اليوم الوطني.. من حاجز الصمت إلى «كرنفال» لوحات مبهجة

نتيجة زيادة الوعي بين القطاعين الخاص والحكومي والمواطنين

TT

في السابق، لم يزد دور المواطن السعودي على مجرد متلق لذكرى اليوم الوطني دون أدنى مشاركة في إحيائه، وخصوصا أنه كان بمثابة متفرج على شاشات التلفاز أو مستمع للمحطات الإذاعية التي اكتفت في فترة من الفترات بسرد تاريخ المملكة العربية السعودية وعرض أبرز الإنجازات فيه تتخللها بعض الأغاني الوطنية، فضلا عن تذكير طلاب وطالبات المدارس بهذه المناسبة شفهيا ضمن إطار النمطية التي جعلت من الاحتفال به «صامتا» للغاية.

وبشكل غير اعتيادي، تفجر حاجز الصمت لتخرج عنه لوحات مبتهجة تزينها الروح الوطنية كي تطال كل ركن من أركان مدن السعودية، وجميع الأماكن العامة وحتى داخل المنازل، وسط أجواء شبيهة بـ«الكرنفالات» في محاولة منهم لتقدير هذه المناسبة التي أصبحت محط اهتمام من الجميع ينتظرونها من العام للعام.

ويرى الأمير عبد الله بن سعود رئيس اللجنة السياحية في الغرفة التجارية الصناعية بجدة، أن زيادة الاهتمام باحتفاليات اليوم الوطني جاءت نتيجة زيادة الوعي المشترك بين كل من القطاعين الحكومي والخاص في ما يتعلق بالوقوف عند اليوم الوطني وتذكر الإنجازات والتحول الكبير الذي شهده تاريخ السعودية.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «مما لا شك فيه أن اليوم الوطني يستحق منا التأمل في ما حصل به واسترجاع أحداثه التاريخية والأسباب التي أدت إلى عز وتمكين السعودية وقيادتها للعالم الإسلامي»، مبينا أن كل ذلك لم يأت من فراغ وإنما كان نتيجة تراكم إنجازات وعمل رجال بقيادة مؤسس المملكة الملك عبد العزيز.

وأشار إلى أن الاحتفال باليوم الوطني في السابق كان لا يتعدى الجهود الفردية من قبل كتاب أو مثقفين أو غيرهم، وذلك بسبب عدم اهتمام الجهات الرسمية بالوقوف عند هذا اليوم وحث الجميع على تدبر ما حصل والاستفادة من التجارب والعمل الذي وصفه بـ«العظيم» من قبل مؤسس السعودية.

واستطرد قائلا: «ما يحصل الآن من احتفالات هو الصواب، وخصوصا أن اليوم الوطني بات يمثل بالنسبة للمواطن علامة فارقة وتاريخا يستحق الوقوف عنده وسرد تفاصيله لأطفال اليوم وشباب المستقبل»، مؤكدا في الوقت نفسه على تكاتف الجهود بين القطاعين الحكومي والخاص والمواطنين من أجل إعطاء هذا اليوم حقه.

الاحتفال باليوم الوطني في الآونة الأخيرة لا يقتصر على الابتهاج وإحياء ليلته في الأماكن العامة فحسب، بل إنه تعدى ذلك ليطال كل وسيلة اتصال إلكترونية كانت أو غيرها، من ضمنها تقنية الـ«بلاكبيري» ومواقع التواصل الاجتماعي الإلكترونية، وذلك من أجل التعبير بشتى الطرق عن فرحتهم بوطنهم.

هدير السليماني، إحدى طالبات المرحلة الجامعية، ذكرت أن ثقافة الاحتفال باليوم الوطني لم تكن موجودة في السابق، حيث إنها لا تتذكر خلال مراحل دراستها الأولى أي وسائل تثقيف من قبل معلماتها حول القيام بذلك، وإنما كان لا يتعدى استغلال حصص النشاط في سرد تاريخ المملكة فقط، أو التنويه عنه عبر الإذاعة المدرسية في الصباح.

وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «اختلفت الأمور كثيرا في الوقت الحالي، ويبدو ذلك واضحا من خلال ما تخبرني به شقيقتي التي ما زالت على مقاعد المرحلة المتوسطة، من حيث الأنشطة المنظمة داخل مدرستها، أو حتى الحفلات الخاصة التي عادة ما تجمع بينها وبين صديقاتها خارج أسوار المدرسة».

وفي ما يتعلق بتغير أنماط الاحتفال باليوم الوطني، يرى ممدوح أبو الخير ابن الحادي والعشرين ربيعا، أن ذلك مرتبط بتوجه الجهات المعنية، من ضمنها وزارة التربية والتعليم ووسائل الإعلام وغيرها.

وأضاف أنه «باتت الجهات المعنية أكثر وعيا بهذا اليوم، وهو ما انعكس علينا كمواطنين في ظل احتياجنا لإتاحة الفرصة أمامنا من أجل الاحتفال باليوم الوطني، وخصوصا أنه في السابق كنا نتعرض لمخالفات مرورية بمجرد التجمهر في الشوارع والطرقات».

في حين أوضحت سلوى السريحي، المرشدة الطلابية في إحدى المدارس الأهلية بجدة، أن الاحتفال باليوم الوطني بات أمرا إلزاميا يتم تعميمه على جميع المدارس من قبل وزارة التربية والتعليم، مشيرة إلى أن هذه الخطوة تعتبر إيجابية في ظل احتياج طلاب وطالبات المدارس لزرع ثقافة الإحساس باليوم الوطني والشعور بأهميته.

وقالت في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «إن قرار منح إجازة رسمية لقطاع التعليم وجميع القطاعات الأخرى في اليوم الوطني ساهم أيضا في زيادة إبراز مظاهر الاحتفال به، إضافة إلى أن اقتراح فعاليات موحدة لتنفيذها من قبل المدارس كان سببا في وضوح صور ابتهاج الطلاب والطالبات بهذا اليوم».

ولفتت إلى أنه في العام الماضي قامت وزارة التربية والتعليم بتوحيد فعالية على جميع المدارس بجدة لتنفيذها في وقت واحد، والمتمثلة في إطلاق مجموعة من البالونات باللونين الأبيض والأخضر من أعلى مباني تلك المدارس، الأمر الذي جعل مظاهر الاحتفال باليوم الوطني تصل إلى السماء.

صدور قرار منح جميع القطاعات العاملة في السعودية إجازة في اليوم الوطني، كان سببا أيضا في وضوح مشاركة الشعب وإظهارهم لروحهم الوطنية بشكل أكبر، ولا سيما أنهم باتوا يكسرون روتينهم في هذا اليوم من خلال القيام بأمور جديدة ومختلفة عن بقية المناسبات الأخرى.

خالد العلي، أحد طلاب المرحلة الجامعية، أفاد بأن هذه المناسبة في السابق لم تكن سوى مجرد يوم يقضيه السعوديون في أعمالهم أو مدارسهم أو جامعاتهم كباقي أيام السنة، مكتفين بسماع بعض الأشعار والأغاني الوطنية في الراديو أو مشاهدة بعض المسلسلات والبرامج الوثائقية التي تحكي تاريخ هذه الدولة.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «منذ أن منحنا خادم الحرمين الشريفين إجازة اليوم الوطني، اختلف الحال في ظل تحول فكر السعوديين إلى كيفية المشاركة في إحياء هذه الذكرى وغرس مفهوم اليوم الوطني داخل نفوس أبنائهم».