عشوائية شوارع جدة تقف عائقا أمام دخول المكفوفين سوق العمل

د. بلو: نعاني من التغيير المستمر في اتجاهات الحركة المرورية

البيئة المحلية غير مُهيأة لمشي المعاقين بشكل عام والمكفوفين خاصة («الشرق الأوسط»)
TT

كشف محمد توفيق بلو أمين عام جمعية إبصار وعضو برنامج توافق، افتقارهم لبرنامج من شأنه أن يساعد المعاقين والمكفوفين بصريا على التحرك بسهولة في شوارع جدة، إلى جانب التغيير المستر في اتجاهات الحركة.

وقال بلو خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن آلية التدريب المعمول بها في دول العامل تتمثل في تعليم المعاق بشكل عام والمكفوف بشكل خاص المشي والسير وفق منظومة، تبدأ باستخدام العصا، ومن ثم يتم تدريبه على كيفية استخدام المواصلات العامة ذاتيا، حتى يستطيع المشي بمفرده لاستقلال الحافلات أو المواصلات.

وأضاف: «إلا أننا نفتقر لمثل هذه المنظومة التي تجعل الأمر مستحيلا أمام المكفوف، لأنه من الصعب أن يتم تدريبهم عشوائيا»، مبينا أن هناك عشوائية في حركة الشوارع إضافة إلى أن هناك تغييرا مستمر في اتجاهات الحركة المرورية، وقال: «ما إن يحفظ المكفوف آلية المشي في شارع معين، نجد أن اتجاه الشارع تغير بعد شهر أو أقل، وللأسف هذا أمر مؤسف».

وبين أنهم خلال عملهم في الجمعية واجهوا حالتين من المكفوفين الذين تمت إصابتهم أثر سقوطهم بحفر في الشوارع، وتعرضوا لكدمات ولم تتسبب في أذى أكثر من ذلك.

ولفت أمين عام إبصار إلى أن التوصيات المتعلقة بالمعاقين والمكفوفين التي تخرج بها الملتقيات، غالبا لا ترى النور، مشيرا بذلك إلى ورقة عمل تقدموا بها خلال ملتقى الجمعيات الخيرية الذي نظم العام الماضي بجدة، بعنوان «الوصول الشامل لذوي الإعاقة البصرية في البيئة العمرانية والسكنية»، ولكنها لم ترَ النور أبدا حتى هذه اللحظة.

واستطرد بلو: «نادت أمانة منطقة مكة المكرمة العام الماضي بأن تكون صديقة للمعاقين ولكن للأسف لم نرى شيئا ملموسة حتى الآن، سواء في الأسواق أو الشوارع، والأبنية، إضافة إلى أن أغلب المعاقين أنفسهم غير مهيئين للاندماج في المجتمع بصورة طبيعية في الوقت الراهن إلا القليل منهم، وبالتالي ظهورهم بالمجتمع ضعيف جدا، لآن البيئة لم تساعدهم على ذلك».

وحول تخصيص أماكن للترفيه والحركة خاصة بالمعاقين والمكفوفين أوضح بلو أنهم ليسوا مع تلك المطالبات، معللا ذلك بضرورة دمج المعاقين في المجتمع، وقال: «الوضع السليم يتطلب دمجهم وتوفير تسهيلات للوصول الشامل لهم، لا أن يتم عزلهم بوضعهم في أماكن خاصة بهم».

وطالب المجتمع بأن يقوم بواجباته ومسؤولياته في ذلك، إضافة إلى الوعي الكامل المتمثل بعدم تجاوز الأشخاص لحقوق المعاقين والمكفوفين، وأضاف: «غالبا ما نجد بعض المواطنين يوقفون سياراتهم فوق الأرصفة، والبلدية عادة ما تحفر حفرات على الأرصفة للشجر بمساحات عرض أكثر من المطلوب».

وأشار بلو إلى قيام دورة تدريبية لأكثر من 75 مكفوفا و10 مكفوفات لإكسابهم على الأقل أدنى مهارات الحركة بالاعتماد على النفس، مبينا أن تلك الدورة تأتي في سياق أحد برامج التدريب والتوظيف الخاصة بالمعاقين، مبينا أنه تم توقيع عقود خاصة بهذه الفئة مع إحدى الشركات، ومن أول متطلبات القبول أن يكون لديهم القدرة على الحركة في بيئة العمل على الأقل وكيفية الذهاب إليه.

وحول آلية التدريب ومدة إتقان هذه المهارات بين أن هذه الدورة تعتبر من الأساسيات، وقال: «تستغرق عادة شهرا، وقد تصل لستة أشهر أو يمكن أن تطول أحيانا، وهذا يتوقف على عمر المكفوف ومدى تجاوبه».

وأكد بلو أهمية الحاجة في السعودية لتدريب اختصاصيين على مهارات التعرف على البيئة والحركة والتوجيه للمكفوفين، وذلك للمساعدة على استقلالية المكفوفين في حياتهم وتنقلاتهم؛ سواء في الأماكن العامة أو أماكن العمل، داعيا في الوقت ذاته إلى الاهتمام بالوصول الشامل للمعاقين عموما والمعاقين بصريا على وجه الخصوص، حتى يتمكنوا من الانخراط في سوق العمل والتنافس الوظيفي، معتمدين على أنفسهم بصورة أكبر.

من جهته، أوضح راضي الشعبان، مشرف الإعاقة البصرية بإدارة التربية والتعليم بمحافظة الأحساء، الذي يقدم البرنامج، أهمية استخدام الحواس لتمكين الشخص المعاق بصريا من تحديد نقطة ارتكازه وعلاقته بجميع الأشياء الأخرى المهمة في بيئته.

وأشار إلى أن التوجه يمثل الجانب العقلي في عملية التنقل، بينما تمثل الحركة الجهد البدني المتمثل في الأداء السلوكي للفرد، معتبرا أن مشكلة الانتقال من مكان إلى آخر تعد من أهم المشكلات التي تواجه المعاق بصريا.

ولفت إلى أن إتقان المشاركين لمهارة فن التوجه والحركة من المهارات الأساسية في أي برنامج تعليمي تربوي للمعاق بصريا، إلى جانب أن مهارة التوجه والحركة من خلال الاعتماد الذاتي واستخدام العصا، تعد عنصرا أساسيا ومن أول المهارات اللازمة للمعاق بصريا في ممارسة حياته الوظيفية والتنقل في دوائر العمل.