السعودية.. وطن متفرد في النشأة والتكوين والرتب العسكرية

عدم خضوع الدولة للاحتلال أو الاستعمار منع استخدام الرتبة المقلوبة

رتبة صف ضابط سعودي تظهر بالشكل المعتدل على عكس رتب الدول التي سبق تعرضها للاحتلال مثل فرنسا («الشرق الأوسط»)
TT

هي السعودية، متفردة في كل شيء.. النشأة، التكوين، البناء، وقبل هذا وذاك، متفردة في الترابط، من بدايات عهد التأسيس، وحتى يومنا هذا، لم يرهقها كبر المساحة، التي تزيد على 2.270 مليون كيلومتر مربع، فلا شمال يغرد بمنأى عن جنوبه، ولا شرق لا يحن إلى غربه، والجهات الأربع في شموخها لا يحيد عن الوسط قلبها النابض «الرياض».

«ما لحد منه، الله اللي عزنا، ما لحد منه».. الله الذي وهب لهذه الأمة موحدها، ووهب للموحد هذه الأمة، ما لحد منه، الله الذي كتب لهذه البلاد أن تخرج من الفقر للغنى، من الجهل للعلم، من الشتات للوحدة، ما لحد منه، أن تكون السعودية من الدول القلائل على مستوى العالم، لا تلامس حواريها وأزقتها، سفوحها وهضابها، كرامتها وتاريخها، أيدي الاستعمار، ما لحد منه.

وللتفرد صور وأشكال على الخريطة السعودية، ومن ذلك أن الرتب العسكرية للأفراد (جندي، عريف، وكيل رقيب، رقيب)، تختلف عن مثيلتها في كثير من دول العالم، فهي تأتي على شكل «8»، في حين تكون في دول العالم على شكل «7»، واختلفت الروايات في ذلك، فمنهم من ذهب لكون المملكة من الدول القلائل التي لم تحتل من قبل الدول الاستعمارية، بينما ذهب العسكريون في هذا الاختلاف، بقولهم إنها منذ البدايات، عندما كانوا يخضعون للتدريب على أيدي خبراء بريطانيين، واعتمدها في تلك الحقبة الملك عبد العزيز مؤسس المملكة.

وللعسكرية تاريخ حافل في المملكة، فبعد التوحيد ولم الشتات، نجح الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، في تأسيس قواعد الأمن، داخليا، وعلى الحدود، مع الدول المجاورة، والتي تزيد في مجملها من جميع الجهات، على أكثر من 6 آلاف كيلومتر مربع، يقدر إجمالي الحدود البرية منها بنحو 4 آلاف كيلومتر، والبحرية تزيد على ألفي كيلومتر، ومع هذا النمو والمساحة كان الوطن وأبناؤه يحتفلون على طريقتهم بيوم التوحيد.

ومنذ التأسيس عمد الملك عبد العزيز، إلى تأسيس جيش نظامي، يضاهي الجيوش في التنظيم، والتسليح، وكان لاتفاقية تسليم جدة عامل مهم في تكوين النواة الأولى للجيش السعودي، على أثر ما تم حصده، من معدات وتجهيزات عسكرية، من بينها طائرات حربية ألحقت بمفرزة جدة العسكرية، فكانت هذه نواة الطيران الحربي، وبعد خمس سنوات من هذا التاريخ أسس الطيران المدني، إضافة إلى نحو 4 بواخر تمت الاستفادة منها لحماية البلاد، وفي عام 1344هـ، أعاد الملك عبد العزيز تنظيم الحاميات الموجودة سابقا في الحجاز، فصدر تشكيل مفرزة ينبع، من قسم مدفعية وقسم رشاش، وحامية جدة بتاريخ 1345هـ، بينما شكلت في الطائف حظيرتا مدفعية ورشاش، في حين انتدب إلى جدة ضابط وجنود للبحرية، وضابط أسلحة وضابط طيران، وتم ربطها بالملك عبد العزيز.

وهنا يقول الدكتور أنور عشقي، الخبير الاستراتيجي والعسكري السابق، إن وضع الرتب على ما هي عليه الآن في شكل «8» كان بمحض الصدفة، إذ كان يعمل في المملكة بعد التوحيد خبراء بريطانيون، لتدريب الأفراد وصف الضباط، ووضعت هذه الرتب للأفراد، وتم الرفع بها في حينه للملك عبد العزيز، فاعتمدها مباشرة، لتكون في ما بعد الشكل الذي هي عليه الآن.

وأضاف عشقي، أن طرق الفرح والابتهاج باليوم تختلف من زمان ومكان، «فكنا نحتفل في العسكرية باليوم الوطني من خلال الالتقاء مع القيادات العسكرية، ومنها الأمير سلطان بن عبد العزيز، الذي كان حريصا على هذه الزيارات لجميع القطاعات والوحدات العسكرية، وكان يتحدث بصراحة معهم، ويروي كيفية بناء وتأسيس المملكة، ومواقفها مع الأشقاء، والدول الصديقة، ويعمق من خلال لقاءاته في هذه المناسبة الروح الوطنية بين المنتسبين في القطاعات العسكرية، وشحذ الهمم للدفاع عن البلاد تحت أي ظرف، وفي أي زمان».

وهنا يقول العميد متقاعد خالد العاكور، قائد لواء الملك سعود في القطاع الغربي، إن الرتب العسكرية في الوطن العربي، لم تكن موحدة، في السلم الوظيفي، والأسماء التي تطلق عليها، إلى أن اجتمعت الجامعة العربية، وتم الاتفاق مع جميع الأقطار على توحيد الرتب ومسمياتها، ومن تلك اللحظة توحدت الرتب، إلا أننا في المملكة نختلف عن الكثير من الدول في شكل الرتبة العسكرية للأفراد.

وأضاف العاكور، أن الاحتفالات باليوم الوطني في السابق، لم تكن على هذا النحو، وإنما بالالتقاء مع القيادات العسكرية، وسماع القصائد الشعرية الوطنية والحماسية، ناهيك عن بعض التوجيهات بين الضباط في إعادة سيرة المؤسس بين الأفراد والمنتسبين للقطاع حديثا، مشيرا إلى أن اليوم هو حكاية لا يمكن تكرارها، بجميع أبعادها، أن يتولى ويأخذ رجل على عاتقه توحيد هذه المساحة وإخراجها مما كانت عليه، تلك حكاية لا تتكرر إلا بتكرار الأبطال.

وبين العميد متقاعد، خالد العاكور، أن عدد الضباط في تلك الحقبة كان قليلا، مقارنة بما نعيشه في الوقت الراهن، وهذه القلة جعلت للضابط حظوة في المجتمع، وكان يستقبل لدى وصوله إلى البلاد، إضافة إلى تناقل أخباره عبر وسائل الإعلام المقروءة والمرئية، مشيرا إلى أنه تسلم قائد كتيبة في تلك الفترة برتبة رائد، وهو ما لا يحدث في الفترة الحالية.