا عن الجهات الأخرى من الأمانات وهيئة المواصفات والمقاييس، خاصة أن هناك تخوفا من الصناعيين في التواصل مع هذه الجهات كي لا يلتزموا بالقوانين.

وتابع: «لا بد من التواصل مع الجهات المعنية باستمرار من أجل معرفة الأنظمة والقوانين والتشريعات، الأمر الذي من شأنه أن يسهل على الصناعيين تطبيقها والخروج من الحرج».

وهنا، علق الدكتور إياد أبو مغلي قائلا: «ليس هناك رفض تام لاستخدام البدائل، وإنما يوجد عدم فهم للفائدة من الالتزام بها، إضافة إلى أن التغير من الوضع الحالي إلى البديل يستلزم استثمارا على المدى القصير، الذي سيدر أرباحا كبيرة على المدى الطويل».

الجدير بالذكر أن اجتماع شبكة مسؤولي الأوزون في دول غرب آسيا الذي افتتح أعماله أول من أمس يقوم على فعاليتين رئيسيتين، تتمثلان في ورشتي عمل حول صناعة الرغويات والمواد الجديدة المستخدمة في القطاع وتأثيرها على الجودة وموافقتها لمواصفات كود البناء والأمن والسلامة.

وبحسب المهندس محمد الصحافي، فإن ورشة العمل الثانية تتضمن استخدام الإعلام الحديث ووسائل التواصل الاجتماعي الحديثة من «تويتر» و«فيس بوك» وغيرهما، وكيفية الاستفادة منها في التوعية البيئية، حيث اختتمت أعمالها يوم أمس (الأحد).